بين فترة واخرى تصدر افكار وتصريحات من بعض العاملين في الحقل السياسي تدعو الى الاستثمار في الخارج من بناء محطات توليد الطاقة الكهربائية في بلدان الجوار للخلاص من الازمة المتفاقمة مرورا بتشييد السدود لتخزين المياه ونحن نواجه سياسة التعطيش واخيرا بناء مصاف لتكرير النفط ..
الواقع ان الاستثمار في الخارج مسالة طبيعية ليس فيها خللا وسبق للنظام السابق ان استثمر في جنوب شرق اسيا والسودان , وانبوب النفط الى ميناء ينبع السعودي وغيرها وضاعت هذه الاستثمارات ولكن لم نعد نسمع عنها شيئا وراحت ” الصاية والصرماية “مثلما يقال لاسباب مختلفة , وربما سنقع في نفس المطب ما دامت الحكومة هشة وتتجاذبها عوامل شتى ليس من بينها الاجماع على المصالح الوطنية العامة , وليس بمقدورها الحفاظ على ثروات شعبنا …
يضرب الداعون الان مثالا على ان العديد من الدول لديها استثمارات في خارجها , فايران لديها مصاف خارجها والسعودية ايضا وامريكا تمتلك هي الاخرى استثمارات .., وهذا صحيح ولكن هذه البلدان مستقرة سياسيا واقتصاديا ومتمكنة من الدفاع عن استثماراتها وحكوماتها قادرة على حماية ممتلكاتها وحقوقها .
المهم قبل هذا وذاك اليس الحاجة تمس لأنشاء المصافي في داخل البلد ولعوامل اقتصادية موفرة للوطن في الاساس , كي تتمكن الحكومة من انهاء استيراد المشتقات النفطية التي تكلفنا الان ما لا يقل عن اربعة مليارات دولار سنويا وتوفير فرص عمل للشباب العاطلين , من العمال والفنين والمهندسين وانتشالهم من الحال المتردي والانحراف , وبالتالي تنشيط وتفعيل القطاعات الاقتصادية المختلفة بدلا من هدر الموارد في غير محلها في الحال الحاضر .
ثم تكرير النفط في داخل البلاد يساعد على نهضة قطاعات اخرى تدور عجلتها بشكل مباشر وغير مباشر وتنمية الموارد المالية للخزينة , ليس من الصحيح باي شكل من الاشكال التوجه لبناء المشاريع الاقتصادية في الخارج قبل تحقيق الاكتفاء الذاتي اكثر جدوى من منتجاتها اولا .
كما ان هذه المشاريع ستكون عرضة للتقلبات السياسة في البلدان التي ستنشأ فيها وطبيعة العلاقات معها , فيمكن ببساطة ان يتم الاستيلاء عليها , بل بيسر وسهولة , ويمكن ان تكون بسبب تصريح او موقف لا يعجب ذاك البلد وتصادر في وضح النهار, فمثلا المصفاة المقترحة في طرابلس – لبنان ,هل الوضع مستقر في هذا البلد الشقيق وهل سدد فواتير النفط المرسل اليه ؟ كما ان تركيا اذا كانت حريصة على التعاون المتكافئ فلماذا لا تحترم حق العراق في المياه ام ان البعض يسعى لتمكينها اكثر من التحكم ببلادنا ؟
ان هذه الافكار بإقامة مشاريع في الخارج هي خطوات سياسة مهما حاول المسؤولون تغليفها بسلفان الاستثمار , الجدوى الاقتصادية تؤشر اذا ارادوها ان يكون اولا على الارض العراقية وبمشاركة الرأسمال الوطني والامكانات الوطنية وما بعد بناء حكومة قوية يمكن التفكير في مثل هذه المشاريع .