لم يعلنوا ولم يصرّحوا عرب كركوك < وهم الشريحة الأكثر عددا في المدينة > بأنّ كركوك محافظة عربية , وكذلك الأمر بالنسبة لتركمان كركوك , فلم يصدر منهم ايّ هتاف او شعار بأنّ كركوك تركمانية , ولا الأقليات الأخريات , وذلك كأدراكٍ راسخ لمتطلبات التعايش السلمي لكل المكونات والقوميات , والكل يهتفون ” كركوك مدينة عراقية ” .
وفي استمرارية بذل مساعٍ واسعة النطاق لتقليص فجوة الإضطرابات الأمنية في هذه المدينة في محاولةٍ جادّة لإنهاء الأزمة , فقد انطلقت هتافاتٌ مدوية من البيشمركة تعلن أنّ < كركوك كردستانية > وفي حديثٍ حديثْ ذي صلة فقد تلقّفت منصات التواصل الأجتماعي تصريحات مستشار رئيس حكومة الأقليم السيد ” كاروان محمد ” يدعو فيها للتظاهر ضد الحكومة المركزية ويصف العراق بالمحتل .!
مثل هذه التصريحات والهتافات لها ما لها من بعض الأبعاد المتباينة , فإنها اولاً من المحال أنْ تُخرج مدينة او محافظة من سيطرة الدولة المركزية , ومن ثُمّ لتسليمها الى احدى القوميات اوتوماتيكياً او مجاناً او حتى رغماً عنها , ثُم انها تصبّ وقوداً اضافياً على النار وبكميات كبيرة , اذ ُيلاحظ أنّ هذا التصعيد المفاجئ جاءَ سريعاً بعدما هدأت الأزمة وانسحب المتظاهرون ورفعوا خيمهم , وخصوصاً بعدما حسمت المحكمة الأتحادية الأمر بعدم جواز تسليم المقرات العسكرية للدولة الى الحزب الديمقراطي الكردستاني , وهذا ما دفع الأستاذ مسرور البرزاني ليصف قرار المحكمة الأتحادية بأنّه ” مهزلة ” , ويقيناً لو أنّ ايّ مواطنٍ عراقي مهما كان موقعه استخدم هذا التعبير ضد المحكمة الأتحادية , لكان مرمياً خلف قضبان السجن .!
ولم تصدر من ” الإتحاد الوطني الكردستاني ” ايّة اشارةٍ مماثلة لذلك “
هنالك ادراكٌ كامل في المنطقة وخارجها أنّ الخلاف المتجذر بين الحزبين الكرديين قدره ان لا ينتهي , ولأسبابٍ جمّة , واحدى هذه الأسباب الستراتيجية يتمثّل في الصراع التأريخي بين الدولتين غير العربيتين المجاورتين للعراق , مع دينامية دور الولايات المتحدة في إذكاء ذلك .. من المفارقات في هذا الشأن أنّ كلّ هذه الأطراف المتنازعة – المتصارعة يدعون في الإعلآم الى ضرورة اللجوء الى لغة الحوار, بينما يزرعون الألغام السياسية لعرقلةٍ مسبقة للحوار.
العراق مبتلى بالأمراض والفيروسات السياسية والحزبية , إلامَ حظر ال Mask – قناع الوقاية والكفوف ووسائل العلاج الأخرى , فلا لمحة ولا ومضة بشائرِ خيرٍ في الأفق يمكن تصوّرها او افتراضها من خلال المتغيرات الدولية والأقليمية , وكأنّ الرهان فقط على عدم سكب مزيدٍ من الزيوت على السِنة النيران .!