التنوير مصطلح نشأ في فرنسا قبل ثورتها المعروفة , وله رموزه من المفكرين والفلاسفة والمبدعين , وبموجبه إنتقلت البشرية إلى عوالمها المعاصرة , وقد ظهر والكلمة تعني العمل أو تخبرنا عن عمل , فكان تثويرا لواقع يسعى لإنجازية ذات قيمة حضارية.
وفي مجتمعات الأمة إنطلق التنوير منذ بداية القرن التاسع عشر , ولا زلنا نتمنطق به , وما تحقق ما يجب أن يتحقق بموجبه , ووجدتنا نزداد تقهقرا وإمعانا بنكران ذاتنا ومسخ هويتنا , وتدحرجنا على سفوح التبعية والشعور بالدونية , ونرفع رايات التأخر وفقدان القدرة على التفاعل الإبداعي الأصيل مع العصر.
كما أن المجتمع إندحر في كينونات تجاوزتها الدنيا , وغطس فيتوجهات مؤدينة ذات نوازع عدوانية على الدنيا والدين.
وهنا ينهض سؤال أين التنوير وما معناه وقيمته , ولماذا أصبح مصطلحا مبهما يفيد التفاعل السلبي مع التحديات؟
ويبدو الجواب واضحا , بأن العمل في ديارنا كلام وحسب , أما روح العمل والجد والإجتهاد والعزيمة والإصرار فبلا دور , فالفعل كلام , ولهذا المنابر الإعلامية تزدحم بالكلام الخالي من الفعل الجاد والمؤثر.
وتجد المتسلطين على البلاد والعباد يقومون بأفعال مخالفة للمواثيق والحقوق الإنسانية , والمقهورين يتفاخرون ويتنافسون بالكلام الموسوم بالتشكي والتظلم , والتهكم والتهجم , والفاعل فيهم يواصل فعله , وكأنه يقول دعهم يتكلمون وعلينا بالعمل فلا قيمة لكلامهم , فالديمقراطية أن تتكلم وكفى الله المؤمنين شر القتال , إنها من وسائل أضعف الإيمان.
فهل سيغير الكلام ما تأتي به الأيادي وتفعله النفوس الأمّارة بالفساد؟
فأين التنوير؟
إنه تعثير وتدمير وتخوير , ومَن في الكرسي يتعبّد في محراب السلب والنهب ويسبّح بإسم الفساد , والدين وشاح أمين , ما دام القطيع راتع مستكين!!
فلتتكسر الأقلام وينتفي الكلام , أنه محض كلام , فالخائن إمام!!