ليس هنالك من شّك في أنّ المؤشرات والمعايير التي تستخدم في قياس مستوى الأداء الاقتصادي في البلدان المتقدّمة والمستقرّة اقتصاديا , تختلف عنها في البلدان المتخلّفة وغير المستقرّة اقتصاديا أو المدمرّة بسبب الحروب , فبلد مثل العراق انهكته ثلاث حروب مدمرّة وحصار اقتصادي استمرّ لأثني عشر عاما وديون خارجية بعشرات المليارات وبنية تحتية محطمّة بالكامل , وتشوّه في بنية الاقصاد والعلاقات الاقتصادية , لا يمكن اعتماد ذات المعايير التي تستخدمها المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية في قياس مستوى الأداء الاقتصادي , فبكل تأكيد أنّ قياس مستوى الأداء الاقتصادي في العراق يعتمد على :
أولا – مدى نجاح الدولة في إعادة البنى التحية المدمرّة بسبب الحروب .
ثانيا – قدرّة الدولة في النهوض في تقديم الخدملت العامة كالصحة والتعليم والكهرباء وغيرها .
ثالثا – مدى نجاح الدولة في تحقيق النمو الاقتصادي في القطاعات الاقتصادية الأخرى غير النفط كالصناعة والزراعة والسياحة .
رابعا – مدى نجاح الدولة في معالجة البطالة المتفشيّة في المجتمع .
خامسا – مدى نجاح الدولة في تحسين المستوى المعاشي للطبقات الاجتماعية الفقيرة والمسحوقة .
سادسا – مدى نجاح الدولة في تنويع مصادر الدخل من غير النفط الذي يشكل 95% من اجمالي الإيرادات العامة للدولة .
سابعا – قدرة الدولة في السيطرة على أسعار الصرف والأسعار العامة والحد من مستويات التضخم المرتفعة .
هذه هي أهم المؤشرات التي يمكن من خلالها قياس مستوى الأداء الاقتصادي الحقيقي للدولة , فيا ترى هل هذه هي نفس المؤشرات التي اعتمدها معتمد المرجعية الدينية السيد أحمد الصافي في خطبة صلاة الجمعة والتي اشاد فيها بالنهج الاقتصادي للدولة ؟ أم أنه اعتمد على معايير أخرى لا نفهمها ؟ فلا أحد ينكر أنّ الدولة استطاعت زيادة الانتاج النفطي وبالتالي زيادة الإيرادات العامة للدولة , لكنّ هذه الزيادات الكبيرة في الإيرادات التي يفترض أن تستخدم لإعادة البنى التحتية المدمرّة وبناء القاعدة الاقتصادية السليمة , ذهبت أدراج الرياح من خلال الفساد المالي والإداري والسياسات الاستهلاكية المنفلتة والتي تعتمد على استراد كل شيئ من الخارج .
فلا اعتقد أنّ سياسات الدولة الاقتصادية تستحق الإشادة يا سماحة معتمد المرجعية الدينية , ولو أنّك قد سألت أهل الخبرة لنصحوك بانتقاد هذه السياسات الفاشلة وليس الإشادة بها .