23 ديسمبر، 2024 11:00 م

مهزلة تظاهرة البصرة

مهزلة تظاهرة البصرة

جبن – ذلة – خنوع – من غالبية الشعب – عمالة مأجورية – سرقة نهب سلب – من الحكومة والمسؤولين
كيف ترجو من شعب تعود ان يعيش خانعاً ذليلاً وتطلب منه ان ينتفض ويثور ؟ لازال خائفاً حتى من خياله الذي يرافقه ، رغم أنه يحلم بالحرية … إلا أنه لا يعرفها ولا يعرف ماذا تتطلب منه الحرية من تضحيات ، وماذا تحتاج ان  يقدم في سبيلها … إذا كان عاجزاً حتى من قول الكلمة الصريحة وهي ” أضعف الأيمان ” ، اليوم 16 /7/2013 في تمام الساعة الواحدة ظهراً عرضت قناة الشرقية تظاهرة قامت بها مجموعات محدودة من شباب مواطني محافظة البصرة – العراق – تقودهم : ” منظمات المجتمع المدني ” في البصرة ، والتي لا تخلو هذه المنظمات من التبعية والأنتماء الى رؤوس ” السلطة والنفوذ ” في العراق ، كان الهدف من هذه التظاهرة : من خلال اللافتات التي حملها المتظاهرون والشعارات التي أطلقوها … ومن خلال بعض لقاآت كانت قد أجرتها قناة الشرقية مع بعض المتظاهرين ( المسؤولين ) هو فقط وفقط وفقط : مطالبة الحكومة المحلية لمحافظة البصرة ” بتوفير الكهرباء ” وليس غير الكهرباء ( كما عبر عنه أحد المتظاهرين في أحد هذه اللقاآت ) وفي لقاء آخر مع مواطن آخر  ” كانت إحدى المواطنات اللائي شاركن ( كما هو ظاهر ؟ ) بهذه التظاهرة ، قالت حرفياً :: ( إننا لم نتظاهر ضد الدولة أو ضد الحكومة ؟ … إننا خرجنا نطالب الحكومة ” حكومة البصرة ” بتوفير الكهرباء ؟ ) وفي لقاء آخر أيضاً كان مع مواطن آخر ( وهذا أقوى من الآخرين ) قال فيه : ( إننا نتظاهر اليوم وسوف نعتصم غداً أذا لم يوفروا الكهرباء … إنهم يعطونها لنا لستة ساعات أو سبعة ساعات ، نريدهم أن يزيدونها قليلاً ) كان هذا الأخير في أقوى تصريح له .
يعتبر مناخ محافظة البصرة في فصل الصيف من أشد الأجواء والمناخات حرارة مصحوبة برطوبة مقارنة بباقي محافظات العراق بسبب أطلالتها على ” شط العرب ” من جهة الشرق وعلى البحر من ناحية دولة الكويت ” جنوب شرق البصرة ”
رغم هذه الحرارة الغير عادية ورغم صيام المجتمع المسلم في هذا الشهر الفضيل ” شهر رمضان ” ومعاناته بالأضافة الى الظروف السياسية والأقتصادية والأجتماعية والخدمية الصعبة التي يعيشها المجتمع العراقي … إلا أنه مع ذلك يرفض أن يصرح ويطالب بحريته بكرامته بحقوقه المسلوبة ، يرفض أو هو يخاف أن يطالب بالتغيير ، لأن الشعب العراقي يعلم جيداً :: ” إن مهر الحرية باهظ ، وثمنها غال مهما كان نوع التضحية والتكلفة رخيصاً ” ولو تمعنا جيداً في مفهوم الحرية لوجدنا أنها مجموعة من الحقوق والواجبات التي يجب على النظام الحاكم أن يوفرها لشعبه كي يعيش برغد وعزة ، في حرية التعبير والكلمة ليعبر عن رأيه بكل وضوح وشفافية دون تقويض أو تقييد لهذه الحرية ، وحرية إنشاء أحزاب سياسية تقود البلاد إلى الرقي في الفكر وتنويع الآراء ، وحرية اختيار الفرد لمن يمثله في المجالس البلدية والتشريعية والرئاسية ليمثل صوته ورأيه الحر ، وحرية التنقل والسفر من أي مكان إلى آخر دون معوقات مهما اختلف توجهه وانتمائه ، وحرية حصول الفرد على عمل يكفل له ولعائلته العيش بكرامة ، وتوفير الأمن والسلم لأفراد المجتمع ، على ضوء هذه الحقوق !! تتم الثورات الأمر الواقعي الذي دفعته وجسدته بعض الشعوب العربية الثائرة بأروع الصور والأشكال ، لتكون مثالاً سامي وقدوة حسنة حية تستقي منها باقي الشعوب العربية المظلومة وتنهل منها روح الثورة ومبادئها المشروعة فجسدت هذه الثورات العربية في سلميتها وأشكالها ومطالبها !! أروع أشكال الحضارة والرقي والتطور ، لأن رفعة الشعوب المهضومة ومكانتها وعزتها ومدى نضجها وحكمتها !! يكمن ضمن التعبير السلمي من صورة التظاهر وتعاملها مع مبادئها وحقوقها المسلوبه المغصوبة ، وصور وأشكال أكثر تضحية أن تطلب الأمر في مراحل التغيير الأخرى ، ومما هو ظاهر وملحوظ في تظاهرة أهل البصرة : أنهم ( لجنة أمن المحافظة ) أشترطوا عليهم ” عدم المطالبة بتظاهرتهم هذه أكثر من الكهرباء ، وعدم المساس بالدولة أو الحكومة ” . تعتبر تظاهرة البصرة اليوم من المهازل الكثيرة التي تعبر بصورة أو بأخرى عن صور ومظاهر الأستهتار والأستخفاف بالشعب ومطالبه .