يعيش العراق فى غيبوبة عما يجرى حوله من تغييرات فى العالم، والسيد علي الاديب – يشعر بنشوة تنزل كالمطرقة على الرؤوس، فهو لا يدرك حقيقة التخلف العلمى والثقافى فى العراق ولا يعرف ، مثالا على ذلك بأن الإصدارات من الكتب والمجلات والصحف فى العراق لا تكاد تمثل 0% من إصدارات دولة غربية واحدة تتشابه ظروفها الاقتصادية مع العراق و أن كوريا الجنوبية قبل عشرين عاما خصصت كل إنفاقها لمدة سبع سنوات للتعليم فقط، فكانت النتيجة ظهور جيل من العلماء قدموا إنجازات علمية حقيقية وسجلوا 1638 براءة اختراع فى المجال الصناعى والتكنولوجى فقط، بينما لم يحقق العراق في عهده الميمون شيئا , ، وطبعا لن تعجب علي الاديب الذي اعتاد على الإدلاء بالتصريحات عن المنجزات والمعجزات التى تحققت فى ميادين البحث العلمى.. والمتمثلة بالتصريحات الوردية فى فضائيات لا تملك حرية الحديث فى مجتمع يكره من يقولون كلمة الحق.
أين العراق ووزيره من الثورة العلمية التى تمثلت فى النزول على سطح المريخ، البعيد بملايين الكيلومترات بالأرض وأين علي الاديب من الثورة العلمية التى أنجزها العلماء فى حل الشفرة الوراثية والتحكم فى الجينات ،و اين رؤيته لحالة البحث العلمى فى العراق وهو ابعد الناس عن ادراكه وتصوره عن البحث العلمي وهو مشغول في حزبه المتخلف واين علي الاديب من التؤهل للدخول فى عصر الثورات العلمية حتى الآن فدخل الفرد فى العراق أقل بكثير جداً من دخل الفرد فى دول الغرب فمتوسط دخل الفرد فى السنة فى سويسرا مثلاً (37 ألف دولار)، وفى أوربا (29 ألف دولار)، وفى إسرائيل (18 ألف دولار) أما فى العراق فإن متوسط الدخل (100 دولار)، وفى نفس الوقت فإن الأمية تجاوزت 90% فى العراق ، وبين السيدات تصل إلى 95% ، فى زمن أصبح العالم المتقدم يقيس الأمية بالقدرة على استعمال الكمبيوتر!
اين فكرعلي الاديب من ان الشباب يمثل أكثر من 50% من تعداد السكان فى العراق، يعانون من البطالة، أو ملتحقون بوظائف لا تتناسب مع مؤهلاتهم العلمية فضلا عن ذلك ان العراق لا توجد فيه قاعدة علمية، ولا إنجازات علمية،حيث نشر ثلاثة ملايين ونصف المليون بحث جديد فى العلم والتكنولوجيا في أنحاء العالم ، وكانت الأبحاث العلمية التى أنجزها العلماء فى فرنسا وإنجلترا وأسبانيا 37% من هذه الأبحاث، وكان نصيب العلماء الأمريكيين 34% منها، ودول آسيا على المحيط الهادى 21%، والهند 2.2% وإسرائيل 1.3% بينما كان نصيب 22 دولة عربية من هذه الأبحاث 0.3%. ومعظم الأبحاث التى نشرها الباحثون العراقيون غير مؤثرة ولا قيمة لها على الخريطة العلمية العالمية، برغم موارده وثرواته وجامعاته ومراكز أبحاثه التى نسمع عنها والوزير فرح لانه اصبح طالبا لنيل شهادة الدكتوراه و مشغول بمؤسسته الاقتصادية ام العقود وهومرأة هذا التخلف .
تسنم علي الاديب وزارة التعليم العالي وهو ابعد الناس عن ادراكها و بالتالي انعكست تصرفاته على مؤسسات التعليم العالي بفقدان حريات الإبداع والابتكار، وانخفاض المستوى الثقافى، والانشغال بالتوافه، ويكفى أن نقارن بين قناته الفضائية وعدد صورة والأبحاث العلمية فى العراق وسنجد أن فضائيته متفرغة للتوافه المتمثلة بالتحدث بعقلية قرن مضى.. أين الحوار حول المستقبل.. أين الاكتشافات العلمية.. أين أجيال الباحثين والعلماء من الشباب رغم توافر الموارد والطاقة البشرية ولكن كما ذكرنا فعدم وجود قاعدة علمية يعوق التقدم، ولأهمية القاعدة العلمية نذكر أن أمريكا احتلت المرتبة الرابعة فى العالم فى البحث العلمى طوال خمسين عاما (من 1901 حتى 1951)، وكانت ألمانيا فى ذلك الوقت فى المرتبة الأولى، وانجلترا فى المرتبة الثانية، وفرنسا فى المرتبة الثالثة، ثم أمريكا فى المرتبة الرابعة.. وبعد الحرب العالمية الثانية وخلال خمسين عاما (من 1948 حتى 2001) أصبحت أمريكا فى المرتبة الأولى بسبب الثورة العلمية التى بدأتها، ولم يحدث ذلك بمعجزات، ولكن حدث بإنشاء قاعدة علمية، حين فكّر الرئيس جون كيندى بالسيطرة على العالم بالقوة التى تكتسبها أمريكا بالتقدم العلمى والتكنولوجى.
الوضع العالمي العلمي يدعوا العراق لليقظة بتعويض مسافة التخلف الواسعة بمنهج التقدم التدريجى، فطريقة السلحفاة لن تنفع ومن مسؤؤلين على شاكلة الاديب نحن بحاجة الى نهضة كما فى ماليزيا التى كانت فقيرة ومتخلفة وتتلقى المنح من الدول العربية، والآن حققت نهضة وثورة ومعجزة. إذن فالنهضة ممكنة لمن تتوافر لديه الإرادة ويعرف الطريق الصحيح. ويضع الشخص المناسب في المكان المناسب
والنهضة العلمية والتطور العلمي تتطلب معايير عدة أولها الإصلاح السياسى، والإصلاح السياسى يؤدى إلى التقدم الاقتصادى، وهما معا قادران على تغيير ثقافة العراق ، والمجتمع يتقدم عندما يكون القانون هو الحاكم للعلاقات والتصرفات، ويحصل كل إنسان على حقوقه دون حاجة إلى المحسوبيات والوساطة والرشاوى، واحزاب متخلفه كحزب الدعوة وغيرها وبهذا يتم بناء الثقة فى المجتمع، ويشعر الإنسان بالانتماء، وتنتهى محاولات البحث عن النموذج من ثقافة أخرى، وأخلاقيات المجتمع المنتج قائمة على الانضباط، والابتعاد عن النميمة، وعدم تضييع الوقت فيما لا يفيد، والقراءة ومتابعة ما يجرى فى العالم من تقدم، والإيمان بالعمل الجماعى، والتخلص من فكرة العبقرية الفردية. والقائد الاوحد كالاديب والمالكي وغيرهم وبناء مستقبل للعراق يتوقف على قدرتهم على وضع نظام تعليم جديد، ومناخ جديد للعلم والبحث العلمى.. وانظروا ماذا فعلت الهند وكوريا الجنوبية وقد أصبحت فيهما قلاع لإنتاج البرمجيات، وإحراز التكنولوجيا التى توصل إلى إنتاج الإنسان الآلى، والعالم متجه إلى التكنولوجيا الحيوية (البيوتكنولوجى) وذلك بعد أن كانت الهند وكوريا من أكثر دول العالم فقراً وتخلفا!.. فماذا يعلم االعراق بقيادة المتخلف على الاديب
أن العقبة الكبرى التى تعوق مشروع النهضة أو التحديث لنقل المجتمع العراقي إلى القرن الحادى والعشرين أن قطاعا غير قليل من القادة السياسيين يعيشون فى الماضى، وابرزهم علي الاديب إنهم لا يدرسون الماضى، ولا يأخذون منه الدروس، ولكنهم يعيشون فيه، يجاهدون لإعادة الحياة كما كانت فى الماضى، وهذا شىء لا مثيل له فى العالم، ففى العراق ما زال الماضى حيا فى الوعى ويختلط بالحاضر وبالمستقبل، والحياة فى الماضى تشدنا إلى الوراء، وتجعل تفكيرنا وحديثنا عن الماضى أكثر من تفكيرنا فى المستقبل وحديثنا عنه، والبعض ينظر إلى المستقبل على أنه استعادة الماضى. أن بعض العقول غير مستعدة لقبول الحقيقة وإدراك أن الماضى مضى، وأن الحاضر يطرح علينا مسائل ومشاكل مختلفة، والمستقبل شىء آخر ظهرت بوادره فى المجتمعات المتقدمة التى استعدت له من قبل وعملت بجد ليكون لها مكان فيه.
أمامنا دول تتسابق على الفوز بموقع متقدم فى العلم، وتجاوزت عصر الذرة، ودخلت عصر الفضاء، والعصر الإلكترونى، وعصر المعلومات، وعصر الفمتوثانية، وعصر الخريطة الجينية للإنسان (الجينوم البشرى) والاستنساخ، وكل هذه الإنجازات تحقق معها تقدم مذهل فى مناهج البحث العلمى، وتوصل العلماء إلى نظريات وقوانين علمية ومواد جديدة ستجعل حياة البشر فى السنوات القادمة مختلفة عما هى عليه الآن. وكل اختراع جديد هو محصلة تقدم فى علوم متعددة، وما يتم من تقدم علمى فى خمس أو عشر سنوات يساوى كل ما تحقق من تقدم علمى عرفته البشرية منذ نشأتها!
والعالم يتجه إلى الانقسام إلى قسمين: قسم ينتج العلم والتكنولوجيا، ويسمح بتصدير بعضها، ويحتفظ بأسرار الباقى، ويستخدم التقدم العلمى للسيطرة وبسط النفوذ، فالعلم قوة. والقسم الثانى يستورد ويستهلك المنتجات النهائية المسموح بها دون أن يكون قادرا على معرفة كيف تم التوصل إليها فضلا عن أن يكون قادرا على إنتاجها !) وبالتالى فإن العالم على وشك أن يشهد مرحلة جديدة من الاستعمار، لن يكون الاستعمار فيها بالاحتلال العسكرى فقط، بل سيكون بالسيطرة على أسرار التقدم العلمى، والمقدرة على إنتاج الأدوات والأجهزة وغيرها من ثمار هذا التقدم العلمى هذا ما يجرى فى العالم الآن، وفى العراق ما زالت المؤسسات العلمية بقيادة الجهلة وانصاف المثقفين كعلي الاديب الذين ينظرون إلى الدنيا على أنها لا تستحق العمل وبذل الجهد، وينظرون إلى الآخرة على أنها هى وحدها المستقبل، وبذلك تركوا الدنيا والمستقبل لغيرهم، وقبلوا حياة التخلف والضعف فى الدنيا.
وبالتالي اصبحت لدينا سياسة علمية بدون إدراك الدور الحاسم للعلوم فى تحديد مكانة العراق على خريطة العالم. وبسبب عدم وجود سياسة لتقدير الاحتياجات الوطنية والموارد البشرية والمالية، فعلي الاديب استسلم لفكرة أن العلوم والتكنولوجيا ليست مجالاً لنا، ومجالنا الشعر والغناء والمهرجانات، والدول الأخرى هى التى تختص بالعلوم، و أن الحديث عن النهضة العلمية ترف وإسراف لا يمثل احتياجا أساسيا لحياة المجتمع، وللحق، هناك إنجازات لبعض علمائنا، ولكنها نتيجة مجهودات فردية وليست نتيجة عمل جماعى مؤسسى، وفوق كل ذلك فإن كثيرا من الشعارات والتقارير والمجهودات المظهرية لم تكن فى الحقيقة سوى استعراضات للاستهلاك المحلى وبطلها السيد علي الاديب الذي يشرف على ظاهرة أخرى خطيرة فى حياتنا العلمية والثقافية هى (خنق الفكر الإبداعى) ويقول: إن التقدم الحقيقى في تصوره يتطلب مشاركة انصاف المتعلمين المتبوعين لحزب الدعوة و مبدأ الحزبية ، وتقاليد البيروقراطية، إو خنق الفكر الإبداعى، وإلى الإحباط لدى أصحاب الفكر واخيرا اوجه سؤالي الى الاديب من الذي ورطك بهذه الوزارة وهل تعرف كيف تبنى القاعدة العلميةو تركيز الاستثمار فى تربية ورعاية الموهوبين.وإنشاء مراكز لشباب العلماء يتوافر فيها مناخ البحث والابتكارو استغلال نتائج الأبحاث العلمية فى تطوير الصناعة والاقتصاد الوطنى وإعادة بناء النظام التعليمى وإشاعة الفكر العلمى ليكون جزءاً من نسيج المجتمع وثقافته، تغيير الروح الفردية إلى روح الفريق فى كل مجالات العمل. المصارحة والشفافية وعدم إخفاء الحقيقة. توجيه الموارد للتعليم والبحث العلمى.. وزيادة وتحسين إنتاج الغذاء، وتطوير العلاج والدواء، وتحسين وتنمية الإدارة ونظم المعلومات..
عندما يكون الرأٍ س يملك ثقافة علمية ويكون الاهتمام بالإنجازات العلمية أكبر من الاهتمام بالإنجازات والانتصارات فى مباريات وحفلات وفضائيات داعية ويسود المنهج العلمى فى التفكير وينتهى التفكير العشوائى. وعندما يتابع العلماء وأساتذة الجامعات والطلبة الجديد فى العلوم وتطبيقاتها فى أنحاء العالم، وتكون قنوات الاتصال مفتوحة على مراكز البحوث فى الدول المتقدمة، وتكون مكتبات الجامعات ومراكز البحوث متابعة لما يصدر فى العالم من كتب وأبحاث ودوريات علمية.. عندما يحدث ذلك سوف تتحقق النهضة الحقيقية والتقدم الحقيقى، ونقف مع دول العالم رافعين رؤوسنا، ونعيش فى القرن الحادى والعشرين. عندئذ لا مكان لعلي الاديب واقرانه