22 ديسمبر، 2024 2:15 م

نفطنا يباع ب 29 دولار وإجراءاتنا دون إصلاحات مؤثرة بالفعل

نفطنا يباع ب 29 دولار وإجراءاتنا دون إصلاحات مؤثرة بالفعل

أعلنت وزارة النفط عن الإحصائية الأولية للصادرات النفطية لشهر كانون الأول الماضي الصادرة من شركة تسويق النفط (سومو) ، حيث بلغ مجموع الصادرات النفطية ٩٩ مليون و٦٥٨ ألف و٧٦١ برميل ، وقال المتحدث باسم الوزارة عاصم جهاد إن المعدل اليومي للصادرات النفطية بلغ ٣مليون و٢١٥ برميل ، أما الإيرادات المتحققة فقد بلغت قرابة ٢مليار و٩٧٣ مليون و٣٠٨ ألف دولار ، وأضاف إن الصادرات من جنوب العراق بلغت ٩٩ مليون و٦٥٨ ألف و٧٦١ برميل ، أما الصادرات النفطية عبر ميناء جيهان فهي متوقفة نتيجة عدم تسليم الكميات المتفق عليها من قبل حكومة إقليم كردستان ( وللشهر الثالث على التوالي ) ، وأشار جهاد إلى إن معدل مبيعات سعر البرميل بلغ ٢٩دولار و٨٣٥ سنت . وان مجموع الصادرات النفطية لعام ٢٠١٥ قد بلغت مليار و٩٦ مليون و٧٧٨ ألف و٨٦٣ برميل بمجموع الإيرادات المتحققة للعام الماضي وبلغت ٤٩ مليار و٠٧٩مليون و١٩٩ ألف و٢٩٧ و١٥ دولار أما معدل سعر البرميل للعام الماضي فبلغ ٤٤ دولارا و٧٤٨سنتا ، وأخيرا فان معدل الصادرات النفطية اليومية للعام الماضي قد بلغ 3,005 مليون برميل ، و صادراتنا النفطية لا تسير باتجاه واحد وإنما بارتفاع وانخفاض .

وبموجب الأرقام التي يعرضها الإعلان الأول لوزارة النفط العراقية لعام 2016 فان بلدنا يعيش أخطارا مالية غاية في الأهمية مما يهدد بعجز كبير في الموازنة لا يمكن معالجته باستخدام الوسائل المتاحة كافة ، فبموجب تقديرات قانون الموازنة الاتحادية التي صادق عليها مجلس النواب بتاريخ 16 / 12 / 2015 ، والتي أحيلت إلى رئيس الجمهورية للمصادقة عليها ونشرها في الجريدة الرسمية لتكون نافذة من بداية العام الحالي ، فان معدل الصادرات اليومية 3,6 مليون برميل يوميا بسعر 45 دولار للبرميل ، بينما تشير أرقام معدل الصادرات اليومية للعام الماضي إنها قد بلغت 3,005 مليون برميل ومعدل الصادرات للشهر الماضي 3,215 مليون برميل يوميا ، ولو أخذنا الرقم الأخير كمعدل لأنه يرتبط بسعي وزارة النفط لزيادة حجم الصادرات من الجنوب نظرا لغياب صادرات الشمال ، فان ما سيتم تصديره في 2016 سيكون بحدود 1,093 مليار بعد اخذ توقفات التصدير المحتملة خلال هذا العام في مواني الجنوب ، ولان السعر الذي يباع به نفطنا بحدود 30 دولار للبرميل فان الإيرادات النفطية ستكون بحدود 33 مليار دولار إذا بقت أسعار النفط على حالها ، علما بان نفطنا لا يباع حسب الأسعار العالمية المعلنة لأنه يخضع إلى خصومات وتمنح حوافز للمشترين .

وتشير الأرقام الأقرب إلى واقع الصادرات النفطية ، إن الإيرادات النفطية المقدرة بموجب قانون الموازنة الاتحادية ستنخفض بمقدار 24 مليار دولار ، ويشكل هذا المبلغ عجزا يضاف إلى العجز المخطط والبالغ 24 تريليون دينار مما قد يعني إن العجز سيكون بحدود 50 تريليون دينار خلال عام 2016 ، وهو رقم مخيف ويعادل نصف النفقات في الموازنة الاتحادية ويضاف لهذا العجز الأجور التي تدفع إلى شركات النفط العاملة بموجب جولات التراخيص ، وحسب مصادر فان قيمة أجورها بحدود 14 مليار دولار والتي سيتم تسديد حصصها لعام 2015 خلال هذا العام من خلال الاقتراض الداخلي والخارجي ، وهذه الأرقام تضع المخطط المالي والحكومة عموما أمام مواقف محرجة وخيارات صعبة لعدم وجود بدائل يمكن الاستعانة بها لغرض تعويض النقص في الإيرادات ، كما إن المشكلة الأكبر إن الظرف المالي الذي يمر به العالم ويتأثر به بلدنا بخصوص انخفاض أسعار النفط غير معروف من حيث المدة الزمنية ، ولعل الأصعب من كل هذا وذاك هو احتمال بقاء الأسعار منخفضة لعدد غير محدود من السنين في ظل عدم انسجام المنتجين وزيادة المعروض النفطي ولجوء الدول المستهلكة إلى حلول أكثر عقلانية ، لأنها تحافظ على معدلات استهلاكها ولم تزيد طلبها على النفط خلال فترة زيادة العرض .

و( لو ) بقيت هذه الأمور على حالها ، فان اقتصادنا سيتأثر كثيرا لأنه غير منتج للسلع والخدمات غير النفطية إلا بشكل محدود ولكنه مرتفعا من حيث الطلب والاستهلاك ، وان ميزان المدفوعات سيصاب بخلل كبير نظرا لاعتماد البلد على الاستيراد التي كانت تغطى أقيامها بالعملات الصعبة من إيرادات النفط ، مما يعني العجز في تمويل الاستيراد بعد استنفاذ الاحتياطيات ، كما إن تمويل النفقات الثابتة للحكومة ستواجه صعوبات وأزمات كبيرة لان الكتلة النقدية المتوفرة سوف لا تستطيع التغطية لمدة مفتوحة فهي قد تكفي لأشهر محددة فحسب ، وبعدها ستكون هناك خيارات ضيقة مثل تقليل الرواتب أو تعويم العملة أو تغيير أسعار الصرف في ظل وجود أسبقيات هي المعيشة ومحاربة الإرهاب ودعم النازحين وترضية الفاسدين ، وهذه الاحتمالات يتم ذكرها بافتراض بقاء السياسات المالية والاقتصادية على حالها ، إذ من الضروري تغييرها بتشكيل جهاز كفوء وفاعل معني برسم السياسات والبحث عن البدائل وإيجاد آليات للنهوض بواقع الاقتصاد العراقي ، وهذا الموضوع سوف لا يجد صدى في التطبيق لان العديد من المختصين طرحوا العشرات والمئات من الحلول قبل سنوات ولم تتم الاستجابة لما قدموه ، وفي أحسن الأحوال تم تشكيل لجان من الحكومة أو الأشخاص المسؤولين عن الأجهزة المعنية بهذه الازمات ولم ينتج شيئا مثمرا عنها بالطبع ، وفي هذه المرة سنقول يجب ويجب تغيير أدوات الحلول من خلال الاعتماد على التكنوقراط في هذه الازمات ولو على سبيل التكليف من دون مناصب وامتيازات .