وصلتني على الماسنجر مؤخرا صورة حزينة التقطت في البصرة قبل أشهرعدة لم يبق من شخوصها ولا معالمها أحد على قيد الحياة إختزلت المأساة العراقية برمتها،اذ كان الشخص الظاهرعن يمين الصورة هو الناشط ورسام الكاريكاتير حسين عادل المدني ،الذي اغتيل مع زوجته الناشطة المحجبة سارة داخل منزلهما برصاص مجهولين ملثمين في منطقة الجنينة وسط البصرة – أكبر محافظة للنفط في العالم وأكثر محافظة بعدد الفقراء والجياع والمحرومين على سطح الكرة الارضية كذلك – بداية التظاهرات في اكتوبر الماضي،الجناة لم يتركوا سوى ابنتهما الصغيرة على قيد الحياة ولا أدري إن كانوا قد فعلوا ذلك عمدا أم سهوا أم لتكون بمثابة رسالة تخويف الى بقية الناشطين المطالبين بحقوقهم المشروعة التي سرقها اللصوص لتضاف الطفلة الجميلة الى سجل طويل وعريض من الأيتام في العراق معظمهم فقدوا آباءهم بسبب الحروب اللعينة ،الانفجارات،الاغتيالات،الالغام والقنابل غير المنفلقة !
أما الشخص على يسار الصورة فكان مراسل قناة دجلة الشهيد بإذن الله تعالى ” احمد عبد الصمد “الذي اغتيل برصاص مجهولين ايضا مع مصور القناة صفاء غالي ، بينما المايك واللوغو الظاهر فيها فيعود الى قناة ” NRT” التي تم إقتحام مكتبها في بغداد من قبل قوة مسلحة مجهولة في 26/ 10/ 2019 ، ومن ثم أصدرت هيئة الإعلام والاتصالات قرارا يقضي بإغلاق مكتبها في بغداد أسوة بثماني قنوات أخرى في 23/ 11/ 2019 لتكميم الافواه ليتم بعدها تسريح جميع العاملين – يعملون بالقطعة – من مكاتبها لينضموا الى صفوف العاطلين حاملين سيرهم الذاتية بأيديهم بحثا عن عمل شريف في مؤسسة إعلامية أخرى لاتلبث أن تغلق أبوابها قريبا جدا لامحالة ومن دون جدوى بغياب قانون حماية الصحفيين الذي ظل كنقابات الصحفيين واتحاداتهم ورابطاتهم مجرد حبرعلى ورق لا أكثر !
وبرغم تشكيل لجان تحقيقية الا أن الحقيقة لم تكشف عن هوية الطرف الثالث الذي إغتال الرسام والمراسل والمصور والناشطة وتسبب بمقتل 650 متظاهرا وإصابة 25 الفا منهم بجروح متفاوتة خلال 3 أشهر من عمر التظاهرات السلمية الحاشدة !
الصورة الثانية التقطت لأبناء شهيد الصحافة احمد عبد الصمد الذي إغتالته يد الغدر والخيانة وهم يقفون أمام صورة والدهم الحنون ببراءة الأطفال وعفويتهم ، أما عني فقد أضفت الثلاثة الى سجل الايتام في العراق ومجموعهم الى قبل استشهاد الزميل احمد (5 ملايين)يتيم ليقفز العدد بتلكم الجريمة النكراء الى خمسة ملايين زهرة وثلاث ورود ولسان حالهم لهف نفسي عليهم وعلى أيتام العراق يردد بيتا من رائعة ” اليتيم”لمحمد حسن علوان :
أنا يا أبي مذ أن فقدتك لم أزل ..أحيا على مرّ الزمان بمأتمِ
أما الصورة الثالثة فكانت لأب يقف أمام نصب ولده الشهيد بإذن الله ، الشاب” عثمان العبيدي “الذي جسد اللحمة الوطنية بأبهى صورها بعد أن ضحى بحياته عام 2005 لإنقاذ من كانوا قد سقطوا من أعلى جسر الائمة بسبب التدافع قبل أن يغرق أخيرا مع المرأة التي كان يروم إنقاذها في المحاولة السابعة نتيجة التعب والارهاق الشديدين،المفارقة أن الصورة لم تنشر من ذي قبل الا أنها غزت مواقع التواصل يوم وفاة هذا الوالد الكريم قبل أيام وإنتقاله الى رب رحيم حيث غصت جنازته بمئات المشيعين الى مثواه الأخير،واللافت أن أحدا من ناعيه ومشيعيه لم يذكره بإسمه قط وإنما ذكروه بـ”والد الشهيد عثمان العبيدي”وهكذا يرفع الله تعالى أسماء الشهداء ومن يبذلون أنفسهم في سبيل الله والوطن وإرساء دعائم الخير والانسانية ليتشرف ذووهم وعوائلهم وأقاربهم بهم في الحياة الدنيا فما بالكم بتكريم الآخرة ،اللهم ارحم شهداءنا وتقبلهم في عليين .
أتمنى من شغاف القلب أن تضاف الصور الثلاث لتصطف مع أشهر الصور في التأريخ وفي مقدمتها “الطفل والنسر”، صورة ” الطفلة الفيتنامية” ، صورة ” زرع قلب” مع تعليق صغير تحتها لتوضيحها أقترح أن يكون “لاَ يَصْلُحُ النَّاسُ فَوْضَى لاَ سَراةَ لَهُمْ ..ولا سَرَاةَ إِذَا جُهَّالُهُمْ سَادُوا” .اودعناكم اغاتي.