التحاليل السياسية بأنواعها لا تتناول جوهر التفاعلات الخفية الجارية بين القوى النووية , التي هيمنت على الدنيا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية , فالأمور تُطرح على أنها حالة أخرى , فالنار تلتهب وتتأجج , والذي نسمعه ونقرأه يتحدث عن دخان.
وهذا ليس تحليلا وإنما أقترابا نفسيا جوانيا , قد يكون مزعجا لياساويته ومأساويته , ولطرحه الحقائق وفقا لآليات السلوك البشري , وما ستنتهي إليه من تداعيات ومصائب لم تخطر على بال التراب ومَن فوقه.
العين النفسية والسلوكية ترى أن الأجواء الفاعلة في العالم تتشابه مع تلك التي سبقت الحربين العالميتين في القرن العشرين , فما كان يدور قبلهما صار يدور اليوم بين دول العالم , وكأن ذات السيناريو سيتكرر , ولكن بقدرات تدميرية غير مسبوقة , وعدوانية شرسة غير معهودة , مما يعني أن النتائج ستكون مروعة , وستتحول العديد من المدن في الدول إلى عصف مأكول بما فيها وما عليها.
قد يقول قائل , ما هذا الكلام , والجواب , أن السلوك البشري لم يتغيير ولم يتطور نحو الأفضل , بل هو محكوم بأدواته الإنفعالية وبعدوانيته , وتهيمن عليه أمّارة السوء الطاغية على العقل وتمتطيه لتمرير تطلعاتها ونواياها الخفية.
والمرعب في الأمر اليوم أسلحة الدمار الشامل التي لا تبقي ولا تذر , فالدول المتأهبة للمنازلة التي باتت قاب قوسين أو أدنى , لدى كل منها ما يفني الأرض بأكملها , فإن تناطحت مع بعضها فالوجود الأرضي سينمحق تماما.
والمحير أن قادة الدول النووية يتحركون بعدوانية متصاعدة , ولا تجد من يحاول إخماد النيران , بل الجميع يسعى لصب الزيت عليها , ولا يُعرف هل أنهم يدركون إلى أين هم ذاهبون , أم أنهم يتخبطون وبعواطفهم وإنفعالاتهم يتفاعلون , وهذا يعني أن النيران ستتسع رقعتها , والفناء سيداهم الدول القوية , وسيزيلها بأكملها من الوجود , والمنتصر الدول الخارجة عن ميادين الغياب.
ووفقا لذلك فالقوى الغربية تسير نحو نهايتها , كأنها جميعها سُكارى , ومتمرغة في غفلة وتيهان لا ترى فيه مرفأ للتفكير والإتزان.
فهل ستجني الدول القوية على نفسها؟
سننتظر , فعجلة الأحداث وتطوراتها متسارعة!!