19 ديسمبر، 2024 1:59 ص

افلاطوني المظهر ملا عليوي الجوهر

افلاطوني المظهر ملا عليوي الجوهر

تذكرنا الحملات الإنتخابية التي شهدها العراق في السنوات الأخيرة بالمقولات والتعليقات الساخرة التي أطلقها عالم الاجتماع الراحل علي الوردي الذي خبر أكثر من غيره طبيعة الشخصية العراقية وإتجاهات المجتمع العراقي المصاب بالإزدواجية والعقد البدوية وبإطار نظرياته فإن البرلمانيين والسياسيين الذي يظهرون على الناس ويتحدثون عن الديمقراطية أو العلمانية أو الإسلام ينطبق عليهم قول الوردي ان ( الواحد منهم افلاطوني المظهر ملا عليوي الجوهر ) .

فهؤلاء الذين يتحدثون عن القانون لا يميزون بين قوانين المحاكم والقانون الذي تعزف عليه المقامات ، وهذا الذي يتحدث عن الأمن و الديمقراطية ليل نهار لا يستطيع إن يظهر إلى الشارع بدون سيارات الحماية ولا يشعر بأنه حر إلا وهو يرى رجال حمايته وحاشيته ينتشرون من حوله ويوزعون بعدالة تامة تحرشاتهم ، وأصبحت آراء أعضاء البرلمان إن البيروقراطية مثل الديمقراطية في هذا الزمان ، وتحولت حرية الرأي إلى صفارات إنذار وأبواق تطلقها في الشارع العام مواكب ( البرلمانيين ) بعد إن غابت أصوات العباد من كثرة المطالبة بأحتياجاتهم في هذه البلاد .

والعجيب إن الكل يرى نفسه رمزا للنزاهة والعدالة ويطبق القانون ، وبالفهلوة والضحك على الذقون صعد نجمهم في البرلمان أو من خلال العقود الوهمية ومبدأ ( شيلني واشيلك ) والمنسوبية والمحسوبية ، وإذا كانوا صادقين فيما يدعون ويتسابقون للبقاء في كراسيهم ويطالبون الشعب بتشديد الولاء لهم فمن حق هذا الشعب المظلوم إن يسألهم ؟ من سرق المليارات ومن باع ضميره الى بعض الدول التي تريد تدمير العراق ومن فضل مكاسبه الشخصية والحزبية على حساب الوطن والمواطن ؟ ومن لم ينجح بمعالجة البطالة والقضاء على الفساد وتوفير الخدمات وكل الموبقات الأخرى التي ألصقت بهم حقيقة وليس بهتانا .

لقد تصدر عمليتنا الديمقراطية برلمان يمثل أحزاب هذا الزمان أقل ما يوصف بعض نوابه بأنهم في برلمان أصبح أضحوكة للعيان ، رقصوا لذاك النظام وتغنوا برموز هذه الأيام وشرعوا لأنفسهم قوانين إختلسوا من خلالها ثروات البلاد .

أصبح الحفاة منهم من أصحاب الثروات والنفوذ ورغم جهلهم ونفاقهم لا يترددون في التصريح لوسائل الإعلام وإبداء الرأي وقضايا الوطن والمواطن والناس تعرف كيف أصبح الجهلة والحفاة سادة وسيدات ينهبون الثروات ويحصلون على الإمتيازات والحصانات لهم ولأفراد عائلاتهم وأبناء عشيرتهم وكلاب حراستهم والدليل إن شعبنا مازال يعاني في كل المجالات وهبط في مستواه المعيشي قرب خط الفقر بينما صعد هؤلاء إلى أعلى مراتب الثراء الفاحش الذي لم يحصل لا في الهند ولا في السند ولم تشهده اليابان أو أفغانستان ، وقالت عنهم منظمة الشفافية العالمية بأنهم يمارسون أغرب السرقات في التاريخ ويعيشون في أعظم فساد في العالم ، ورغم ذلك فإن هؤلاء لا يخجلون ويأملون ويحلمون بالبقاء للأبد على كراسي الفساد ويراهنون على سذاجة الشعب واندفاع البسطاء وخداعهم بشعارات الدين والوطنية والوعود العسلية .

أيها السادة الذي كان يسرقنا نعرف إسمه وشكله وكيف أتى ، ولكننا اليوم نسرق من مئات الأشخاص الذي نحن ساهمنا في رفعهم إلى قمة الهرم السياسي وحين جلسوا عليه بطشوا بنا ونهبوا خيراتنا ، ولعل أكبر دليل على المهزلة إننا حين نعود للعقل ونتأمل كل شخص رجل أو امرأة يجلس الآن على كرسي البرلمان سنعرف هؤلاء من خلال سيرتهم المهنية والذاتية إن أغلبهم لم يقدموا شيئا للعراق ولشعب العراق ولكنك ستجد إن أغلبهم سارع بنهب ثروات البلاد وذل العباد .

رحم الله الفنان العراقي عزيز علي الذي طال ما تندر في منولوجاته الشهيرة في البستان ويقصد به العراق الذي يتعرض دائما لهجمات السراق ووعدنا وكان صادقا في وعده بأننا ( عشنا وشفنا وبعد نشوف قرينا الممحي والمكشوف) وفعلا إننا اليوم نرى من المشاهد ما لا يصدقها الإنس والجان .

[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات