27 يوليو، 2024 3:23 ص
Search
Close this search box.

الضربة الاستباقية….والانزعاج الأمريكي والإقليمي

Facebook
Twitter
LinkedIn

كانت هموم الشارع العراقي المثقلة بلون الدم الذي طبع في مخيلتهم كبيرة جدا,وهم يرافقون الموت كل يوم,تزداد عند كل خطوة يخطوها إنسان المناطق الساخنة,
لا شيء يحجب أصوات الانفجارات,ولا ضل أو حاجز يحميهم من أثارها المدمرة,ولكن شعورهم بأن المنفذون يتجولون بالقرب من بيوتهم,وأماكن عملهم,وفي الساحات العامة,وبسيارات الدولة,شعور مليء بالخيبة والألم والانكسار ,والخذلان جراء تباطؤ الحكومة والقضاء في متابعة تلك الخروقات,
تنبعث فيهم لمحات أمل ورغبة جامحة لرؤية المنقذ الشريف ,الذي لا يسمح بفتح أبواب الجحيم(السجون ومنافذ الاختراق) لمثل هؤلاء القتلة المنحرفين عن الخط والطبيعة الإنسانية السوية,
وقد شهدت ساحة المواجهة مع الإرهاب البعثي,بتضحيات الجنود المخلصين لدينهم ووطنهم وشعبهم,,هؤلاء الأبطال الذين كانوا يحتضنون المفخخات بصدورهم وأرواحهم دفاعا عن الآخرين.
بعد نهاية مذبحة الشيعة التي تلت فشل انتفاضة شعبان عام 1991,جاء احدهم إلى صدام وقال بالصورة سيبقى الحكم يدا فوق يد(وضع اليد فوق الأخرى في صلاة أبناء المذاهب السنية),ثم عاود سيد الأراذل صدام ليصف وينعت عرب الجنوب(سكان الاهوار) بعدة نعوت لا أخلاقية,إضافة إلى سياسته العنصرية الطائفية في إقصاء(العرب الشيعة والأكراد)من المناصب السياسية والمراكز الحكومية والأمنية المهمة والمتوسطة,
ليعطي صبغة طائفية لحكمه,وليضلل مجموعة من شواذ المجتمع, بأنه قائد الضرورة وحامي التفوق المذهبي في العراق,إلا إن سياسته هذه تحطمت على أبواب العلاقات الاجتماعية الرصينة المتجذرة في وجدان المجتمع العراقي بين جميع مكوناته المختلفة(سنة وشيعة عربا وأكراد وأقليات أخرى),
فكانت المصاهرة بين هذه المكونات الاجتماعية المختلفة ,دليل واضح على فشل سياسة النظام البائد في تفتيت اللحمة الوطنية, أو تقطيع أوشاج المجتمع,ولكن بقيت هناك مجموعات من بقايا تلك الثقافة البالية,تعمل بدعم خارجي من اجل إعادة قولبة ثقافة التميز والتفوق والاستعلاء المذهبي,لإعطاء جرعات إرهابية للشارع,لتأجيج الصراعات المذهبية والمناطقية بين عوام الناس,حيث تمكنت الأجهزة الأمنية مؤخرا من كشف مخطط المؤامرة البعثية المدعوم خارجيا,
وكما هو معروف ومعلوم إن عوام اغلب المجتمعات في العالم هي ذات مستويات ثقافية محدودة,ويمكن اختراق بعض أفراده عبر تلك الواجهات الطائفية,
ولكن من جهة ثانية يمكننا الجزم بأن غالبية الشارع العراقي,بما فيهم أبناء المذهب الجعفري (هم أكثر الخاسرين من الأزمات والاضطرابات والإحداث السياسية والأمنية الساخنة,وليس لهم أدنى مصلحة في إشاعة الفوضى والاحتراب الطائفي),
يرفضون أية تصرفات خارجية مشبوهة ,أو داخلية حكومية أو سياسية تهدد وحدة وامن واستقرار بلدهم,وقد عبروا عن رأيهم في ساحات التظاهر العامة وفي جميع لقاءاتهم المشتركة.
لقد مارست الحكومة والأجهزة الأمنية والقضائية العراقية ضرباتها الاستباقية لقوى الشر,استهدفت أوكار الجريمة والإرهاب,وحاضناتها النائمة في بعض الجحور المحصنة(حمايات المسؤولين),وقد عملت بطريقة حضارية لمتابعة ملف نائب رئيس الجمهورية الهاشمي(ومن سوء حظ العراقيين إن حمايات نائبي رئيس الجمهورية كانت متورطة سابقا وحاليا بجرائم إرهابية, مصرف الزوية – كواتم الصوت والعبوات الناسفة), معلنة إن القضاء وحده الحكم في هذه القضية الحساسة,
ولا نعرف حقيقة سببا وجيها لرفض النائب أو قائمته العراقية لهذه الإجراءات,كيف يمكن له وهو قيادي في قائمته أن يلجئ إلى إقليم كردستان,ويرفض العودة إلى بيته ومكتبه, لماذا يرفض المثول أمام القضاء,إن كان بريئا من التهم الموجهة إليه!
الانزعاج الأمريكي والعربي والإقليمي أمر غريب وغير مبرر,لم تكترث الإدارة الأمريكية بحجم الجرائم والانتهاكات المتكررة لبعض أجنحة الظلام المستترة تحت عباءة حكومة المحاصصة,
ولم يعر احد منهم أهمية للاعترافات الخطيرة لمجموعة حماية الهاشمي ,التي راح ضحيتها الكثيرين من الأبرياء من أبناء شعبنا,وركزت مخاوفها حول اختراق السيد رئيس الوزراء للخطوط الحمراء الموضوعة أمامه من قبلهم,وكسره لشوكة التوازنات السياسية القلقة,
فهي تعمل بطريقة المحاور وخطوط الظل,موحية بأنها قادرة أن تلعب بتلك الأوراق في حال تمرد عليهم من يحسبونه رجلهم,
وهكذا كانت تصرفاتهم مع اغلب الدكتاتوريات الصديقة,فمن يقرأ التاريخ جيدا, يجد إنها كانت على الدوام مؤمنة وعاملة ومطبقة لمبدأ الخيارات المتاحة,فضلا عن مواقف وتدخلات بعض الدول العربية والإقليمية بالشؤون العراقية الداخلي كانت فيه بموقف المتفرج من كل الجرائم الإرهابية,بل وفتحت أراضيها وخزائنها مقدمة الدعم اللوجستي والمادي والمعنوي,لقوى التطرف والفتنة الطائفية,راغبة بتغيير خارطة القوى السياسية,
ولهذا قال الشارع ماذا كان يفعل باتريوس والأمريكان مع القائمة العراقية؟
الشعب العراقي وفي ظل النظام الديمقراطي القاضي بفصل السلطات الثلاث(القضائية والتشريعية والتنفيذية)يبحث عن الحقيقة,ولا يريد لسياسة ولغة المؤامرات والتصفيات الجسدية والشخصية والطائفية,إن تعبث بأمنه وسلامة وطنه,
الجميع يرفض سياسة التهميش والإقصاء والاستهداف لأي طرف على حساب طرف أخر,
قضية الهاشمي عليها أن تثبت مبدأ الفصل بين السلطات,
وان ثبت العكس,واتضح إن الأمر مدبر من قبل رئيس الوزراء وهذا شيء مستبعد ,لما فيه من تبعات قانونية وسياسية خطيرة عليه وعلى مستقبله,فضلا عن انه ليس بحاجة لمثل تلك الأفعال,
(فأن كان دكتاتوريا ولديه مليشيات وقوات خاصة وسجون سرية كما يقولون كان يمكن له التعامل مع نائب رئيس الوزراء بطريقة أخرى على غرار كواتم الصوت),
فعلى القانون إن يأخذ مجراه ضد الجميع دون استثناء.
الوطن يسع الجميع ,والسياسة لا تتسع إلا لممثلي الشعب والجماهير,وصناديق الاقتراع هي الفيصل والحَكم في من يحكم البلاد,ورئيس الوزراء الشخص التنفيذي الوحيد في قمة هرم الدولة,وعلى الجميع احترام موقعه وبرنامجه الحكومي ,وان يتعامل مع إخفاقاته عبر الدائرة البرلمانية فقط.
نحن أول القائلين  بأن القضاء سيد السلطات الثلاث,تخضع له عند الضرورات السلطات الأخرى(وهو موضوع مقدم على طبق من ذهب للباحثين في المجالات القانونية والقضائية والدستورية لتوضيح هذا المبدأ-انظر مقالنا المنشور, القضاء والقوانين التشريعية الخاطئة),ولا يمكن لعاقل أن يقبل بتسييس القضاء,وتقليل هيبته أو التلاعب في قراراته,على الهاشمي أن يعود إلى بغداد,وأن يثق بعدالة قضاء بلده,ولا يخاف من السلطة الثالثة ,أو من أي شخص أخر
[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب