27 مايو، 2024 8:18 ص
Search
Close this search box.

إيران تستفرد بالعراق والمالكي يزداد دكتاتورية : التلفيق ضد الهاشمي رسالة للعرب لتخفيف الضغط عن بشار

Facebook
Twitter
LinkedIn

يبدو أنه مع انسحاب القوات الأمريكية من العراق، فقد بدأت إيران تستكمل إنفرادها بالشأن العراقي بكافة مفاصله، وخاصة بعد أن بدأت ملامح أزمة سياسية طاحنة تطل مع تصاعد الانتقادات من معارضي رئيس الوزراء نوري المالكي وغالبيتهم من نواب وساسة قائمة «العراقية» النيابية بزعامة غريمه اللدود إياد علاوي، وزعامات أخرى معظمها سنية. وظهرت أخر هذه الانتقادات في تصريحات شديدة اللهجة خرجت من نائب المالكي في مجلس الوزراء صالح المطلك (من قائمة العراقية) عندما وصف رئيسه في حديث متلفز بـ«أسوأ ديكتاتور شهده العراق الحديث»، وأعقبها بعد ذلك إنتقادات وجهها رئيس البرلمان اسامة النجيفي لدور بغداد «السلبي» من الازمة السورية ومن إنتفاضة الشعب السوري. وكذلك تصاعد مطالبات المحافظات ذات الأكثرية السنية بالتحول إلى أقاليم تخلصا من ظلم الحكومة المركزية وسياسة التهميش والإقصاء التي تمارسها ضد هذه المحافظات.
وفي رد فعل سريع على تصريحات المطلك الذي دخل الى صفوف الفريق الوزاري بتسوية سياسية أشرفت عليها واشنطن عند تشكيل الحكومة الحالية قبل عامين، وجه المالكي رسالة الى مجلس النواب لسحب الثقة عن نائبه الذي دائما ما يجادله ويتشابك معه كلاميا داخل قبة المجلس الوزاري.
رئيس اللجنة القانونية في البرلمان خالد شواني أكد إن «رسالة رئيس الوزراء التي يطالب بها سحب الثقة عن نائبه لشؤون الخدمات صالح المطلك وصلت فعلا الى البرلمان وهي في طور الدراسة والتشاور بين كافة الاطراف النيابية». وثمة تسريبات من المجلس تشير إلى أن مضمون رسالة المالكي تفيد بـ«عدم أهلية المطلك وقلة كفاءته ونزاهته»، الامر الذي دفع احد نواب كتلة المطلك للرد على مضمون رسالة رئيس الوزراء بوصفها «افتراءات تعرض صاحبها الى المُساءلة القانونية»، كما يقول النائب حيدر الملا القيادي في الحزب السياسي الذي يتزعمه المطلك.
الأمر الخطير الآخر الذي تبدو أصابع إيران واضحة فيه، وما أشعل فتيل الأزمة من وجهة نظر المراقبين، صدور مذكرة أعتقال بحق نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي القيادي البارز في قائمة العراقية على خلفية تهم تتعلق بتمويل عمليات «إرهابية» وهجمات مسلحة في العراق – بحسب ما أعلنه مسؤولون ونواب مقربون من الحكومة – الآمر الذي دفع كتلة العراقية إلى تعليق حضورها لجلسات البرلمان.
ويقول النائب حسين الأسدي الذي ينتمي لمعسكر المدافعين عن التوجهات الحكومية، إن «المذكرة القضائية صدرت بعد أعتقال عناصر من الحرس الخاص للهاشمي متورطين بالتخطيط وتنفيذ أعمال عنف بحسب إعترافات أدلوا بها امام السلطات»، وهو ما نفاه مقربون من مكتب الهاشمي. ودفع هذا الجدل دفع مجلس القضاء الأعلى في البلاد الى تشكيل لجنة مكونة من خمسة قضاة للتحقيق في التهم الموجهة ضد حرس نائب رئيس الجمهورية، في خطوة قرأت بأنها محاولة للوقوف على حقيقة الامر ولتبيان الحقائق للرأي العام. ومعلوم أن مجلس القضاء يخضع لهيمنة نوري المالكي من خلال مواقف عديدة اتخذتها المحكمة الاتحادية التي يرأسها رئيس مجلس القضاء إسنادا لمواقف سياسية لنوري المالكي.
أما النائب حيدر الملا، من كتلة «العراقية» أكد إن قرار تعليق عضوية كتلته النيابية جاء بسبب «التمادي من قبل رئيس الحكومة في سياسة الاقصاء والتهميش والتفرد بالسلطة وتسييس القضاء لصالحه على حسابه خصومه وشركائه»
يبدو أن هشاشة الوضع السياسي والإنقسام الطائفي الذي يشهده العراق، تفاقمت فصوله بتراتبية عالية في الايام القليلة الماضية، تزامنا مع إكتمال الإنسحاب العسكري الاميركي من أراضي البلاد قبل أقل من أسبوعين على نفاذ موعد الاتفاقية الامنية الموقعة بين البلدين قبل ثلاث سنوات، والتي نصت على إنسحاب كامل للعسكر الاميركي بنهاية عام 2011.
في ظل غياب التأثير الأمريكي المباشر الذي لن تعوضه الإتصالات الهاتفية والرسائل، التي يوجهها نائب الرئيس الامريكي جو بايدن مسؤول الملف العراقي في البيت الأبيض، بهدف إحتواء نيران الأزمة المستعرة، وفي ظل استفراد إيران بالشأن العراقي من خلال سفيرها الذي تجاوز حدود الأدب واللياقة وتهجم على المملكة العربية السعودية واتهمها بتعويق العملية السياسية في العراق، يبدو أن نوري المالكي سيزداد شراسة وصلفا ودكتاتورية، وتهميشا وإقصاءا للآخرين وبالأخص المكون السني الذي يتعرض للإقصاء والتهميش والاعتقالات العشوائية وممارسة التعذيب مع المعتقلين السنة وإنتزاع إعترافات كاذبة تخدم أهداف إيران في إتهام السعودية ودول عربية بالتدخل في شؤون العراق الداخلية، من أجل قطع أي صلة بين العراق والدول العربية، وبالتالي تفرد ايران بالعراق.
إن الأزمة العراقية الداخلية التي إفتعلها نوري المالكي بتوجيهات إيرانية معلومة، مع الانسحاب الامريكي وترك الولايات المتحدة العراق للسطوة الإيرانية، وإزدياد التذمر الداخلي وبالأخص من المحافظات ذات الأغلبية السنية (الأنبار ، صلاح الدين، نينوى، ديالى) التي بدأت تطالب بالتحول إلى أقاليم، خلاصا من سياسات الحكومة المركزية التعسفية، يتوقع أن تزداد الأزمات الداخلية تفاقما، خاصة إذا ما طبقت التهديدات التي أطلقها نواب في كتلة «العراقية» عندما أشاروا الى ان كتلتهم ستسحب وزرائها من الحكومة في ظل استمرار «التعنت» الحكومي بتجاهل الشركاء.
ليس مستبعداً أن يكون موضوع تلفيق وفبركة التهم الخطيرة الموجهة الى طارق الهاشمي بدفع من إيران في محاولة للضغط على الدول العربية وبالأخص المملكة العربية السعودية والأردن ودول الخليج لتخفيف الضغط عن نظام حكم بشار الأسد الحليف الاستراتيجي لنظام ملالي طهران، إنقاذا له من السقوط، لأن سقوط بشار يعني إنتهاء النفوذ الإيراني في المنطقة. وسيكشف قادم الأيام صحة ما ذهبنا إليه.

* باحث بالشؤون السياسية والاستراتيجية

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب