خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في خطوة إن تم تنفيذها فعليًا فسيتم قلب نظام العالم اقتصاديًا، حيث أعلن رئيس الصندوق الاستثماري الروسي، “كيريل دميترييف”، أنه يمكن إنشاء نظام دفع واحد في إطار (بريكس)، وأن تطوير القطاعات الوطنية لأنظمة الدفع وتكاملها المستدام يُعدّ عاملًا هامًّا في الشراكة الاقتصادية بين دول الـ (بريكس) في مواجهة المخاطر غير السوقية المتزايدة للبنية التحتية للمدفوعات العالمية.
واستضافت “البرازيل”، يومي الأربعاء والخميس الماضيين، القمة السنوية لمجموعة (بريكس)، حيث تبادل القادة وجهات النظر حول القضايا الدولية، والاستجابة المشتركة للتحديات والتهديدات الجديدة، ومشاكل الاستقرار العالمي والأمن الإقليمي.
يُذكر أن “صندوق الاستثمار المباشر” الروسي، بصفته رئيس مجموعة العمل المعنية بالخدمات المالية لمجلس أعمال (بريكس)، كان قد ناقش إنشاء نظام دفع (بريكس)، وتم تلقي الدعم من أعضاء مجلس الأعمال في هذا الشأن.
ووفقًا لـ”دميترييف”، فإن نظام دفع (بريكس) يعمل بكفاءة قادرة على تحفيز التسويات بالعُملات الوطنية وضمان استقرار التعاملات والاستثمارات بين الدول الأعضاء في الـ (بريكس)، والتي تُشكل أكثر من 20% من التدفق العالمي للاستثمار الأجنبي المباشر.
قد يحل الروبل كعُملة للحسابات..
من جهته؛ أعلن الرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”، خلال لقاء مع أعضاء مجلس أعمال (بريكس) و”بنك التنمية” الجديد: “أودُّ أن أنوه بأنه يمكن تحويل العُملة الروسية إلى أي عُملة عالمية أخرى. وبالنظر إلى الوضع المستقر للاقتصاد الكلي في بلدنا، يمكن أن يكون الروبل وسيلة إضافية للحسابات بين بلادنا”.
وكان الرئيس “بوتين” قد أعلن أن الاقتصاد العالمي تضرَّر جراء المنافسة غير المُنصفة والعقوبات الأحادية والحمائية ذات الدوافع السياسية.
دول “بريكس” تقدمت على “G7“..
وفي المؤتمر الصحافي لختام قمة دول (بريكس)، اعتبر الرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”، أن مجموعة (بريكس)، التي تضم “البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا”، عامل استقرار في الاقتصاد والسياسة عالميًا.
وقال “بوتين”: “هذه المنظمة تمثل عامل استقرار معينًا ليس فقط في السياسة؛ وإنما في الاقتصاد عالميًا، لأنها تؤيد انفتاح الأسواق وضد أي نوع من سياسة الحماية الاقتصادية”.
ولفت إلى أن الدول الأعضاء في هذه المجموعة لا تحول هذا التكتل إلى أي حلف مغلق، معتبرًا أن “دور وأهمية (بريكس) سيزدادان بلا شك تزامنًا مع تغير الأوضاع في العالم”.
وشدد الرئيس الروسي، في هذا السياق؛ على أن دول (بريكس) تقدمت، في العام 2019، على مجموعة (G7) للدول الصناعية الكبرى، من حيث حجم الإنتاج الإجمالي الداخلي ومعادلة القدرات الشرائية بنسبة 12%.
وتابع: “وفي العام المقبل ستتغلب (بريكس) على دول مجموعة السبع بنسبة 50 تريليون روبل، من يمكن ألا يلاحظ ذلك ؟.. هذه الحقيقة واقعية وجوهرية في الشؤون العالمية وهي ستزداد”.
إشارات إيجابية لتعزيز التعددية ورفض الحمائية..
كما قال المتحدث باسم الخارجية الصينية، “جينغ شوانغ”، إن الاجتماع الحادي عشر لقادة الدول الخمس أعضاء الـ (بريكس)، بـ”البرازيل”، حقق الأهداف المتوقعة، وأرسل إشارات إيجابية واضحة لتعزيز التعددية، ورفض الحمائية.
وأضاف “شوانغ” – في تصريح خلال المؤتمر الصحافي اليومي بمقر “وزارة الخارجية الصينية”، أمس الأول، أن قادة (بريكس) تبادلوا خلال اجتماعهم في “برازيليا”، بحضور الرئيس الصيني، “شي جين بينغ”، وجهات نظر معمقة حول التعاون بين دول الـ (بريكس) والقضايا الدولية الرئيسة ذات الاهتمام المشترك، وتوصلوا إلى توافق واسع النطاق وحققوا نتائج إيجابية.
وتابع: إن قادة الدول المشاركة أكدوا على رفضهم التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية لدولهم، كما أرسل إشارة إيجابية لتعزيز التضامن والتعاون بين دول البريكس، (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا).
وتضم مجموعة (بريكس) كلًّا من “روسيا والصين والبرازيل والهند وجمهورية جنوب إفريقيا”. وتعتبر المجموعة صاحبة أسرع نمو اقتصادي بالعالم، ويبلغ إجمالي عدد السكان فيها، 2.83 مليار نسمة، “ما يشكل 42% من سكان العالم”.
وتحتل دول (بريكس) 26% من مساحة الأراضي في العالم، وهي تسهم بحوالي 22% من إجمالي الناتج العالمي، وتمتلك احتياطيًّا نقديًّا يفوق 4 تريليونات دولار.
سيضرب الدولار..
تعليقًا على تلك الخطوة؛ يقول الدكتور الجامعي “يوري تفيردوخليب”: “الهدف الرئيس من هذا النظام هو تبسيط التسويات المتبادلة بين دول الـ (بريكس)، ما العُملة التي ستكون فيها التعاملات ؟.. إذا كانت ستجري بالعُملات وطنية، فإن هذا سيؤثر بالطبع على الدولار، وسيضربه. ولكن ربما سيتم استخدام الدولار في هذه التعاملات”.
وأضاف “تفيردوخليب”: “الحديث هنا يدور حصرًا حول الجانب التقني، والذي سيساعد على تسريع وتبسيط التسويات المتبادلة”.
قادرة على منافسة الأحادية القطبية..
ويقول الخبير في الشؤون الإقليمية، الدكتور “وفيق إبراهيم”، بهذا الصدد، تتجه مجموعة (بريكس) بشكل تدريجي إلى أن تأخذ موقعًا أساسيًا في الأبعاد الاقتصادية للعالم، وخصوصًا أنها تمثل 65% من سكان العالم، وهي اقتصادات ناشئة وكل بلد من هذه المجموعة لديه طموحاته التي تبدأ عادة في الاقتصاد، كحال “الولايات المتحدة” وكل دول العالم، إلى أن تنتهي بتثبيت معادلة سياسية تؤكد على الوضع الاقتصادي، لذلك (بريكس) فعلًا قادرة على أن تحقق شيئًا أساسيًا، لأنها موجودة في “أميركا اللاتينية وإفريقيا والصين والهند والحلبة الأوروبية والأوروآسيوية”، ما تشكل منظومة قادرة على منافسة كل الأحاديات القطبية في العالم. و(بريكس) هي ترجمة لسقوط الأحادية القطبية وبناء نظام عالمي جديد.