19 أبريل، 2024 8:22 م
Search
Close this search box.

سؤال تشتعل به “طهران” .. هل الاقتصاد الإيراني أسير العقوبات أم الفساد ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – عبدالرحمن محمد عبدالعظيم :

يعيش الاقتصاد الإيراني، منذ فترة، أجواء مجهولة؛ فذات يوم تُنشر الأخبار عن ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وفي اليوم التالي تتناقل الأوساط الإعلامية أسعار الدولار.

تارة تحتدم مناقشات التضخم، وتارة أخرى تثور المحادثات عن عجز الميزانية، وما تزال هذه المسألة مستمرة. كذلك فإن الفجوة والاختلاف الطبقي، والصراعات بين الأسواق الاقتصادية، والمشكلات المعيشية، وخاصة محدودي الدخل، بجانب الفساد وعدم المساواة، تضع الاقتصاد حاليًا في مواجهة حواشي غير معدودة. ومع الأخذ في الاعتبار لكل ما سبق، فما هو سبب أزمات الاقتصاد الأخيرة، العقوبات أم الفساد ؟.. بحسب صحيفة (المبادرة) الإيرانية الإصلاحية.

حقيقة الفساد الاقتصادي..

حاليًا تكرس “الولايات المتحدة الأميركية” جهودها لتكثيف الضغوط على الاقتصاد الإيراني. وعليه يعزو المنظرون الأزمات الراهنة لتلكم الضغوط، في حين يعتقد خبراء آخرون، أن العقوبات ليست السبب الوحيد في الأزمات الاقتصادية الأخيرة، وهم يقولون: “لا يمكن إنكار حقيقة أن سوء الإجارة وأستشراء الفساد داخل النظام يزيد من وطأة العقوبات”.

وعن فساد النظام، يقول الخبراء: “هي مسألة يمكن العثور على حالات كبيرة منها ببحث بسيط على الإنترنت”.

بالتأكيد تؤثر العقوبات على الاقتصاد الإيراني، ولا يمكن تجاهل هذه المسألة، لكننا نواجه أيضًا حقيقة أخرى باسم “الفساد الاقتصادي”. وحين تتصدر أنباء إختلاس ملايين الدولارات وسائل الإعلام، تثور مسألة عجيبة حيث يثور أهم سؤال؛ وهو يتعلق بتأثير هذه الإختلاسات على الاقتصاد الإيراني.

بعبارة أخرى يمكن القول: مجموع الإختلاسات في الاقتصاد الإيراني، التي نسمع عنها، هل يمكن أن تقضي على الاقتصاد الإيراني بنفس وطأة “العقوبات الأميركية” ؟.. بينما حين ننظر إلى الإمكانيات والفرص الداخلية سوف ندرك قدرة “إيران” على التخفيف من وطأة عقوبات أعداءها بالاستفادة من هذه الإمكانيات، لكن تتوفر هذه الإمكانيات عندما لا توجه الدولة ظاهرة أخرى باسم “الفساد”.

الفساد أقوى من العقوبات الأميركية..

وبمناقشة هذه القضايا أقتنع المحللون، الذين يعزون المشكلات الحالية للعقوبات، ويعتقدون أن سبب الفساد في ظل الأوضاع الراهنة هو العقوبات، أن سوء الإدارة والاستغلال قد يضعف الاقتصاد بنفس مقدار “العقوبات الأميركية”.

وفي هذا الصدد عزا “وحيد شقاقي شهري”، الأستاذ الجامعي والخبير الاقتصادي، الكثير من المشكلات الحالية للفساد والتربح، وقال: “ترجع جذور الكثير من المشكلات والتحديات الاقتصادية الحالية، لأن اقتصادنا يقوم على النفط والتربح، ولا يمكن إنكار ذلك. وسوف تتشكل حين تُدار دولة مدة 50 عامًا بالعوائد النفطية، مؤسسات وهياكل غير منطقية تعتمد على النفط، ونحن لم نطوي (وتلك حقيقة) مرحلة العقلانية”.

وأضاف: “مثل هذه الهياكل والمؤسسات غير العقلانية تستوجب عجز الدولة عن الإصلاح. ويمسى رفع هذه التحديات مستحيلاً، وفي ظل هذه الأجواء تكون العقوبات وسيلة تلقي المزيد من الضوء هذه التحديات وهذا الفشل. بعبارة أوضح تسببت عوائد النفط، خلال هذه السنوات، في التغطية على فشل المؤسسات. أو بشكل أفضل كان النفط الوسيلة للتغطية على إنعدام العقلانية والفساد في كل المجالات. وتسبب وقوع الدولة تحت وطأة العقوبات في توضيح القرارات الخاطئة ونقاط ضعف الدولة بشكل أفضل”.

وعزا هذا الأستاذ الجامعي أسباب الفساد في الدولة بالإعتماد على العائدات النفطية؛ وقال: “عدم عقلانية هياكل الاقتصاد الإيراني، والتي توطدت بشكل أكبر منذ العام 1971، سببها ارتفع سعر برميل النفط من 2 إلى 12 دولار. في ظل هذه الأجواء اكتسبت مؤسساتنا شكل عدم العقلانية”.

الإرتباط بالريع النفطي..

وكان إرتباط الحكومات الإيرانية بـ”النفط” على نحو يوفر أكثر من 40% من ميزانية هذه الحكومات، وعليه يمكن القول، (إذا ما أخذنا في الاعتبار لكل المسائل المذكورة آنفًا)، إن اقتصادنا نفطي. ولنعلم أن ظهور مثل هذه الاقتصاديات لن يؤدي إلا إلى التربح والفساد. لأنه حين تكون المؤسسات غير عقلانية تتهيأ مجالات غياب الشفافية ومن ثم الفساد والتربح والكثير من المشكلات الأخرى.

ويعتقد “شقاقي شهري”؛ أن العقوبات تفضح الأداء الضعيف والفاسد، وأضاف: “الحالات الأخيرة أثبتت أن الفساد والتربح يكشف عن نفسه بشكل أكبر، من أي مرحلة أخرى، تحت العقوبات. وهذا لا يعني إنعدام الأخبار عن الفساد قبل ذلك، ولكن فقط تغطي عوائد “النفط” على هذا التربح والفساد.

وهذا يشبه، على سبيل المثال، المُسكن الذي يُبقي المرض ساكنًا، وهذا السكون لا يعني عدم المرض. من ثم سيكون قرار المؤسسات التي تواجه الفساد خاطئًا، وكما أسلفت لن تسمح عوائد “النفط” باستعراض هذه المشاكل قبل العقوبات، وفي هذه الأجواء يتصور الجميع أن السبب في المشكلات هو العقوبات، لكن يجدر الإنتباه إلى أن الفساد يقوض الاقتصاد بنفس درجة العقوبات.

وتطرق هذا الخبير الاقتصادي، في النهاية، إلى كيفية الخلاص من هذه المشكلات الراهنة، وأوضح: “تجاوز أزمة الفساد التي تسببت في المشكلات الاقتصادية الراهنة، يتطلب القيام بإصلاحات مؤسسية في الدولة، وسوف يُضطر المسؤولين، كلما طالت فترة العقوبات الاقتصادية، لإجراء المزيد من الإصلاحات في الحوزات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وتطبيق الشفافية التي تفرض بذاتها إصلاح القرارات الخاطئة وسوء الإدارة والفساد؛ وهذه المسألة ترتبط بطبيعة فترة العقوبات”.

بعبارة أخرى، لو تستمر العقوبات فسوف يظهر الفساد بشكل أكبر، وحينها لابد من التفكير في إصلاح الأوضاع. يجب أن نعلم: تنعدم إمكانية مواجهة التحديات العملاقة بدون الإصلاح. فالإصلاح والشفافية قد يساعد في السيطرة على الفساد الاقتصادي وتجاوز الدولة المشكلات الراهنة.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب