خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه مما يحدث من جانب الجيش الليبي، وهو أيضًا دليل على تورط “تركيا” في “ليبيا”، كشف تقرير استخباراتي أن رئيس المجلس الرئاسي الليبي، “فايز السراج”، وصل إلى “إسطنبول”، الجمعة، بهدف طلب مزيد من الدعم من الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”.
وقال موقع (Africaintelligenc)، القريب من الاستخبارات الأوروبية والإفريقية، إن “السراج” وصل إلى “إسطنبول”، مساء الجمعة، في زيارة غير مخطط لها؛ تم الترتيب لها من أجل الحصول على مساعدة عسكرية ومالية من حكومة “رجب طيب إردوغان”.
وكان تقرير استخباري آخر، من الموقع نفسه قد كشف، الجمعة، عن توجه تركي لتسليم حكومة “السراج”، في “طرابلس”، دفعة جديدة من الطائرات المُسيرة بدون طيار، في خرق جديد للقرارات الدولية بشأن حظر توريد السلاح إلى “ليبيا”.
وأكد الموقع على أن “أنقرة” تستعد لتزويد حكومة “فايز السراج” بـ 8 طائرات أخرى من طراز (Bayraktar TB-2)، رغم استمرار الحظر على توريد السلاح إلى “ليبيا”؛ الذي فرضه “مجلس الأمن”، منذ 2011، بالقرارين 1970 – 1973.
كما تداولت منصات إخبارية، ونشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي، أنباء حول توقيع “السراج” معاهدة دفاع مشترك مع “أنقرة”.
هذا اللقاء أثار العديد من التخوفات والتساؤلات حول هدفه، ونوع التعاون، وإمكانية عقد اتفاقية دفاع مشترك بين “إردوغان” و”السراج” لضرب قوات الجيش وإعاقتها عن تحرير العاصمة، “طرابلس”، من الإرهاب، خاصة أن هذا اللقاء جاء مفاجئًا، وفي اليوم التالي مباشرة من نجاح الجيش الليبي في تدمير غرفة التحكم بالطائرات التركية المُسيرة داخل قاعدة “معيتيقة” الجوية بالعاصمة، “طرابلس”.
إنتهاء اتفاق الصخيرات..
وبينما يرى عضو المجلس الأعلى للدولة، “عادل كرموس”، أن “حكومة الوفاق” من حقها طلب الدعم العسكري من “تركيا”؛ وفقًا للقرار رقم 2441 لـ”مجلس الأمن”، في عام 2018، يرى الكاتب الصحافي، “عبدالباسط بن هامل”؛ أن “اتفاق الصخيرات” منتهي تمامًا، باعتبار أنه لم يحصل على توافق كل الليبيين، خاصة أن “السراج” لم يلتزم بأي اتفاقيات أو مبادرات ليبية.
التدخل الخارجي سيواجه بانتفاضة شعبية..
ونفى مدير إدارة التوجيه المعنوي في القوات المسلحة الليبية، وآمر المركز الإعلامي لغرفة عمليات “الكرامة”، العميد “خالد المحجوب”، أحقية حكومة “السراج” في الدعم العسكري أو حصولها على شرعية في “ليبيا”.
وأكد على أن أي تدخل خارجي سيقابل بانتفاضة شعبية عارمة في عموم “ليبيا”، وأن أي محاولات تنسيق بين “السراج” مع أي جهة لن يحول دون تنفيذ المهمة الوطنية، وهي تحرير “طرابلس”، وتطهيرها من الإرهاب.
وتُعد “طرابلس”، العاصمة، هي الهدف الرئيس للجيش الليبي، حيث تتضمن العديد من الفصائل المسلحة، والتنظيمات الإرهابية، والسيطرة عليها سيفتح الباب أمام إجراء انتخابات رئاسية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وفقًا لما أكده المشير “خليفة حفتر”، القائد العام للجيش الليبي.
“إردوغان” يعلن دعمه مجددًا..
إلا أن “السراج” يقف أمام هذه المحاولات، بدعم عسكري تركي غير مسبوق، حيث أعلن الرئيس التركي، رسميًا عن دعم قوات “السراج” عسكريًا للوقوف أمام قوات الجيش الليبي، وجدد دعمه، خلال لقاء أمس الأول، بـ”إسطنبول”.
يأتي ذلك في الوقت الذي أعلن فيه المتحدث باسم “منظمة الصحة العالمية” في ليبيا، “أحمد العليقي”، ارتفاع عدد ضحايا اشتباكات العاصمة، “طرابلس”، إلى حوالي 1000 قتيل وأكثر من 5000 جريح، خاصة بعد ما أدى الهجوم على مركز المهاجرين، في “تاغوراء”، إلى مقتل 53 وإصابة 130.
ومنذ وقوع “ليبيا” في الفوضى، عام 2011، تتدفق على ميليشياتها الإرهابية المساعدات التركية والقطرية، من بينها صفقات أسلحة بالمليارات لقتال الجيش الليبي الذي ضبط بعض هذه الشحنات، وأبلغ مراكز صنع القرار الدولي؛ دون توقف من “تركيا” و”قطر” عن ضخ السلاح إلى “ليبيا”.
ومنذ أسبوع؛ طالب البرلمان الليبي، “الأمم المتحدة” و”مصر” – التي ترأس “الاتحاد الإفريقي” – بفتح تحقيق دولي في الإنتهاكات والتدخلات التركية في بلاده.
حزمة قرارات عقابية ضد تركيا..
ومن جانبه؛ أصدر الجيش الوطني الليبي، في وقت سابق، حزمة من القرارات العقابية ضد إنتهاكات “تركيا” في “ليبيا”، أهمها استهداف السفن والطائرات الحربية التركية التي توجد داخل المياه الإقليمية الليبية.
كما قرر الجيش الليبي إيقاف جميع الرحلات الجوية من المطارات الليبية إلى التركية والعكس، والقبض على جميع المواطنين الأتراك داخل الأراضي الليبية.
تهديد تركي بالانتقام..
على إثره هددت “أنقرة” بالانتقام من أي هجوم واقع على مصالحها من جانب قوات الجيش الوطني الليبي؛ بقيادة المشير “خليفة حفتر”، مؤكدة على أن جهود “تركيا” في “ليبيا” تسعى إلى “المساهمة في السلام والاستقرار في المنطقة”.
وكان الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، قد وعد، في 29 نيسان/أبريل الماضي، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، “فايز السراج”، بتسخير كل إمكاناته لدعم الميليشيات الإرهابية.
وأرسلت “تركيا”، 16 أيار/مايو الماضي، طائرة تركية من طراز (Antonov) محملة بطائرات بدون طيار.
كما أرسلت، في 18 من الشهر نفسه، سفينة “أمازون” التركية محملة بـ 40 مدرعة من نوع (كيربي)، إضافة إلى إرهابيين قادمين من “إدلب”.
وفي تورط سافر؛ أرسلت “تركيا”، في الـ 29 من الشهر ذاته، طائرة شحن تركية من طراز (c130) إلى مطار “مصراتة”، على متنها خبراء أتراك لتدريب الميليشيات، إضافة إلى غرفة عمليات متكاملة.
ويخوض الجيش الليبي عملية عسكرية، منذ الـ 4 من نيسان/أبريل الماضي، لتطهير العاصمة، “طرابلس”، من الميليشيات والجماعات الإرهابية.
ويسيطر الجيش الليبي على نحو 7 محاور للعاصمة، إضافة لتحقيق تقدم إلى داخل العاصمة، ولكن بخطوات بطيئة؛ حرصًا منه على حياة المدنيين الذين تستهدفهم الميليشيات بالطائرات والصواريخ.
يستخدمها كورقة في صراعاته..
تعليقًا على خطوات “السراج”؛ أكدت صحيفة (وول ستريت غورنال) الأميركية، على الدور المشبوه الذي تلعبه “تركيا” في “ليبيا”، عبر إنحيازها السافر لحكومة “فايز السراج”، المدعومة من الميليشيات المتطرفة المُسيطرة على العاصمة، “طرابلس”، وذلك في إطار محاولات نظام الرئيس، “رجب طيب إردوغان”، لاستخدام الأزمة الليبية كورقةٍ في إطار صراعاته مع خصومه في منطقة الشرق الأوسط.
وحذرت الصحيفة الأميركية، من أن التورط التركي في هذه الأزمة – والذي يشمل تقديم أسلحةٍ ومعداتٍ عسكريةٍ إلى قوات “السراج” – فتح على أنقرة “جبهةً جديدةً فتاكةً” في الصراعات الناشبة بينها وبين القوى المناوئة لها على الصعيد الإقليمي، بفعل السياسات التي ينتهجها “نظام إردوغان”.
مشيرًة إلى أن الدور المثير للجدل الذي يضطلع به النظام التركي حيال الأزمة الليبية “فضح قبل أيام، عندما أعلنت القوات التابعة للمشير خليفة حفتر.. أنها دمرت طائرة مُسيرة تركية الصنع قرب طرابلس”، وهو ما لم تعقب عليه الحكومة في “أنقرة” على الإطلاق.
وشدد التقرير على أن تورط “نظام إردوغان” في دعم محاولات ميليشيات “طرابلس” لوقف تقدم قوات الجيش الوطني الليبي صوب العاصمة؛ شكّل “تصعيدًا دراماتيكيًا” في أعمال العنف المرتبطة بالصراعات الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط، مُشيرًا في هذا الصدد إلى تاريخ الرهانات التركية الخاطئة في هذا الشأن.
حرب بالوكالة..
وأوضحت الصحيفة الأميركية؛ أن خطورة تورط “تركيا” في المستنقع الليبي، في ما أصبح يشكل “حربًا بالوكالة” هناك، يعود إلى أن “ليبيا” صارت تمثل الساحة الأكثر دموية للصراعات الإقليمية في الشرق الأوسط. وألمحت إلى أن ما تقوم به “أنقرة”، على هذا الصعيد، أدى إلى وصول “المحنة التي يشهدها هذا البلد العربي إلى إحدى أسوأ مراحلها، منذ الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي في عام 2011”.
وأشارت إلى أن السلاح التركي ما يزال يتدفق على ليبيا “رغم الحظر الدولي المفروض على ذلك، وهو ما أدى إلى مقتل أكثر من 700 شخص، خلال الشهور الثلاثة الماضية”، بحسب تقديرات “الأمم المتحدة”.
سوق مربحة لأنشطة إعادة الإعمار..
وقالت (وول ستريت غورنال)، في تقريرها؛ إن النظام التركي، الذي طالما اعتبر “ليبيا” الممزقة بالحروب مجرد “سوقٍ مربحةٍ لأنشطة إعادة الإعمار”، حوّل توجهاته بغتةً إزاء الأزمة الراهنة هناك، وأرسل مساعداتٍ عسكريةً لحكومة “السراج”، كرد فعلٍ على مسارعة موفدين عن هذه الحكومة بزيارة “أنقرة”، في نيسان/أبريل الماضي، من أجل طلب الدعم العاجل بعد أيامٍ قليلةٍ من إطلاق المشير “حفتر” حملته لتحرير “طرابلس”.
ونقلت الصحيفة الأميركية، عن مسؤولين أتراك – طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم – قولهم إن الأسلحة التي تم إمداد حكومة “السراج” بها، شملت في باديء الأمر عرباتٍ مدرعةً، قبل أن يتسع نطاق تلك الإمدادات، وتشمل طائراتٍ مُسيّرةً وأنواعًا أخرى من العتاد العسكري.
لعبت الدور الأكبر في سيطرة حكومة “السراج” على غريان..
وأقرت (وول ستريت غورنال)، في التقرير، بأن الأسلحة التركية لعبت الدور الأبرز في سيطرة ميليشيات حكومة “السراج” على مدينة “غريان”، الواقعة على بُعد نحو 75 كيلومترًا جنوب غربي “طرابلس”، والتي كانت تشكل قاعدة إمداداتٍ لقوات الجيش الوطني الليبي في زحفها نحو العاصمة.
وأشارت الصحيفة الأميركية، إلى أن “إردوغان” نفسه أقر بالدعم السافر، الذي يقدمه نظامه إلى “السراج” وحكومته، عندما قال – خلال إحاطةٍ قدمها للصحافيين في مدينة “إسطنبول”، الشهر الماضي – إن بوسع هذه الحكومة “الاإعتماد على الحصول على دعمٍ أكبر من أنقرة”، مشيرًا إلى أنه: “على مسؤولي حكومة السراج أن يعلموا أنه أيًا كانت احتياجاتهم، فإننا سنعقد محادثاتٍ واجتماعاتٍ لإتخاذ الخطوات اللازمة”، لمنحها لهم.
وانتقدت (وول ستريت غورنال)، في تقريرها؛ عدم إتخاذ إدارة الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، موقفًا واضحًا حيال تطورات الأزمة الليبية، وهو الانتقاد الذي يأتي في ظل مطالباتٍ من قِبل محللين سياسيين في “واشنطن”، بضرورة فرض عقوباتٍ على “تركيا”، بسبب دعمها العسكري لحكومة “فايز السراج”، باعتبار أن هذا الدعم سيؤدي إلى تحويل “ليبيا” بأسرها إلى “ملاذٍ للمتطرفين والإرهابيين”.
لا يحق له بسبب إنتهاء عهدته..
وحول ما تداول من توقيع “السراج” و”إردوغان” لمعاهدة دفاع مشتركة، أشار الكاتب والمحلل السياسي الليبي، “عيسى عبدالقيوم”، إلى: “أن توقيع مثل هذه الاتفاقية من حيثُ المبدأ، لا يحق للسراج ومجلسه، نظرًا لإنتهاء عهدته وفق الاتفاق السياسي، (الصخيرات)، بحسب الفقرة 4 من المادة 1، التي تؤكد إنتهاء عهدته، في شهر كانون أول/ديسمبر من عام 2017”.
وأضاف، في منشور عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي، (فيس بوك): “حتى لو تجاوزنا التاريخ فسنقف أمام نصوص الاتفاق التي تشترط أولًا دستوريته، وثانيًا نيل حكومة المجلس الرئاسي الثقة، وهذا لم يتم حتى الآن فلا شرعية قانونية ولا ولاية له”.
وبَين “عبدالقيوم” أنه: “على فرض أن الاتفاق صحيح ويشكل مرجعية للتحاكم عند الاختلاف، فسنجد أنفسنا أيضًا أمام عدة نقاط تجعل من هكذا اتفاقيات مجرد حبر على ورق”.
وأوضح أن أول تلك النقاط هو ما جاء في نصوص الاتفاق السياسي، وتحديدًا المادة 8 فقرة (2/هـ)، التي تشدد على أن أي تدابير استثنائية متعلقة بحالات الحرب وإعلان الطواريء لابد أن تعرض على مجلس النواب “لإعتمادها”.
لافتًا إلى أن: “أي وثيقة أو اتفاقية غير معتمدة بختم مجلس النواب في جلسة مكتملة النصاب داخل مقره القانوني ستعتبر غير شرعية”، وفق الفقرة (2/و) التي تنص على أن “أي معاهدة أو اتفاقية لابد أن يصادق عليها مجلس النواب”، وهو أمر لم يتم.
وأشار إلى وجود أحكام قضائية صدرت عن محاكم بـ”طرابلس” و”بنغازي” و”البيضاء”؛ تنص على أن “السراج” والمجلس الرئاسي “غير ذي صفة”، لإصدار أي قرارات محلية، فضلًا عن الدولية بسبب عدم دسترة الاتفاق السياسي وعدم نيل حكومته الثقة حتى الآن.