هل تنجح “المحكمة الدولية” في محاسبة إسرائيل .. أم تتدخل أميركا لحمايتها ؟

هل تنجح “المحكمة الدولية” في محاسبة إسرائيل .. أم تتدخل أميركا لحمايتها ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في خطوة من شأنها ردع المحتل الإسرائيلي عما يفعله في “غزة”، حذرت مدعية المحكمة الجنائية الدولية، “فاتو بنسودا”، الأحد 8 نيسان/أبريل 2018، من أن المحكمة يمكن أن تقاضي كل من يرتكب جرائم حرب في “قطاع غزة”، معلقة على مقتل 30 فلسطينيًا خلال عشرة أيام من الاحتجاجات على الحدود الشرقية للقطاع.

قالت “بنسودا”: إن “العنف ضد المدنيين؛ يمكن أن يشكل جرائم بموجب اتفاقية روما، وبالمثل استغلال وجود المدنيين من أجل التستر على الأنشطة العسكرية”، داعية إلى إنهاء إراقة الدماء التي يشهدها القطاع.

وشددت “بنسودا”، في بيان صادر عن المحكمة في “لاهاي”، على أنه “يجب أن يتوقف استخدام العنف”؛ وإن “كل من يحرض أو ينخرط في أعمال عنف، بما فيها إصدار الأمر أو طلب أو التشجيع أو المساهمة بأي طريقة أخرى في إرتكاب جرائم ضمن الولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية قابل لمقاضاته أمام المحكمة”.

متابعة؛ إن أي جرائم جديدة مفترضة “ترتكب في سياق الوضع في فلسطين؛ يمكن أن تخضع لتحقيق يجريه مكتبي”.

ويزداد الاحتجاج على استخدام إسرائيل الرصاص الحي في “قطاع غزة”، حيث قتل نحو 30 فلسطينيًا خلال عشرة أيام من الاحتجاجات والصدامات على الحدود الشرقية للقطاع.

وقتل تسعة فلسطينيين، بينهم صحافي، مع تجدد الصدامات الجمعة الماضي.

إسرائيل ليست عضوًا..

إسرائيل ليست عضوًا في “المحكمة الجنائية الدولية”، ولكن إذا إرتكب مواطنون إسرائيليون جرائم حرب أو جرائم في حق الإنسانية في أراضي دولة عضو بالمحكمة؛ يمكن أن يقعوا تحت طائلة السلطة القضائية للمحكمة.

ووقعت السلطات الفلسطينية على “اتفاقية روما”، المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية، في كانون ثان/يناير 2015، وقبلت فيها ولاية المحكمة القضائية.

بعدها، أعلنت “بنسودا” فتح تحقيق أولي لتحديد كفاية الأدلة لفتح تحقيق شامل في الجرائم المنسوبة لإسرائيل في الأراضي الفلسطينية منذ حزيران/يونيو 2014.

و”المحكمة الجنائية الدولية”، هي المحكمة المستقلة الدائمة الوحيدة التي تحقق في أفظع الجرائم، بما فيها جرائم الإبادة وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، منذ تشكيلها في 2002.

بمثابة بدء التحقيق الرسمي..

اعتبر وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني، “رياض المالكي”، بيان المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية حول جرائم الاحتلال في “قطاع غزة”، بمثابة جرائم حرب حسب القانون الدولي الإنساني.

وقال “المالكي”: “إنه سيتم إيفاد مكتب المدعية بكافة الأدلة والبراهين كي تبدأ بالتحقيق الرسمي”، موضحًا أنه سيتم توفير كل ما يلزم من أدلة لإثبات إن المشاركين المدنيين في المسيرة لم يشكلوا أي تهديد لقوات الاحتلال ورغم ذلك تم اغتيالهم بشكل متعمد، بينهم الصحافي، “ياسر مرتجي”.

سيؤثر سلبًا على الموقف القانوني لدولة الاحتلال..

ثَمن السفير، “حازم أبو شنب”، القيادي بحركة “فتح” الفلسطينية، الخطوة التي أعلنت عنها “المحكمة الجنائية الدولية”، بشأن تشكيل لجنة لإجراء “إستقصاء مبدئي” بقتل إسرائيل للفلسطينيين، مشيرًا إلى أن هذا الموقف يعد موقفًا جيدًا من أعلى سلطة قضائية في العالم، حيث سيساهم هذا التحقيق الدولي في معاقبة المعتدين من قادة قوات الاحتلال الإسرائيلي بجانب تحقيق العدالة الدولية ومنع أي عمليات قتل مستقبلية قد يفكر جيش الاحتلال في القيام بها.

وتوقع القيادي بحركة “فتح” أن تقابل السلطات الصهيونية لجان الجنائية الدولية بالرفض ومنعها من دخول الأراضي الفلسطينية؛ مثلما حدث في الماضي، حينما منعت لجانًا من دخول الأراضي الفلسطينية للتحقيق في الجرائم الإسرائيلية في وقت سابق، موضحًا أن صدور قرار بتشكيل لجان لتقصي حقائق القتل الإسرائيلية للفلسطينيين العزل في حد ذاته، حتى ولو منعت سلطات الاحتلال تلك اللجنة من الدخول، يعد إنتصارًا قويًا لإرادة الشعب الفلسطيني.

أوضح “أبو شنب” أن صدور قرار بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق في قتل الإسرائيليين لأبناء الشعب الفلسطيني الأعزل؛ سيؤثر سلبًا على الموقف القانوني لدولة الاحتلال وسيقف عائقًا أمام جنود العدو الصهيوني في القيام بأي عمليات قتال مستقبلية ضد أبناء شعبنا، على حد تعبيره.

فلسطين قدمت طلب للمدعية العامة..

قال الدكتور “جهاد الحرازين”، القيادي في حركة “فتح” وأستاذ القانون الدولي، إن فتح “الجنائية الدولية” لتحقيق حول ما حدث في “قطاع غزة”؛ جاء بعد طلب قدم للمدعية العامة خلال الأيام الماضية، لفتح تحقيق حول ما يتعرض له الفلسطينيون داخل القطاع.

وأضاف: أن “ما قام به جنود الاحتلال من عمليات قتل وإعدام ميداني يدخل في إطار جرائم حرب ضد الإنسانية، مما يتطلب تدخل المحكمة الجنائية الدولية”.

رسالة واضحة لإسرئيل..

تابع “الحرازين”: “جرائم الجنود الإسرائيليين في حق المدنيين الفلسطينيين شاهدة للعيان وموثقة”، واصفًا تصريحات “فاتو بنسودا”، المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، بالرسالة الواضحة للإسرائيليين، ومضمونها إنه لم يعد مجالًا للسكوت على الإنتهاكات، التي تمارس من قبل حكومة اليمين المتطرف في “تل أبيب”.

وأردف: “فلسطين عضو في الجنائية الدولية، وسبق وأن قدمت ثلاث ملفات للمحكمة، الأول متعلق بالإستيطان، وآخر متعلق بالأسرى الفلسطينيين، وملف ثالث حول ما أقدمت عليه إسرائيل من جرائم حرب وعدوان عام 2014”.

رفضت السماح للوفد بدخول الأراضي المحتلة..

أشار “الحرازين” إلى رفض إسرائيل السماح لوفد “الجنائية الدولية” الدخول لـ”الأراضي المحتلة”؛ والتحقيق في ملابسات الأحداث الأخيرة، مما أضطر المسؤولون الفلسطينيون للأجتماع بوفد “الجنائية الدولية” في العاصمة الأردنية، “عمان”، مشيرًا إلى استمرار الاتصالات بين السلطة الفلسطينية والجنائية الدولية، وكذلك كافة المنظمات الحقوقية الدولية، ليكون هناك تحقيقًا فعليًا في جرائم الاحتلال.

وبدوره؛ طالب مجلس الوزراء الفلسطيني، في بيان في ختام اجتماعه في “رام الله” برئاسة رئيس الوزراء، الدكتور “رامي الحمد الله”، “المدعية العامة ببدء تحقيق عاجل وشامل في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، التي ترتكبها سلطات الاحتلال، على طريق مساءلة إسرائيل ومحاسبتها، بما يشكل رادعاً ولوقف هذه الجرائم بحق أبناء شعبنا”.

واعتبر أن استمرار الجرائم الإسرائيلية “يؤكد عجز المنظومة الدولية عن لجم إسرائيل للتوقف عن هذه الممارسات الإجرامية، بل وتمنحها الحصانة لمواصلة نهجها العدواني والعنصري القائم على الاستمرار في محاولات تصفية القضية الفلسطينية”.

تحويل القضية لمجلس الأمن..

من جانبه؛ قال، الدكتور “محمود رفعت”، رئيس المعهد الأوروبي للقانون الدولي، إن “ميثاق روما” المنشيء للجنائية الدولية أعطى الحق للمدعي العام في فتح تحقيق حول أي قضية، ولكن في حالات معينة، منها تحول القضية للمحكمة الجنائية الدولية من خلال “منظمة الأمم المتحدة”، وأن يبدأ التحقيق بقرار من المدعي العام نفسه بناء على معلومات توفرت لديه، وهذا ما حدث في “القضية الفلسطينية”.

وبين أن التحقيقات الأولية لـ”المحكمة الجنائية الدولية” لا تعني النظر في القضية، فربما يصدر بها توصيات للدول ذات العلاقة بالملف، أو تحويل القضية إلى مجلس الأمن بتوصيات حول ما سيفعله “مجلس الأمن”، مضيفًا: “إذا لم يقم مكتب المدعي العام بإحالة القضية للنظر فيها كقضية إجرامية، ولن يكن هناك إلزام حقيقي على الدولة بل توصية في إطار استشاري لمكتب المدعى العام”.

وحول أن إسرائيل ليست عضو بـ”المحكمة الجنائية الدولية”، قال رئيس المعهد الأوروبي للقانون الدولي، إن عضوية الدولة في “الجنائية الدولية” ليست ضرورة لكي تنظر الجنائية الدولية في قضية تخص هذه الدولة، أي أن العضوية لا تحدد إختصاص المحكمة من عدمه، لافتًا إلى أن الأساس الذي قامت من أجله “الجنائية الدولية” هو منع الإفلات من العقاب.

لن تتدخل عسكريًا لحمايتها من قبل أميركا..

اعتبر “رفعت” أن التدخل العسكري متاح لـ”الجنائية الدولية” بالتعاون مع “مجلس الأمن”، الذي بيديه الفصلين السادس والسابع، وقد حدث ذلك قبل إنشاء الجنائية الحالية عام 2002، ففي 1998 حدث تدخل في “البوسنا والهرسك” و”كرواتيا” و”الجبل الأسود”، معتبرًا أن هذا الموقف بعيد، إلى حد ما، عن “إسرائيل” كونها مشمولة بالحماية الأميركية، لكن ربما تتغير الأوضاع في يوم ما، ويطبق على إسرائيل قواعد العدالة الدولية، وفي هذه الحالة يتم إستحضار مسؤوليها ولو بالقوة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة