6 فبراير، 2025 9:12 ص

“هاأرتس” : إردوغان قضى على الديمقراطية التركية !

“هاأرتس” : إردوغان قضى على الديمقراطية التركية !

خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :

نشرت صحيفة (هاأرتس) العبرية مقالاً للكاتب الإسرائيلي، “اسف رونال”، تناول فيه الإجراءات التي يتبعها الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، لترسيخ نظام جكم بعد محاولة الانقلاب الفاشلة التي تعرض لها في تموز/يوليو 2016.

حيث فرض الرئيس “إردوغان” وحكومته مزيداً من القيود على حرية التعبير, وتم إلقاء القبض على الخصوم السياسيين. مع ذلك يرى الكاتب الإسرائيلي أن نظام “إردوغان” لم يأتي بجديد في هذا الصدد, لأن القمع الذي كان يُمارس في السابق ضد الأغلبية المسلمة التقليدية أصبح يُمارس حالياً أيضاً ضد النخبة العلمانية التي كانت تحكم البلاد قبل مجيئ النظام الحالي.

“إردوغان” شجع الحجاب..

يقول “رونال” إن زيارة مقر قناة (TRT) التليفزيونية التركية بمدينة إسطنبول توضح، أكثر من أي شيء آخر، أن الرئيس “رجب طيب إردوغان” قد أكمل الثورة الاجتماعية التي قادها منذ وصوله إلى السلطة.

ففي تركيا، ما قبل “إردوغان”، كانت الرموز الدينية محظورة، وكان الحق في إرتداء الحجاب يحتل أولويات النضال لتحطيم القيود التي تفرضها السلطات التركية ضد المظهر الإسلامي. ولكن الآن في مقر تلك القناة التليفزيونية الحكومية, فإن عدد النساء اللائي يرتدين الحجاب لا يقل عن عدد أمثالهن ممن يظهرن بشعرهن سواء أمام الكاميرات أو خلفها, وهو أمر ما كان لأحد أن يتخيله في تركيا في مطلع القرن الحالي.

إضطهاد العلمانيين..

على الجانب الآخر؛ هناك ضغوط متزايدة تمارسها السلطات ضد النخبة التركية القديمة من طبقة العلمانيين، التي كانت تتولى السلطة منذ عهد “مصطفى كمال أتاتورك” إلى أن تولى “إردوغان” الحكم في عام 2003. ولقد بلغت تلك الضغوط ذروتها بعد محاولة الانقلاب الفاشلة ضد نظام “إردوغان” في صيف عام 2016. حيث تم اعتقال عشرات الآلاف في إطار التحقيق مع المتورطين في محاولة الانقلاب، كما أن هناك أعداد مماثلة مُهددة بالفصل من وظائفها. وفي الحقيقة فلم يتم إقالة كل من له علاقة بـ “فتح الله كولن”، (المُتهم هو وجماعته بمحاولة الانقلاب). ولكن نتيجة الحملة الدعائية التي تشنها السلطات التركية منذ عام ونصف؛ هي أنه تم وضع حدود جديدة للخطاب المقبول فأصبحت أضيق بكثير مما كانت عليه قبل تموز/يوليه 2016.

يرى الإسرائيليون خصوصاً, والغربيون عموماً، أن إجراءات السلطات التركية للحد من حرية التعبير والقدرة على إنتقاد النظام تأتي في إطار النهج الاستبدادي للرئيس “إردوغان” ورغبته في أن يصبح “السلطان”. ولكن التركيز على محنة العلمانيين، مهما كان مبررها، تجعلنا نفتقد النقطة الأساسية في فهم حملة الدعاية المؤيدة أو المناهضة لـ”إردوغان”، وهي أن: تركيا لم تحقق يوماً المعايير المقبولة للديمقراطية الليبرالية.

إنعدام الحريات..

كان يستحيل خلال زيارة إسطنبول عدم إدراك الخوف الذي ينتاب العديد ممن ينتمون للنخبة العلمانية في المدينة. فيوم الجمعة الماضي فقط تم الحكم على ستة صحافيين بالسجن المؤبد بعد إدانتهم بالضلوع في محاولة الانقلاب. ولا يكاد أن تجد شخصاً إلا ولديه معارف أو أصدقاء مُعتقلين.

ويقول صحافيون محليون إنهم يخشون التعبير عن آرائهم؛ حتى لا يفقدون وظائفهم أو يواجهون أسوأ من ذلك، كأن يجدوا أنفسهم في غرفة الإستجواب. وفي حين يتمتع الصحافيون الأجانب بمزيد من الحرية في أداء عملهم، فإنهم يعترفون بأن جهة عملهم هي سبب الحماية التي يتمتعون بها, وأنه ليس من السهل اليوم على الإطلاق أن يكون صحافياً محلياً أو حتى مراسلاً أجنبياً، يعمل دون جهة تحميه من الاضطهاد والملاحقة. أضف إلى ذلك، أنه حتى أنصار “إردوغان” يدركون مدى الخطر القائم حالياً في تركيا بالنسبة لمن يُشتبه بأنه على علاقة بجهات مستهدفة من قبل السلطات، سواء كان ذلك في سياق النضال الكردي أو التورط في الانقلاب أو أي تحقيق جنائي آخر.

“إردوغان” على نهج النظام السابق..

يرى “رونال” أن “إردوغان” ورجاله لم يأتوا بجديد، فيما يتعلق بقمع المعارضة، باستثناء فارق واحد: وهو أنهم كانوا سابقاً في موضع المعارضة التي تعاني من الاضطهاد؛ أما الآن فهم في السلطة.

وبصفة عامة، يمكن القول بأن تركيا قد شهدت عملية تعزيز للمؤسسات الديمقراطية في البلاد بداية من تسعينيات القرن الماضي، (رغم أن الجيش أطاح عام 1997 بحكومة منتخبة بسبب طابعها الإسلامي). وهو ما عجل بصعود “إردوغان” إلى سدة الحكم. وعندئذ أخذ “حزب العدالة والتنمية”، بقيادته، يلغي تدريجياً القيود التي كانت مفروضة منذ تأسيس تركيا الحديثة على الأغلبية المسلمة التقليدية. وبالإضافة إلى ذلك، قام “إدوغان” خلال سنوات حكمه الأولى بتحسن كبير في حقوق الأقلية الكردية على المستوى السياسي والثقافي – بجانب محاولته دفع عملية السلام مع التنظيم الكردي المحظور، (PKK). لكن تلك العملية السلمية قد فشلت، ويتعرض الأكراد حالياً للقمع السياسي الذي يذكرنا بما كان عليه الوضع في ظل الحُكم العلماني. وأدى إنهيار عملية السلام مع الأكراد إلى تدهور أوضاعهم إلى حد كبير.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة