خاص : ترجمة – لميس السيد :
ناقشت صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية تحول مسار المجتمع السعودي ومدى قابلية الأفراد فيه تقبل المفاهيم الجديدة، مثل قيادة المرأة للسيارة.
قالت الصحيفة؛ أن على مدار العقود الماضية كانت المساجد والمدارس تردد أن أدمغة النساء أصغر من الرجال ومستوى تفكيرهن لا يرقى للتعامل مع المعلومات المعقدة، ولكن بعد إقرار ولي العهد السعودي، قبل تسعة أشهر، أنه سيمنح المرأة الحق القانوني في قيادة السيارة، لا يزال العديد من السعوديين يحاولون التعامل مع واقعهم الجديد الذي بدأ، يوم الأحد 24 حزيران/يونيو 2018، حيث تغير فيه ما كان أحد أكثر المحظورات المقدسة في “النظام السعودي الملكي”.
أوضحت الصحيفة الأميركية أن العائلات السعودية لا تزال تعاني من قلق إزاء سقف الحرية الجديد، المفترض استغلاله على نحو طبيعي، سواء بين أولئك الذين يؤمنون بإخلاص بما تعلموه منذ الطفولة بشأن قصور النساء أو حتى داخل العائلات التي لم تؤمن أبداً بالقالب النمطي القائل بأن النساء يجب أن ينزوين في المنزل؛ وهذا القلق النفسي موجود إلى حد كبير في عائلات الطبقة فوق المتوسطة، حيث ذهبت الشابات إلى الخارج للدراسة واغتنمن فرص العمل التي تعتبر أمراً جديداً نسبياً في المملكة.
ولذا فإنه من اللافت، على الرغم من كل هذه الضجة، فإن العديد من الشابات في “الرياض” و”جدة”، أكبر مدينتين في البلاد، لا يخططن لبدء قيادة السيارة، على الرغم من حصولهن على تراخيص من “الولايات المتحدة” أو الدول الأخرى التي عشن ودرسن فيها.
مواقف الشارع..
إنَ الرسالة التي يسمعنها يوماً بعد يوم في المدرسة هي أَّن الفتيات مثل الحلوى؛ يجب تغليفها لحماية حلاوتها. السماح بتواجد النساء في الشوارع، ناهيك عن التواجد مع رجال غرباء، يعني إزالة مفهوم طبقة الحماية الراسخة في عقول كلا الجنسين.
أكدت (نيويورك تايمز) على أنه من ضمن المخاوف المسيطرة على عقول الأباء في السعودية، هي كيفية مواجهة المرأة القائدة للسيارة إذا أوقفت من قبل رجال الشرطة في الشارع، إذا قامت بمخالفة ما، هل ستتعرض للمضايقات أو التحرش ؟
ليس من المفاجيء أن يتشارك الشباب القلق مع آبائهم: ماذا سيحدث إذا قام ضابط شرطة بتوقيف سائقة شابة ؟..
قالت “نورا”، وهي طالبة تدرس الكيمياء بالرياض، تبلغ من العمر 20 عامًا، في حديثها للصحيفة الأميركية: “لا أريد صنع التاريخ كأول شخص في السعودية يتعرض لهذا. عقلية الرجال هنا محدودة للغاية”.
البنى التحتية للشوارع وأسباب أخرى..
وهناك أيضاً أسباب عملية لعدم بدء القيادة على الفور.
ففي “جدة”، وهي مدينة ساحلية على “البحر الأحمر”، تنتشر فيها الحفر والمجاري بشكل كبير لدرجة جعلتها موضوعاً للنكات الوطنية.
وقالت مجموعة من الصديقات في العشرينيات من عمرهن، واللاتي يسافرن إلى الخارج ويعتبرن أنفسهن ليبراليات سياسياً، سيكون التنقل في هذه الطرق السيئة يومياً مهمة روتينية شاقة بدنياً.
على الجانب الآخر؛ تقول العائلات على الطرف الآخر من الطيف الاجتماعي والاقتصادي – تلك العائلات التي تكافح من أجل تغطية نفقاتها – إنَّ خيار القيادة ما زال بعيد المنال لأنهم لا يستطيعون تحمل تكاليفه.
قال “مسلم الفالح”، وهو رجل عاطل عن العمل، يبلغ من العمر 22 عامًا، قضى مع ابن عمه الوقت بعد ظهر، يوم السبت 23 حزيران/يونيو 2018، في مركز تجاري في “الرياض”، إنَّه لن تبدأ أي امرأة في دائرة عائلته بقيادة السيارة.
على جانب آخر؛ ذكر “الفالح” أن الحياة في المملكة تفرض ضيق الوقت وشح المال، مما لا يشجع أي فرد من تعليم نسوة عائلته مهارات القيادة، ومن الأصل لا يوجد منطق كبير في السماح للنساء في عائلته بالقيادة، حسب قوله، حيث يتكلف تعليم القيادة، الذي هو أمر ضروري قبل الحصول على رخصة قيادة، ما يقرب من 3000 ريال، أي حوالي 800 دولار، وهو متوسط راتب معلم مبتديء.