خاص : ترجمة – محمد بناية :
بالأمس؛ أعلن “يوسف أرغواني”، رئيس هيئة “باسيغ المنشدين الدينيين” في “إيران”، نبأ اعتقال عدد من المنشدين بتهمة التواصل مع “إسرائيل”.
و”المنشد الإسرائيلي”؛ ليس مصطلح جديد، وإنما سوف يتضح بجولة في الأخبار والتصريحات على مدى السنوات الماضية، أن “الكيان الصهيوني” كان قد طرح مشروع “المنشد الإسرائيلي” في “إيران”، قبل سنوات. بحسب صحيفة (آرمان ملي) الإيرانية الإصلاحية.
على سبيل المثال، قال “منصور أرضي”، المنشد المعروف، عام 2016: “رأيت في بعض النوافذ الإفتراضية الإسرائيليون يتدربون على الإنشاد، وهم على العكس منا، حيث يسعون، بعدم احترام المقدسات الشيعية، إلى التدرب على الإنشاد. فلننظر إلى أي مدى العدو مستعد ونحن لا نعبأ !”.
في الوقت نفسه نشر عددًا من وسائل إعلامية تقارير عن: “مساعي مدرسي اللغة الفارسية في مخابرات الكيان الصهيوني، إلى تلقين الطلاب عددًا من الأمثال والمصطلحات الشعبية؛ فضلاً عن المصطلحات المعتادة في اللغة الفارسية. أضف إلى ذلك، قيام بعض أقسام تعليم اللغة الفارسية بالتدريب على الإنشاد. مع نصب العلم الإيراني وصور بعض قيادات النظام داخل قاعات اللغة الفارسية بإدارة المخابرات الإسرائيلية”.
ومما لا شك فيه أن التدريب على الإنشاد من جُملة الشائعات التي قيلت عن المنشدين و”إسرائيل”، وتم نفيها. وفي صيف العام 2017، أكدت الوسائل الإعلامية الإيرانية، إلقاء القبض على المنشدين البارزين، “رضا هلالي”، و”روح اللهبهمني”، و”محمد حسين حداديان”، باتهامات مشابهة.
وتعليقًا على هذه الأنباء؛ غرد “غلام علي جعفر زاده أيمن آبادي”، النائب البرلماني، على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي، (تويتر): “تم إيداع المنشدون، المؤيدون للتيار المنافس في الانتخابات، السجن بتهمة التجسس لصالح إسرائيل، والعلاقات غير المشروعة مع السفارة الفرنسية” !.. وبهذه التغريدة أكد النائب البرلماني الشائعات الأخيرة عن اعتقال منشدين، وأضاف: “في الوقت نفسه يُطلقون على وزير الخارجية المتدين الوطني، (محمد جواد ظريف)، لقب الأميركي” !
تفاصيل القبض على المنشدين الإسرائيليين..
يقول “يوسف أرغواني”، رئيس هيئة “باسيغ المنشدين الدينيين”: “يتم تدريب المنشدين الدينيين في إسرائيل بغرض تشويه مراسم عاشوراء، وقد تم القبض على بعضهم في البلاد. فالعدو يحرص باستمرار على تشويه الإسلام ويتطلع إلى تشويه المحرم وعاشوراء. وتزداد الضغوط النفسية والدعاية السلبية ضد المحرم وعاشوراء كلما أقتربنا من شهر المحرم”.
وأردف: “فوكوياما؛ أحد المنظرين الذين تحدثوا، قبل سنوات، عن الإطاحة بالثورة الإيرانية؛ وقال: يتكيء أبناء المذهب الشيعي على جناح الانتظار الأخضر، وجناح عاشوراء الأحمر، ويجب أن نقضي على هذين الجناحين”.
رموز “عبدة الشيطان” على أزياء العزاء..
تحدث “علي أصغر عبادي”، رئيس شرطة الأمن العام في “هرمزگان”، عن إحكام السيطرة والرقابة على النقابات والتعامل الأمني مع باعة الملابس الغربية، وقال: “تم الكشف عن أزياء عزاء تحمل رموز عبدة الشيطان في هرمزگان. ومع الأخذ في الاعتبار لأهداف العدو الذي أقسم على إنحراف الشباب والنفوذ للداخل الإيراني عن المنافذ الثقافية والدينية، فقد وردتنا الأخبار والمعلومات عن قيام عدد من المحلات بعرض وبيع ملابس سوداء اللون غربية وتحمل رموز عبدة الشيطان؛ مع إقتراب أيام شهر المحرم”.
وتعليقًا على ظاهرة “عبدة الشيطان” في “إيران”، يقول “مسعود نصیري فرد”، مؤلف كتاب عن “عبدة الشيطان” و”الوهابية”: “ثمة ما يقرب من مئة شخص من عبدة الشيطان في إيران، وغالبية الذين يُطلق عليهم اسم عبدة الشيطان يستخدمون الرموز الخاصة بالفرقة فقط، ويتبعون (الموضة الشيطانية) من دون معرفة معانيها”.
نشأة فن الإنشاد في إيران..
المتتبّع للمصادر الشيعيّة يلحظ تحفيزَ الأئمّة للشعراء على مدح “آل البيت”. وكان لـ”الإمام الصادق” دور بارز في هذا المجال، إذ كان حريصًا على سماع قصائد الرثاء في “الإمام الحسين”.
ثمّ ظهرت “الدولة البويهيّة”، وكان لحكّامها أثر بالغ في شيوع مراسم “العزاء الحسينيّ”، بحيث يمكن القول إنّ “الدولة البويهيّة” تُمثّل بداية التاريخ الرسميّ للاحتفال بذكرى “كربلاء”.
أمّا “العصر الصفويّ”؛ فيُعدّ العصرَ الذهبيّ لإحياء المراسم “الحسينيّة” بسبب إعلان المذهب الشيعيّ مذهبًا رسميًّا للدولة بدلًا من المذهب السُّنّيّ. وقد استغلّ حُكّامُها “المدائح الحسينيّة” في تدعيم ملْكهم ضدّ “الدولة العبّاسيّة” السنّيّة.
ونما الاهتمام بالتعزية و”الإنشاد الحسينيّ” في “العصر القاغاريّ”، فشيّد “ناصرالدين شاه” التكايا الخاصّة بالتعزية في “طهران”. ولكنْ سرعان ما تغيّرت الأجواءُ في “العصر البهلويّ”، إذ عمد الشاه “رضا بهلوي”، وابنُه من بعده، إلى تهميش دور الدين في حياة الإيرانيين، وذلك قبل أن يزدهر فنُّ “الإنشاد الحسينيّ” بعد انتصار “الثورة الإيرانيّة”، عام 1979.
ثمّ كانت حقبةُ “أحمدي نجاد” بمثابة العصر الذهبيّ بالنسبة إلى نقّاد حكومتَي الإصلاح والتعمير ومسلكهم السياسيّ، فأصبح أيقونةً المنشدين.
وحاليًا لا يتورع المنشدون في “إيران” عن انتقاد تيار الإعتدال والرئيس، “حسن روحاني”، الأمر الذي حذا بالسيد “مسیح مهاجري”، رئيس تحرير صحيفة (الجمهوريّة الإسلاميّة) الأصوليّة، إلى التعليق على تطاول المنشدين وإنتهاكاتهم، وجهل المنشدين بفلسفة “انتفاضة الحسين”، مضيفًا: “بلادنا جمهوريّة إسلاميّة؛ وليست جمهورية المنشدين”.