عقب 14 عاماً على سقوط نظامه، وسقوط العراق معه في دوامة العنف والإرهاب والفساد منذ العام 2003، لازال ساسة العراق يبحثون اتخاذ قرارات انتقامية لا تصب إلا في مصلحة كبار بغداد ومن يتعاملون معهم في الخفاء ضد “صدام حسين” وأبنائه وزوجاته وأقربائه حتى الدرجة الثانية ومن وُكِل إليهم إدارة أموالهم وعقاراتهم وأراضيهم وكبار أعضاء حزب البعث – المنحل – والأجهزة الأمنية وزوجاتهم وأولادهم وأقربائهم ووكلائهم.
تسويق بمبررات متناقضة..
لقد سوق البرلمان العراقي تصويته على مصادرة الأملاك والأموال المنقولة وغير المنقولة لأركان النظام السابق في السادس عشر من نيسان/أبريل 2017، بأن الإجراء يأتي للثأر مما وصفها بـ”الحقبة المريرة من الظلم والاستبداد والانتهاكات التي طالت أبناء الشعب العراقي طوال عهد صدام”.
إجراءات انتقامية..
وأرجع اتخاذه لمثل هكذا إجراءات “انتقامية” إلى مصادرة نظام صدام لحقوق العراقيين وحرياتهم وتجاوزه على ممتلكاتهم وسلب ثرواتهم وخيراتهم.. لكن إذا كان هذا القرار رداً على كل هذا التعسف “الصدامي” الذي تزعمون.. فما الذي تفعلونه أنتم الآن؟.. إرساء لقواعد العدل أم تثبيت المصالح الشخصية والحزبية لكم؟
تحول ديمقراطي أم ديكتاتوري طائفي..
برلمان “الجبوري” زعم أن هذا القرار يأتي في مسار التحول الديمقراطي الذي يشهده العراق، ومن أجل تحقيق العدالة الانتقالية بتشريعاتها وقوانينها الصحيحة وتحديد الاشخاص المشمولين بتلك القوانين، ولإزالة الغموض الذي يشوب بعض فقرات ومواد تلك التشريعات ووضع الآلية المناسبة التي تتلاءم وإجراءات الحجز والمصادرة.. فهل سعى البرلمان نفسه لمحاسبة من أفسد وسرق أموال العراقيين وأرواحهم فيما بعد 2003؟.. هل حاول البرلمان محاسبة أي من الحكومات الدكتاتورية المتعاقبة على حكم العراقيين بعد صدام؟.. هل قدم البرلمان أياً من أعضائه المتورطين في فضائح فساد وعمليات أخرى؟.. هل فكر البرلمان في توجيه الاتهام ومحاسبة أي من ممثلي أحزاب الدين السياسي أو غيرها من الأحزاب على استغلال سلطاتهم وتوسعهم في النفوذ والأموال والعقارات والأراضي ؟
مصالحة على هوى “إيران”..
المفارقة أن رئيس مجلس النواب العراقي “سليم الجبوري” دعا في الخامس عشر من نيسان/ابريل 2017 – قبل التصديق على القرار بيوم واحد فقط – إلى البدء بما أطلق عليه “مشروع المصالحة الوطنية الحقيقى”، ملمحاً إلى ضرورة ترك كل الشكوك والتردد والثقة بقدرة الجميع على اجتياز المرحلة الراهنة بأقل الخسائر وفاء لدماء الشهداء العراقيين، فعن أي مصالحة يتحدث وأي شهداء يفي بعهدم إذا ما كان المتسبب في إزهاق أرواحهم لازال طليقاً ينهب ويسرق بل ويوقد نار الطائفية مستغلاً سلطاته ودعم إيران !
55 إسماً قبل 2003.. وماذا عن قائمة فساد الـ 14 عاماً ؟
لقد ركز برلمان “الجبوري” على 55 إسماً – وضعت قائمتهم أميركا عقب غزو العراق مباشرة في 2003 – لازال يحاصرهم وعائلاتهم وكل من مر على ديارهم منذ 14 عاماً، دون أن يقترب من قوائم أخرى سربتها وسائل إعلام أميركية لشخصيات نافذة توالت على حكم العراق بعد “صدام” بينها رئيس البرلمان نفسه وكثير من أعضائه وأغلب المتصدرين للمشهد منذ سقوط العراق في براثن الحروب والإرهاب والفساد، فهل يجرؤ البرلمان على إصدار قرار والتصديق عليه لمحاسبة هؤلاء وسؤالهم من أين لكم كل هذه الملايين “الخضراء” في بنوك الخارج ؟
داعش طوق النجاة..
يقول متابعون للشأن العراقي إن ظهور “تنظيم داعش”، ومعاركه التي استمرت لنحو 4 سنوات، وكأنها جاءت لحفظ رقاب الفاسدين في الحكومات المتعاقبة على العراقيين، بل دعمت أركان الطائفية والتقسيم، إذ استغل الساسة والأحزاب هذا التنظيم الإرهابي لعدم متابعة ومراقبة الصفقات والاتفاقات الاقتصادية والعسكرية التي عقدتها الحكومة العراقية تحت شعار لا صوت يعلو فوق صوت المعركة !
مراقبة صفقات الفساد..
فمن يستطيع اليوم من المصدقين على قرار مصادرة الأموال والعقارات لقائمة الـ55، التفتيش وراء صفقات البترول اليومية والقمح المستورد والأسلحة التي كبدت خزينة العراقيين مليارات الدولارات ؟.. من يدفع تكلفة ما يعانيه العراقيون ؟
لقد علق نشطاء عراقيون بقولهم إن مصادرة أملاك وأموال أركان النظام السابق قرار مطاطي يحمل الكثير من الإجراءات العامة دون ضوابط، متسائلين أين هذه الأموال الآن.. ألم يذهب ما تبقى منها إلى الرئاسة والحكومة؟!
أسئلة لن يجيب عليها ساسة العراق..
مجموعة من الأسئلة طرحوها ونوردها كما هي: “هل يصبح القرار مرحلة أخرى يعيشها العراق من العنصرية وسلب الحقوق.. من يراقب ضوابط تنفيذ قرار كهذا ولماذا الآن؟”
“هل انتهت كل مشكلات العراق وتخلص حكام بغداد من الإرهاب وأعادوا الأمن وطهروا مؤسسات العراق من الفساد وأمنوا مستشفيات على أعلى مستوى للعراقيين.. كل العراقيين؟”
“هل نجح من على كراسي بغداد في تشغيل 1200 مصنعاً وإنتاج حاجيات العراق من كثير من السلع؟!”
“هل نجح حكام العراق بعد 2003 في الحفاظ على عراق، أقوى جيش عربي وأحد أهم الجيوش في العالم، أم تزيل القائمة وتحول إلى ميليشيات حزبية طائفية؟”
“هل تكفي دار سكن واحدة بمساحة 400 متر لعائلة أي من المذكورين أو الورثة أو وكلائهم وهل حقاً المقصود هم 55 إسماً أم هناك توسع وتعسف في تطبيق المصادرة التي ستطال بحسب القانون المصادق عليه المحافظين ومن كان بدرجة عضو فرع فما فوق في “حزب البعث” المنحل ومن كان بدرجة عميد أو مايعادلها (فما فوق) ومن كان في منصب مدير أمن المحافظات والأقضية ومدراء الأقسام التحقيقية في الأجهزة الأمنية للنظام السابق (جهاز المخابرات, الأمن الخاص , منظومة الاستخبارات, الامن العام) وفدائيي صدام؟”.