خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في إطار المواجهات الروسية الأميركية التي تُظهر مدى سيطرة الجانب الروسي على الأراضي السورية، وتعكس مدى الضعف الأميركي هناك ليبين هشاشة حجة فرض وجوده في “سوريا”، الذي دائمًا ما يختبيء خلف محاربة تنظيم (داعش)، قال الرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”، الخميس 18 تشرين أول/أكتوبر 2018، إن مسلحين من تنظيم ما يعرف بـ”الدولة الإسلامية في العراق والشام”، (داعش)، يحتجزون نحو 700 رهينة في جزء من “سوريا” خاضع لسيطرة قوات تدعمها “واشنطن” وأصدروا إنذارًا يتوعدون فيه بإعدام عشرة كل يوم.
وأضاف “بوتين”، متحدثًا في “مدينة سوتشي” المطلة على “البحر الأسود”، أن من بين الرهائن عددًا من الأميركيين والأوروبيين. وتابع قائلاً: إن “التنظيم يوسع نطاق سيطرته في منطقة خاضعة لسيطرة قوات أميركية وقوات تدعمها الولايات المتحدة على الضفة الشمالية لنهر الفرات”. ولم يحدد “بوتين” مطالب المسلحين.
وقال “بوتين”، لـ”منتدى فالداي” في “سوتشي”: “أصدروا إنذارات ومطالب محددة وحذروا من أنهم سيعدمون عشرة أشخاص كل يوم؛ إذا لم تتم الإستجابة لهذه الإنذارات. أعدموا عشرة أشخاص أمس الأول”.
وكانت وكالة (تاس) الروسية للأنباء؛ قد ذكرت، الأربعاء الماضي، أن مسلحين من “تنظيم الدولة الإسلامية” احتجزوا نحو 700 رهينة في محافظة “دير الزور”، بـ”سوريا”، بعد مهاجمة مخيم للاجئين في منطقة خاضعة لسيطرة قوات مدعومة من “واشنطن”، يوم 13 تشرين أول/أكتوبر 2018.
وقالت الوكالة الروسية إن المسلحين خطفوا نحو 130 أسرة وأخذوهم إلى مدينة “هجين”.
وأفاد “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، ومقره في “المملكة المتحدة”، أن مقاتلي (داعش) هاجموا “مخيم البحيرة” المؤقت، في محافظة “السويداء”، في 12 تشرين أول/أكتوبر 2018. وزعمت التقارير أن الأجانب كانوا من بين المختطفين، لكن نشطاء لا يمكنهم تقديم مزيد من التفاصيل حول الأرقام أو الجنسيات.
لا نعلم بوجود محتجزين أميركيين..
وشكك “البنتاغون” في صحة ما قاله “بوتين”، قائلاً المتحدث باسم “وزارة الدفاع الأميركية”، (البنتاغون)، إن “الولايات المتحدة” ليست على علم بأي أميركيين محتجزين لدى تنظيم (داعش) في “سوريا”.
وقال المتحدث باسم البنتاغون، القائد “شون روبرتسون”: “في الوقت الذي أكدنا فيه وقوع هجوم على مخيم للنازحين بالقرب من، دير الزور، الأسبوع الماضي، ليس لدينا أي معلومات تدعم العدد الكبير من الرهائن وفقًا لزعم الرئيس، بوتين، ونحن نشك في دقتها. كما أننا لا ندرك أي مواطنين أميركيين موجودين في ذلك المخيم”.
نرفض تأكيدات “روسيا”..
وأعلن المتحدث باسم “البنتاغون”؛ إن “الولايات المتحدة ترفض تأكيدات روسيا؛ بأن الولايات المتحدة وقوات التحالف فشلتا في معالجة التهديد الذي يشكله تنظيم (داعش)”.
وقال القائد “روبرتسون”: “على العكس، حرر التحالف أكثر من 99 في المئة من الأراضي التي كانت تحت سيطرة (داعش)”.
وتابع: “سنستمر في العمل، ومن خلال شركائنا المحليين لمتابعة بقايا (داعش) في وادي نهر الفرات الأوسط. على الرغم من نجاحاتنا، لا يزال هناك الكثير من العمل مع شركائنا لضمان الهزيمة الدائمة لـ (داعش)”.
وأضاف: “روسيا، من ناحية أخرى، ركزت جهودها حصرًا على مساعدة النظام السوري مع خطوات محدودة لمعالجة التهديد الذي يفرضه تنظيم (داعش)، ودون اعتبار لقوانين النزاع المسلح أو الإصابات في صفوف المدنيين أو استخدام النظام للأسلحة الكيماوية”.
هل هم مواطنون أم خبراء عسكريون وعملاء استخبارات ؟
تعليقًا على التصريحات؛ قال الخبير الأمني والإستراتيجي، العميد “هشام جابر”: إنه “لا بد من أخذ هذا الموضوع بكثير من الجدية، خاصة بعد إعلان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ذلك وأنه ليس مجرد خبر صادر عن صحيفة، كما أن منطقة شرق الفرات منطقة نفوذ أميركي وقوات حماية الشعب الكُردية، وبالنسبة لإشارة الخبر بأن هناك مواطنين أميركيين وأوروبيين، فالتساؤل هنا هل هم مواطنون أم خبراء عسكريون وعملاء استخبارات”.
ورقة مساومة تستخدمها عند الانسحاب..
كما أضاف أنه لا يستغرب من وجود تنظيمات إرهابية، وخاصة تنظيم (داعش)، لأنه عندما حوصر في “غرب الفرات” وجد “شرق الفرات” بيئة حاضنة له في مكان ما بـ”شرق الفرات”، وأضاف أن الأميركيين يعرفون جيدًا أين يوجد تنظيم (داعش)؛ سواء في شرق الفرات أو غربه أو في منطقة “دير الزور”، وبالنسبة لـ”لماذا لا يتحرك الأميركيون للقضاء على بقايا تنظيم (داعش) الإرهابي المحظور في روسيا”، يعتقد العميد “هشام جابر”؛ أن “هذه ورقة تريد الولايات المتحدة الأميركية استعمالها للمساومة لصالحها قبل الانسحاب الأميركي من سوريا”.
القضاء على “داعش” لا يتفق مع بقاء حالة الفوضى..
في السياق ذاته؛ قال “عاطف الغمري”، الصحافي المتخصص في الشؤون الأميركية، إن عملية الحرب الدائرة من جانب أطراف عديدة ضد (داعش) في “سوريا” و”العراق” هي عملية غير مكتملة، فهناك حسابات لأطراف تدعي أنها تقاتل ضد (داعش) والقضاء عليها للإبقاء على تواجد مثل هذه التنظيمات في “سوريا”، خاصة وأن هناك مخططات خارجية لتقسيم “سوريا” وعدم عودة الدولة الوطنية لشكلها الطبيعي الموجود في “سوريا”، أما بالنسبة للقضاء على (داعش) بشكل نهائي نجد أن ذلك لا يتفق مع الرغبة في استمرار حالة الفوضى التي تساعد القوى الخارجية لتحقيق أهدافها، فهي تحارب الإرهاب من ناحية، ولكن تبقي على بعض من عناصره من ناحية أخرى.
قصف جبهة ولعب سياسي..
ويرى الباحث في الشأن السوري، “د. مصطفى أمين”، أن التواجد الأميركي في “سوريا”، دائمًا ما يجد إعتراض كبير من قِبل “سوريا” و”روسيا”، حيث طالبا كثيرًا بخروج القوات الأميركية من “دمشق”، بل واتهما “الولايات المتحدة الأميركية” برعاية التنظيمات الإرهابية في المناطق التي تتواجد فيها قواتها.
مضيفًا أنه في المقابل؛ تخرج “الولايات المتحدة الأميركية”، عبر تحالفها الدولي دائمًا، لتؤكد أن تواجدها في “سوريا” يهدف إلى مواجهة تنظيم (داعش) الإرهابي، والقضاء عليه، وأن ضرباتها في “سوريا” تسهدف معاقل هذا التنظيم الإرهابية.
موضحًا أن ما فعله “بوتين” ما هو إلا قصف جبهة لـ”أميركا”، وورقة لعب سياسي على غرار الحرب التنافسية الدائرة بين البلدين، مضيفًا أن الروس بهذا يقولون أنهم مسيطرين على الوضع في “سوريا”، وأن الأميركان غير قادرين على الدفاع عن أنفسهم في “سوريا”، لكن الأمر الواقع يؤكد أن الأميركان لديهم نفوذ قوي في “الشمال السوري” وقادرين على حماية رهائنهم، هذا بالإضافة إلى أنه لا توجد مؤشرات تقول أن هناك رهائن أميركيين موجودين في المعسكر الذي تم الإستيلاء عليه من قِبل (داعش)، فـ”بوتين” يحاول إلقاء الكرة في ملعب الأميركان لإحراجهم أمام العالم.