للمرة الأولى منذ 10 سنوات .. بين مرُحب ومُرتاب ومتفائل .. العراق يستقبل ملك الأردن !

للمرة الأولى منذ 10 سنوات .. بين مرُحب ومُرتاب ومتفائل .. العراق يستقبل ملك الأردن !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

رغم ما تشهده “بغداد” من حراك دبلوماسي عربي ودولي، إلا أن لزيارة العاهل الأردني، الملك “عبدالله الثاني”، أهمية من زاوية أخرى، لأنها الأولى من نوعها، منذ 10 سنوات، جعلت المتابعون للشأن العراقي يلقون بتساؤلات عديدة حول أهميتها؛ وما يمكن أن تقدمه لـ”العراق” في فترته الراهنة، خاصة وأن “الأردن” يعاني من أزمات اقتصادية مزمنة أدت إلى اندلاع احتجاجات عارمة؛ بسبب إتباع سياسات “صندوق النقد الدولي”، التي أدت إلى ارتفاع الأسعار وزيادة التضخم، وتصاعدت حدة الاحتجاجات لحد إقالة الحكومة وتكليف أخرى جديدة، إلا أن ذلك لم يؤدي، حتى الآن، إلى تنفيذ المطالب الضرورية التي خرجت من أجلها الاحتجاجات، ومازالت تخرج حتى الآن.

وكانت آخر زيارة للملك، “عبدالله”، لـ”العراق”، في عام 2008، وكان أول زعيم عربي يزور “بغداد”؛ بعد الإطاحة بنظام حكم الرئيس العراقي، “صدام حسين”، في أعقاب غزو قادته “الولايات المتحدة” لـ”العراق”، في عام 2003.

أزمة الديون تسبق الزيارة..

فيما طفت أزمة الديون بين “الأردن” و”العراق” مجددًا على سطح العلاقات بينهما؛ قبل زيارة الملك، “عبدالله”، إذ طالبت “عمان”، بغداد، بديون تتجاوز مليار دولار، فيما دعت لجنة برلمانية عراقية إلى تسليم “بغداد” ودائع مجمدة لدى “عمان”.

ونقلت وسائل إعلام، عن مسؤول أردني، قوله إن: “الملف المالي بين الأردن والعراق ما زال عالقًا”، مشيرًا إلى أن “هناك مطالبات مالية لكل طرف من الآخر؛ منذ سقوط نظام صدام حسين، لم تتم تسويتها حتى الآن”، مضيفًا أن: “المطالبات الأردنية تتضمن ديونًا للبنك المركزي الأردني من نظيره العراقي بأكثر من مليار دولار”.

فيما أكد مقرر اللجنة المالية في البرلمان العراقي، “هوشيار عبدالله”، أن: “البيانات المتوفرة؛ تشير إلى أن للعراق ما بين 3 و5 مليارات دولار مودعة في الأردن منذ زمن صدام، ولا توجد مكاشفة أردنية حقيقية”.

توسيع آفاق التعاون المشترك..

وخلال الزيارة؛ التقى الرئيس العراقي، “برهم صالح، يوم الاثنين الماضي، العاهل الأردني، الملك “عبدالله الثاني”، وعقد الطرفان اجتماعًا ثنائيًا؛ أكدا فيه على عمق العلاقات التاريخية والأواصر المشتركة التي تربط “العراق” و”الأردن”، وضرورة العمل من أجل الإرتقاء بها وتطويرها بما يخدم تطلعات الشعبين الشقيقين.

كما ناقشا عددًا من القضايا ذات الاهتمام المشترك لتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية وتوسيع آفاق التعاون؛ بما يضمن تحقيق المصالح المتبادلة.

وأكدا على أن “تكون بغداد وعمّان منطلقًا لحوار جاد وبناءً لإنهاء الأزمات التي تشهدها المنطقة”.

ويشترك البلدان في شريط حدودي، يمتد نحو 179 كيلومترًا، ويُعد “الأردن” من الدول الرئيسة المستوردة لـ”النفط الخام” العراقي.

إحياء مشروع مد خط أنابيب..

يُذكر أن البلدان كانا قد اتفقا، في عام 2013، على مد خط أنابيب بطول 1700 كيلومتر يربط محافظة “البصرة” العراقية، الغنية بـ”النفط”، وميناء “العقبة” الأردني. غير أن سيطرة “تنظيم الدولة الإسلامية” على نحو ثلث الأراضي العراقية حالت دون المضي في تنفيذ الخطة.

وكان “صالح” قد قام بزيارة “الأردن”، في تشرين ثان/نوفمبر الماضي، وفي كانون أول/ديسمبر 2018، التقى رئيس الوزراء الأردني، “عمر الرزاز”، نظيره العراقي في “بغداد”، ووافق “الأردن”؛ خلال هذه الزيارات، على إطار يهدف إلى إحياء المشروع، دون أن يحدد إطارًا زمنيًا لبناء “خط الأنابيب”.

استيراد الكهرباء..

كما ناقش البلدان خططًا تهدف إلى استيراد “العراق”؛ نحو 300 ميغاوات من الكهرباء، من “الأردن”، لمواجهة نقص الكهرباء المنتشر في شتى أرجاء البلاد.

وتعتمد “بغداد”، بشدة حاليًا، على جارتها، “إيران”، في استيراد نحو 1300 ميغاوات كهرباء؛ و28 مليون متر مكعب من “الغاز الطبيعي” لتغذية محطات الطاقة.

وتسعى “واشنطن”، التي تعتبر “طهران” أكبر عدو لها في المنطقة، إلى الحد من النفوذ الإيراني داخل “العراق” بكل قوتها، والتي كانت آخر محاولاتها في ذلك؛ أثناء زيارة وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، الأسبوع الماضي، لـ”العراق”، والتي يبدو أنها لم تفلح في تحقيق أهدافها، وظهر ذلك جليًا من كم الاتفاقات التي حدثت بين الحكومة العراقية و”إيران” أثناء زيارة وزير الخارجية الإيراني، “جواد ظريف”، التي إنتهت، الثلاثاء 15 كانون ثان/يناير الجاري.

ورغم الإستثناء المؤقت لواردات “الطاقة”، حضت “واشنطن”، بغداد، على الدخول في شراكة مع الشركات الأميركية بدلاً من أن تسعى إلى توفير بدائل للاحتياجات التي تستوردها “بغداد” من “طهران”.

ستنعكس اقتصاديًا على البلدين..

وحول أبعاد هذه الزيارة، يرى عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، “مثنى أمين”، أن هذه الزيارة تستمد أهميتها من علاقة الجوار التي تربط بين البلدين، والمصالح المشتركة بينهما في كافة المجالات، لا سيما الاقتصادية والسياسية، خاصة وأن “الأردن” ظل المتنفس الوحيد للشعب العراقي في أيام الحصار الذي فُرض عليه.

مشيرًا إلى إنعكاس هذه الزيارة إيجابيًا على اقتصاد البلدين؛ كما كان في السابق، إذا تم تنفيذ المشروعات التي تم الاتفاق عليها بين الملك، “عبدالله الثاني”، والرئيس العراقي، “برهم صالح”، وإن كانت تحتاج إلى وقت، إلا أن الإرادة السياسية موجودة وبقوة لإتمام هذه المشروعات.

مهمة في طريق عودة “العراق” لدوره الإقليمي العربي..

على الجانب الآخر؛ قال الدبلوماسي السابق وعضو مجلس الأعيان الأردني، “فالح الطويل”: “إن هذه الزيارة مهمة جدًا في طريق عودة العراق لدوره الإقليمي والعربي، وليس لها أهدافًا غير معلنة، حتى وإن بدت هناك أهداف سرية نظرًا لأهميتها”.

وأشار “الطويل” إلى أن هذه الزيارة من الوارد أن تكون رسالة موجهة لـ”إيران”، حتى لا تحاول الإعتداء على سيادة الدول، ولتعمل على أن تكون دولة صديقة، مؤكدًا على أن البدء في توطيد العلاقات “الأردنية-العراقية” اقتصاديًا، من خلال مد خط النفط العراقي إلى “عمان” وفي المقابل تصدير الكهرباء الأردنية إلى “العراق”، يجب أن يتم وبسرعة؛ بعد أن عادت الأمور الأمنية في “العراق” إلى طبيعتها بالقضاء على تنظيم (داعش) الإرهابي.

المحلل السياسي العراقي، “عصام الفيلي”، أوضح أن: “الكل يتطلع إلى العراق؛ كأرض خصبة تتطلب مزيدًا من الاستثمارات من القوى الإقليمية والدولية”، مضيفًا أن: “الأردن لديه رغبة حقيقية في مد خط أنابيب نفط من البصرة إلى ميناء العقبة؛ لأنه سيلبي احتياجاته من الوقود”.

خطر تصاعد التوترات “الأميركية-الإيرانية”..

بينما أكد، “فنار حداد”، الخبير في شؤون العراق في “معهد الشرق الأوسط” التابع لجامعة “سنغافورة” الوطنية، على إن موجة الزيارات تظهر “الميزة الرئيسة” للعراق.

وأضاف “حداد”: “من إيران إلى الولايات المتحدة؛ ومن المملكة العربية السعودية إلى تركيا؛ ومن سوريا إلى قطر، يمكن للعراق أن يتحدث مع الجميع في منطقة تتعرض للعديد من التصدعات الإستراتيجية”.

منبهًا إلى أن “أحد أقوى التهديدات لاستقرار العراق اليوم هو خطر تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران على حساب العراق، فقد يعوق ذلك خطط العراق لإعادة البناء بعد ثلاث سنوات من سيطرة تنظيم الدولة على مناطق واسعة من البلاد؛ قبل أن تعلن السلطات العراقية، (النصر)، على التنظيم”.

معالجة التعامل الطائفي..

وعلق الأمين العام لحركة (عصائب أهل الحق)، “قيس الخزعلي”، على زيارة العاهل الأردني، “عبدالله الثاني بن الحسين”، مشددًا على ضرورة معالجة التعامل الطائفي مع الزائر العراقي لـ”الأردن”.

وقال “الخزعلي”، في تغريدة على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي، (تويتر): “مع ترحيبنا بزيارة ملك الأردن إلى العراق، ولكن من الضروري أن يتم أثناء الزيارة معالجة موضوع التعامل الطائفي الذي يتعرض له الزائر العراقي إلى الأردن بسبب جواز سفره”، مؤكدًا على أنه “بهذه الخطوة تكون العلاقة بين البلدين حقيقية؛ وليست دبلوماسية فقط”.

“عمان” جمعت كل العاملين ضد “العراق”..

فيما بيَن النائب عن تحالف (البناء)، “عبدالأمير الدبي”، أن الصناعة العراقية تعاني بسبب إمتلاك بعض السياسيين لمعامل ومصانع كبيرة في “الأردن”، لافتًا إلى أن “عمان” عملت على جمع كل من يعمل ضد “العراق” والعملية السياسية.

قائلاً، في تصريح متلفز، أن: “الزيارات الرسمية لرؤساء الدول إلى بغداد؛ تُعتبر رسالة تأييد للحكومة العراقية ونجاح عمل خارجيتها”.

وأضاف أن: “الأردن لم يرد الجميل للعراق بل على العكس عمل على جمع كل من يعمل ضد العراق والعملية السياسية”، موضحًا أن: “بعض السياسيين لديهم مصانع ومعامل كبيرة في الأردن؛ لذلك حاربوا قيام الصناعة العراقية ونهضتها من جديد”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة