خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :
نشرت مجلة (فورين بوليسي) مقالاً للجنرال الأميركي السابق، “ستانلي مكريستال”، الذي كان يتولى قيادة القوات الخاصة في الجيش الأميركي، أوضح فيه لماذا فضل عدم تصفية قائد فيلق القدس، “قاسم سليماني”، المسؤول إلى حد كبير عن تمدد النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط.
وتحدث “مكريستال” عن اللحظة الفارقة، التي كان يمكنه فيها أن يأمر بقتل القائد الإيراني، لكنه تراجع عن ذلك، موضحًا أنه في النهاية إختفى تمامًا.
إسرائيل والولايات المتحدة ألد أعداء “سليماني”..
يقول “مكريستال”: كثيرًا ما كان يتردد اسم قائد “فيلق القدس”، التابع لـ”الحرس الثوري” الإيراني، “سليماني”، كلما وقع حادث أمني في إحدى الجبهات. إذ أن وجود “سليماني” بشكل علني في جبهات “العراق وسوريا” جعله هدفًا محتملاً لكل أعداء “إيران”؛ وفي مقدمتهم “الولايات التحدة” و”إسرائيل”.
جدير بالذكر؛ أن الرئيس الأميركي السابق، “باراك أوباما”، كان قد أقال “مكريستال” من منصبه، بسبب ما أبدى من انتقاد سياسي. ثم دخل “مكريستال”، مؤخرًا، في مواجهة علنية حادة مع الرئيس الحالي، “دونالد ترامب”، تناقلتها وسائل الإعلام.
إفلات قافلة “سليماني” من قبضة الأميركان..
يشير الجنرال الأميركي إلى أنه: “في كثير من الأحيان يكون من الصعب على المرء إصدار قرار بعدم إتخاذ إجراء ما، وهذا ليس صائبًا على الدوام. ففي عام 2007؛ كُنت متواجدًا عند أحد الجواجز عندما كانت تمر قافلة مركبات قادمة من إيران بإتجاه شمال العراق. وكان ذلك هو العام الرابع لي في منصب قائد القوات الخاصة بالجيش الأميركي، وكانت مهمتي هي محاربة الإرهاب الذي جلب الخراب على المنطقة. وقد أعتدت في تلك المرحلة على إتخاذ قرارات صعبة، ولكن في ذلك المساء كان القرار بضرب أو عدم ضرب القافلة التي كان يتواجد بها، سليماني؛ يتخذ طابعًا تكتيكيًا ويستوجب مشاركة وكالة المخابرات المركزية، الـ (سي. آي. إيه)”.
يضيف “مكريستال” بالقول: “لقد كانت هناك أسباب وجية لتصفية، سليماني، لأن القنابل التي كانت تطلقها إيران بأوامر منه، كانت تؤدي إلى مقتل جنود أميركيين في أنحاء العراق. ولكن حتى نتجنب تبادل إطلاق النار وما سيخلف ذلك من جدل سياسي، قررنا أن نراقب القافلة وعدم مهاجمتها على الفور، غير أنه عنما وصلت القافلة إلى محافظة أربيل، أفلت، سليماني، من قبضتنا. وهو في تلك الآونة كان لا يزال يعمل متخفيًا وبعيدًا عن الأضواء”.
ينال احترام الحلفاء وسخط الخصوم..
يوضح “مكريستال” أن؛ “سليماني” أصبح قائدًا عسكريًا كبيرًا، يتحكم في مقاليد الأمور ويحاول بهدوء تعزيز النفوذ الإيراني على المستوى الدولي. مؤكدًا على أن الصفات التي يتحلى بها، “سليماني”، من الدهاء والحزم والإلتزام بتحقيق مصالح بلاده، كانت مثار احترام وتقدير من جانب حلفائه، بقدر ما كانت أيضًا مثار غضب وسخط من قِبل أعدائه.
ومع ذلك؛ فنحن جميعًا على يقين تام من أن أسلوب أداء “سليماني” قد أسهم في تعزيز السياسة الخارجية الإيرانية، إضافة إلى تحقيق إنجازات في ميادين القتال. والآن يُعد “سليماني” اللاعب الأهم والأكثر تأثيرًا في منطقة الشرق الأوسط، كما أنه يدير بمفرده دفة الحرب الأهلية في “سوريا”، وذلك عبر الوكلاء الإيرانيين.
نشأ في أسرة فقيرة..
إن هيمنة “سليماني” على دفة الأمور تثير الدهشة؛ نظرًا للبيئة والنشأة التي يعود إليها. فلقد وُلد في أسرة فقيرة بمنطقة جبلية شرقي “إيران”، ولكن رغم ذلك أتسم بالصلابة والعزيمة منذ صغره.
وقبل أن يتجاوز عمر، “سليماني”، 13 عامًا، بدأ يعمل من أجل سداد الديون التي أثقلت كاهل والده. كما أخذ يستغل وقت فراغه لممارسة رياضة “حمل الأثقال” والتردد على مجالس العلم وسماع الخطب الدينية التي كان يلقيها أحد معلمي المرشد الأعلى الحالي، “علي خامنئي”.
وأحب “سليماني”، الثورة الإيرانية، منذ صغره، ثم أستهل مشوار عمله العسكري، في عام 1979، عندما كان يبلغ من العمر 22 عامًا.
عزز مكانة الشيعة في المنطقة..
وفقًا للتقارير؛ فقد أمضى “سليماني” بضعة أسابيع فقط في التأهيل التكتيكي، قبل إرساله لخوض أول معركة له في محافظة “أذربيغان” الغربية. لكنه أكتسب أهم خبراته العسكرية خلال فترة الحرب “الإيرانية-العراقية”، التي اندلعت عام 1980، حيث خرج من ذلك الصراع الدموي كبطل قومي بفضل المهام التي نفذها على طول الحدود مع “العراق”، ولكن الأهم من ذلك أنه برز كقائد وزعيم لا يشق له غبار.
إن “سليماني” لم يعُد محاربًا عاديًا، بل إنه قائد عسكري مُحنك, بذل الغالي والنفيس لإقامة علاقات متواصلة من أجل تعزيز مكانة “إيران” في المنطقة. ولم يفعل أحد مثلما فعل “سليماني” لتعزيز مكانة الشيعة في المنطقة.