10 أبريل، 2024 8:16 م
Search
Close this search box.

اتفاق “أضنة” يعود للواجهة .. حجج تركية لتبرير وجودها العسكري وضغط روسي للتقريب بين أنقرة ودمشق !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في محاولة لتبرير الوجود العسكري التركي في الأراضي السورية، فجأة وبدون مقدمات؛ بدأ الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، الحديث عن أن “اتفاق أضنة”، الذي كان قد وقع في عام 1998، برعاية مصرية، بين “أنقرة” و”دمشق”، لا يزال قائمًا حتى الآن، وهو الأمر الذي أثار حفيظة “سوريا”، حيث ترى أنه ذريعة تستند عليها “تركيا” في عملياتها داخل أراضيها.

وكان “إردوغان” قد قال؛ في كلمة: “أخبروا من يسأل عن سبب تواجد تركيا في سوريا، بأن أحكام اتفاق أضنة لا تزال سارية المفعول.. الأطراف التي ترغب في إبعاد تركيا عن سوريا لا تهدف لضمان حرية الشعب السوري، وإنما على العكس تمامًا فهي تسعى إلى تعميق المستنقع”.

وتابع قائلاً: “في الوقت الذي نعيش فيه نحن في أمان؛ لا يمكن أن نترك أشقاءنا تحت رحمة الظالمين وقنابلهم وبراميلهم المتفجرة”، مضيفًا: “الجميع يقول إنه موجود بسوريا لمحاربة (داعش)، لا نعلم ماذا فعلوا بالتنظيم، لكنهم إما تجاهلوا مقتل ما يقرب من مليون شقيق سوري أو أصبحوا شركاء مباشرين بقتلهم”.

يعطيها حق التدخل العسكري..

بينما أوضح وزير الخارجية التركي، “مولود غاويش أوغلو”، أن “اتفاق أضنة” يعطي “تركيا” حق التدخل العسكري في “سوريا”، في حالة عدم إيفاء “سوريا” بتعهداتها في حماية “تركيا” من خطر التهديد الكُردي.

وبالرغم من تلك التصريحات الصادرة عن وزير الخارجية التركي؛ إلا أن تلك الاتفاقية الموقعة، قبل 21 عامًا، لا تحتوي على أي مادة تمنح “تركيا” حق استخدام القوة، حيث أكد مسؤولون تولوا مناصب رفيعة المستوى في “وزارة الخارجية التركية”، في فترة التوقيع على الاتفاقية، في تصريحات لقناة “بي. بي. سي”، (BBC)، تعليقًا على تصريحات، “غاويش أوغلو”، أن الاتفاقية لا تعطي “تركيا” حق التدخل المباشر في “سوريا”.

وقالوا: “لا حاجة لمادة تحتوي على التدخل بشكل مباشر. فقد كان أمام تركيا أن تستغل الكثير من الحقوق الناتجة عن القانون الدولي، وعلى رأسها المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، في حالة عدم إتباع سوريا للاتفاقية. إن الأهمية الحقيقية لتلك الاتفاقية هي إعتراف سوريا بأن تنظيم حزب العمال الكردستاني وأذرعه تنظيمات إرهابية، وتقديمها تعهدات لتركيا في هذا الشأن”.

ضغط روسي لإعادة العلاقات بين أنقرة ودمشق..

الخبراء والمحللون يرون أن إعادة فتح ملف “اتفاقية أضنة” هو ضغط بسيط من الرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”، على “تركيا” من أجل إعادة العلاقات الرسمية بين “أنقرة” و”دمشق”.

وكان “حزب الشعب الجمهوري”، أكبر أحزاب المعارضة، دعا، في وقت مبكر جدًا، “حزب العدالة والتنمية”، والرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، إلى تطبيق متطلبات الاتفاقية، وإعادة العلاقات المباشرة مع “سوريا”.

يخرق الاتفاق منذ 2011..

وردت “دمشق”، عبر مصدر بـ”وزارة الخارجية”، وقال: “سوريا تؤكد أن أي تفعيل لاتفاق التعاون المشترك مع تركيا يتم عبر إعادة الأمور على الحدود بين البلدين كما كانت، وأن يلتزم النظام التركي به ويتوقف عن دعمه وتمويله وتسليحه وتدريبه للإرهابيين وأن يسحب قواته العسكرية من المناطق السورية التي يحتلها”.

مضيفًا، المصدر، وفقًا لما نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية: “بعد ما يتم تداوله حول اتفاق التعاون المشترك بين تركيا وسوريا أو ما يُعرف، باتفاق أضنة، وبعد التصريحات المتكررة وغير المسؤولة من قِبل النظام التركي حول النوايا العدوانية التركية في سوريا؛ تؤكد أنها ما زالت ملتزمة بهذا الاتفاق والاتفاقيات المتعلقة بمكافحة الإرهاب بأشكاله كافة من قِبل الدولتين؛ إلا أن النظام التركي، ومنذ عام 2011، كان ولا يزال يخرق هذا الاتفاق عبر دعم الإرهاب وتمويله وتدريبه وتسهيل مروره إلى سوريا أو عبر احتلال أراض سورية من خلال المنظمات الإرهابية التابعة له أو عبر القوات المسلحة العسكرية التركية بشكل مباشر”.

وأردف قائلاً: “الجمهورية العربية السورية تؤكد أن أي تفعيل لهذا الاتفاق يتم عبر إعادة الأمور على الحدود بين البلدين كما كانت؛ وأن يلتزم النظام التركي بالاتفاق ويتوقف عن دعمه وتمويله وتسليحه وتدريبه للإرهابيين وأن يسحب قواته العسكرية من المناطق السورية التي يحتلها، وذلك حتى يتمكن البلدان من تفعيل هذا الاتفاق الذي يضمن أمن وسلامة الحدود لكليهما”.

لا يزال الاتفاق ساريًا..

وما أن التقطت “روسيا” إشارة “تركيا”، في محاولة منها لحفظ التوازن مع حلفائها رغم تناقضتها الكثيرة معهم، حيث قال وزير الخارجية الروسي، “سيرغي لافروف”، إن بلاده تعتبر “اتفاق أضنة”، المبرم بين “أنقرة” و”دمشق”، عام 1998، “لا يزال ساريًا”، مضيفًا أن: “جوهر الاتفاق يتمثل في تبديد المخاوف الأمنية لتركيا”.

وأردف “لافروف”: “وافقت الإدارة السورية على إبرام هذه الاتفاقية وتحملت إلتزامات محددة. نفترض أن الاتفاق لا يزال ساري المفعول. كما أفهم، فإن الدول الأطراف فيه، (تركيا وسوريا)، تعتقد هذا أيضًا”.

وأوضح أن “موسكو” و”أنقرة” مهتمتان باستعادة “سوريا” لسيادتها ووحدة أراضيها، مبينًا: “شركاؤنا الأتراك أكدوا مرة أخرى – دون قيد أو شرط – أننا جميعًا مهتمون باستعادة سوريا للسيادة ووحدة أراضيها بشكل كامل”.

وأشار “لافروف” إلى توافق رئيس بلاده، “فلاديمير بوتين”، ونظيره التركي، “رجب طيب إردوغان”، مرة أخرى بخصوص الموضوع المذكور خلال اجتماعهما بـ”موسكو”.

يهدف لإحتواء الخطط التوسعية لأنقرة..

تحليلاً لما يدور من تصريحات حول “اتفاق أضنة”، اعتبر السفير السوري السابق في تركيا، “نضال قبلان”، أن استئناف مناقشة “اتفاق أضنة”، بشأن مكافحة الإرهاب بين “سوريا” و”تركيا”، يهدف لإحتواء الخطط التوسعية للرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، لافتًا إلى أن أي تواجد عسكري تركي في “سوريا” يسقط تلقائيًا لو استطاعت “روسيا وإيران وسوريا” ضمان أمن الحدود.

وقال إن إثارة هذا الموضوع يشكل محاولة لفتح مجال لـ”إردوغان” كي ينزل عن الشجرة، لأنه تورط بوعود كبيرة لا يقدر على الوفاء بها وهو يعلم ذلك، و”روسيا” تحاول أن تساعده في النزول عن “الشجرة”.

روسيا تتولى لجم الأطماع الإردوغانية..

وحول عدم تعليق “طهران” على الأمر، اعتبر السفير السوري أن: “هناك اتفاقًا على الخطوط العريضة ما بين طهران وموسكو ودمشق، بمقتضاه تتولى روسيا لجم الأطماع الإردوغانية في سوريا”. وقال إن: “اتفاق أضنة، الذي وقع عام 1998، بين سوريا وتركيا؛ كان حصرًا حول مكافحة الإرهاب، ولا علاقة له بلواء إسكندرون السليب لا من قريب ولا من بعيد”.

وأضاف “قبلان” أنه: “في كافة الاجتماعات الأمنية والعسكرية التي كُنت أشارك فيها أثناء عملي كسفير سوريا لدى أنقرة، لم يتم الربط ولا للحظة واحدة بين الإرهاب واتفاق أضنة؛ الذي كان الأتراك يسعون دائمًا لإقحامه في أي مشروع اتفاق أو تفاهم أمني جديد”.

موضحًا أنه: “لا شيء ينص على أنه لا يحق لسوريا أن تطالب بلواء إسكندرون، هذه أرض سورية مغتصبة ومثبت ذلك حتى في المحافل الدولية، وبالتالي هذا لا يمكن أن يلغى في أي اتفاقية أمنية سابقة أو لاحقة، ولا توجد سلطة لأي حكومة سورية سابقة، حالية، أو قادمة للتخلي عن جزء من الوطن، وبالتالي هذا موضوع غير مطروح للبحث والنقاش وترفضه القيادات السورية السابقة واللاحقة”.

ولفت الدبلوماسي السوري إلى أن “اتفاق أضنة ينص على أنه ليس هنالك مطامع لأي من البلدين في أراضي الدولة الأخرى”، مضيفًا: “تركيا ليست بحاجة لاتفاق أضنة لكي تحتل أو يكون لها أطماع توسعية بدول الجوار، لاسيما في سوريا والعراق، وبالتالي كلنا يعلم أن لتركيا أجندتها الخاصة التي أحيانًا تنسجم مع أجندات دول وقوى متآمرة على سوريا كأميركا وغيرها من الدول الإقليمية والدولية، وأحيانًا تتنافر معها، وهذا يفسر الكثير من حالات التأزم التي شابت العلاقات بين تركيا وعدد من الدول الإقليمية والكبرى، بشكل خاص روسيا وأميركا”.

واعتبر السفير أن: “تركيا تحاول الاستفادة من أي تطور سواء أكان انتصارًا للجيش السوري أو تقدمًا لجماعات إرهابية أو تدخلاً عدوانيًا سافرًا من أميركا أو أي دولة غربية أو عربية متواطئة، وتجيير أي تطور لتحقيق أجندتها الخاصة كما حصل في مدينتي جرابلس ومنبج، والآن في شرق الفرات، وبالتالي لسنا بحاجة للكثير من الأدلة والتفكير لإثبات أن لدى أنقرة أطماعًا توسعية”.

ما “اتفاق أضنة” ؟

“اتفاق أضنة”، أو “بروتوكول أضنة”، تم إنجازه بين الحكومتين التركية والسورية، في تموز/يوليو من العام 1998، بمبادرة من الرئيس المصري الأسبق، “محمد حسني مبارك” – باعتباره رئيسًا للقمة العربية وقتذاك – وبعد ثلاثة أشهر أقر رسميًا.

وكان الاتفاق في ظل عهد الرئيسين؛ السوري الراحل، “حافظ الأسد”، والتركي الراحل، “سليمان ديميريل”.

وسُمي بهذا الاسم نظرًا لتوقيعه في “ولاية أضنة” الواقعة جنوبي “تركيا”، وهي خامس المدن التركية الكبرى من حيث تعداد السكان، وتقع على الساحل الشمالي الشرقي للبحر الأبيض المتوسط.

وضم الاتفاق 4 ملاحق تضمنت المطالب التركية والتعهدات. كما نص على إحتفاظ “تركيا” بممارسة حقها الطبيعي في الدفاع عن النفس، وفي المطالبة بـ”تعويض عادل” عن خسائرها في الأرواح والممتلكات، إذا لم توقف “سوريا” دعمها لـ”حزب العمال الكُردستاني” فورًا.

سبب توقيعه..

في أواخر التسعينيات إزدادت حدة التوتر بين “تركيا” و”سوريا”، لدرجة قيام “تركيا” بحشد قواتها على الحدود بين البلدين، والتلويح بشن هجمات عسكرية عليها.

ونتج التوتر بين البلدين بسبب اتهام “تركيا”، لسوريا، بدعم وإيواء “حزب العمال الكُردستاني” – الذي تعتبره “أنقرة” إرهابيًا – واستضافة زعيمه، “عبدالله أوغلان” – الذي يقضي الآن حكمًا بالسجن المؤبد في “تركيا” – والسماح له بإقامة معسكرات على أراضيها.

وعندما هددت “تركيا” بإجتياح الأراضي السورية؛ توسط الرئيس الأسبق، “حسني مبارك”، والرئيس الإيراني الأسبق، “محمد خاتمي”، واجتمع الوفدان؛ السوري برئاسة، اللواء “عدنان بدر حسن”، والتركي برئاسة السفير، “أوعور زيال”، في يومي 19 و20 من شهر تشرين أول/أكتوبر من عام 1998، ووقعا على الاتفاقية التي لم يتطرق لها إعلام “سوريا”، سواء في عهد الراحل، “حافظ الأسد”، أو الحالي، “بشار الأسد”.

بنود الاتفاق..

يحظر الاتفاق على “دمشق” دخول “عبدالله أوغلان”، أو أيًا من عناصر “حزب العمال الكُردستاني”، بالإضافة إلى وقف عمل معسكراتهم على الأراضي السورية، وأن تعتبرهم “دمشق” منظمة إرهابية.

ويُعطي الاتفاق، “أنقرة”، الحق بملاحقة “حزب العمال الكُردستاني” لعمق 5 كيلومترات شمال “سوريا”، بموجب الملحق رقم 4 لـ”اتفاق أضنة”.

كما تتخلى “دمشق” عن أي مطالبة بحقوقها في “لواء إسكندرون”، (إقليم هاتاي)، الذي ضمته “تركيا”، في 1939.

وجاء في مقدمة نص الاتفاق: “في ضوء الرسائل المنقولة باسم سوريا من خلال رئيس جمهورية مصر العربية، صاحب الفخامة الرئيس حسني مبارك، ومن خلال وزير خارجية إيران سعادة وزير الخارجية كمال خرازي، ممثل الرئيس الإيراني صاحب الفخامة محمد سيد خاتمي، وعبر السيد عمرو موسى، التقى المبعوثان التركي والسوري المذكور أسماءهما في القائمة المرفقة، في أضنة يومي 19 و20  تشرين أول/أكتوبر العام 1998، لمناقشة مسألة التعاون في مكافحة الإرهاب”.

خلال اللقاء؛ كرر الجانب التركي المطالب التركية التي كانت عرضت على الرئيس، “مُبارك”، كما نبّه الجانب التركي، الجانب السوري، إلى الرد الذي ورد من “سوريا” عبر “مصر”.

واتفق الجانبان على وضع آليات معينة لتنفيذ الإجراءات المشار إليها أعلاه بفاعلية وشفافية.

وبناءً على ذلك؛ اتفقا على إقامة وتشغيل خط اتصال هاتفي مباشر فورًا بين السلطات الأمنية العليا لدى البلدين، وأن يقوم الطرفان بتعيين ممثلين خاصين أمنيين في بعثتيهما الدبلوماسيتين في “أنقرة” و”دمشق”، ويتم تقديم هذين الممثلين إلى سلطات البلد المضيف من قِبل رؤساء البعثة.

وفي سياق مكافحة الإرهاب؛ اقترح الجانب التركي، على الجانب السوري، إنشاء نظام من شأنه تمكين المراقبة الأمنية من تحسين إجراءاتها وفاعليتها. وذكر الجانب السوري أنه سيقدم الاقتراح إلى سلطاته للحصول على موافقة، وسيقوم بالرد في أقرب وقت ممكن.

واتفق الجانبان – ويتوقف ذلك على الحصول على موافقة “لبنان” – على تولي قضية مكافحة “حزب العمال الكُردستاني” الإرهابي في إطار ثلاثي، (الجيش السوري كان وقتذاك في “لبنان”، وكان “العمال الكُردستاني” يقيم معسكرات له في منطقة “البقاع” اللبناني).

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب