خاص : ترجمة – محمد بناية :
تتسم أجواء انتشار فيروس “كورونا”، في الشرق الأوسط، بالتعقيد أكثر من باقي دول العالم. تلك المنطقة المكونة من دول فقيرة وغنية مع اختلاف البنية التحتية الإنتاجية والصحية وتمتاز بإنعدام الاستقرار السياسي.
فقد ساهمت الحرب وأعمال العنف في إضعاف البنية التحتية الصحية للكثير من هذه الدول. وتُزيد موجات الهجرة عبر الحدود من تحديات الرعاية الصحية. كما ترتبط هذه المناطق بعلاقات جيوسياسية واقتصادية مع “الصين” و”إيران”، المصدر الرئيس لانتشار فيروس “كورونا”، بالشرق الأوسط. بحسب “مايكل يونغ وسوهاس كانغ”؛ أستاذ العلوم الطبية بالجامعة الأميركية ببيروت، في مقاله الذي نشره موقع (كارنيغي) الذي نقله موقع (الدبلوماسية الإيرانية).
الشرق الأوسط يعجز أمام “كورونا”..
ولا يمكن تقديم إحصائيات دقيقة عن أعداد الإصابات والوفيات بالفيروس، في هذه المنطقة، نتيجة التعتيم وعدم الاستعداد لإجراء اختبارات دقيقة.
على سبيل المثال؛ لم تُقدم “سوريا” و”اليمن”، برغم العلاقات الوثيقة مع “إيران”، أي إحصائيات حتى الآن. ويبدو أن نظام الصحة المتهالك في هذه البلدان يعجز عن كشف حالات الإصابة والتعامل مع هذا الوباء.
وتحتل “إيران” المرتبة الثانية، بعد “الصين”، من حيث عدد الوفيات بسبب الانتخابات البرلمانية والتأخر في التعامل مع انتشار الفيروس. ولم تُقدم دول الشرق الأوسط مشاركة تُذكر في مكافحة تهديد “كورونا” العالمي.
فـ”الجامعة العربية”، على سبيل المثال، لم تتخذ أي إجراء بهذا الشأن واختارت الصمت. كذلك فشلت دول الشرق الأوسط العربية في التغلب على الفجوة السياسية والتعاون عن كثب لإحتواء انتشار الفيروس بالمنطقة.
يجب المساعدة من الدول الغنية..
لكن لم يتأخر الوقت حتى الآن لتعاون الدول الثرية بالمنطقة وتوفير المساعدات الفنية، والمالية لدول الجوار. وفي هذا الصدد يقول، “أمير أفخمي”، أستاذ علم النفس والصحة العالمية بجامعة “جورج واشنطن”: “إنتهت مجموعة قرارات المسؤولين الإيرانيين المضطربة باتساع دائرة شيوع الفيروس بالمنطقة”.
ورغم التفوق الإيراني في العلوم الطبية والسيطرة على الأمراض المعدية في القرن الماضي، فقد واجه تعاطي الحكومة الإيرانية الحالي، مع انتشار الفيروس، عقبات إيديولوجية ومذهبية واقتصادية.
وتعود هذه العوامل المحددة في الأمراض المعدية بالمنطقة؛ إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى. فقد لعبت زيارة الأضرحة، ودفن الموتى بالمدن المقدسة، دورًا مهمًا في انتشار الأمراض المعدية بالإمبراطوريات الإيرانية والعثمانية، خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. آنذاك غلبت كذلك المصالح السياسية والاقتصادية والدينية على سلامة ورفاهية الشعوب.
التناحر السياسي..
يقول “باسم الشاب”، عضو “البرلمان اللبناني” الأسبق والمتخصص في الجراحة العامة: “التعامل مع وباء كورونا في الشرق الأوسط يُشبه تعاطي المنطقة مع أي كارثة أخرى. إذ تنتهي آلام البشرية في سائر مناطق العالم بإحتدام الصراعات الثقافية والعرقية بالشرق الأوسط. وبينما تُعاني إيران من الفيروس، قدمت مصر وتركيا تقارير عن عدد إصابات محدود. ولم يحدث أي تعاون أو تبادل للمعلومات بين دول المنطقة. فلقد اقترنت ردود فعل المنطقة على كورونا بالنفي والتعامل المتأخر وانتشار الخرافات ونظريات المؤامرة، كأي أزمة أخرى”.
بدوره؛ أوضح “بدر السيف”، عضو مركز الشرق بمؤسسة “كارنيغي” ببيروت: “تفشي الفيروس يُذكرنا بحقيقة اختلاف الشرق الأوسط عن سائر مناطق العالم. فقد زاد فيروس كورونا من إحتدام الإتجاهات الموجودة سلفًا بالمنطقة. حيث انقسام الأنظمة بشدة. وقد ساهم هذا الفيروس في تسليط المزيد من الضوء على الضعف، والغموض، والسياسيات الحكومية الهشة”.
فقد بات التراخي في إدارة الأزمة ملموسًا، وبلغ إنعدام ثقة الشعوب في قدرة الحكومات بالمحافظة على حياتهم ذروته. وغلبت في بعض الدول الملاحظات السياسية على الإجراءات الطبية، مثل استمرار الرحلات الجوية من “إيران” إلى “لبنان”، ورحلات المصريين إلى “الكويت”، التي يواجه مواطنيها خطر الإصابة بشكل أكبر.
لكن كان بعض الاستثناءات كـ”السعودية”. وتنوعت أطياف الإجابات بدءً من الخوف وحتى النفي والتكذيب. والبعض رأى في انتشار الفيروس مؤامرة، لكن كان لدى الكل معلومات مغلوطة عن طبيعة الفيروس. كما أثار الفيروس بعض النزاعات العنصرية. فلقد انتقد الجناح المعادي لـ”إيران” عدم مسؤولية النظام الإيراني وضعف الخدمات، مع تجاهل تأثير “العقوبات الأميركية” على انتشار الفيروس، بل بالغ البعض في اعتبار الفيروس “ظاهرة شيعية” تستهدف إصابة الأغلبية السُنية في الشرق الأوسط.