خاص : ترجمة – حمدي جمال محمد :
بينما تصارع الكثير من دول العالم ضد انتشار فيروس “كورونا”، الذي خلف أكثر من 13 ألف ضحية؛ يتمادى المسؤولون بـ”البيت الأبيض” في سياساتهم الفردية؛ بغض النظر عن المطالب الدولية، هذه السياسة التي تأخذ شكل “الحد الأقصى” من الضغوط في هذه اللحظة الحساسة؛ تجعل “إيران” هدفًا لعداوة لا متناهية.
وفي ضوء انتشار فيروس “كورونا”، ورغم المطالب العالمية المتكررة؛ لم تتجاهل “الولايات المتحدة” فقط مطالب إلغاء جزء من العقوبات المفروضة على “إيران” بشكل مؤقت، ولكن فرضت الأسبوع الماضي عقوبات جديدة ضد خمس شركات إيرانية في “الإمارات” بذريعة مشاركة هذه الشركات في بيع المنتجات البترولية الإيرانية. كما فرضت “واشنطن”، مؤخرًا، عقوبات على خمس علماء نوويين إيرانيين بدعوى المشاركة في البرنامج النووي الإيراني. بحسب وكالة أنباء (إيرنا) الرسمية.
مطالب أممية وداخلية..
هذه الإجراءات الأميركية غير الإنسانية أثارت المزيد من الاحتجاجات. وقد شدد خلال الأيام الماضية بعض مسؤولي الدول، وأعضاء “مجلس الشيوخ”، ومسؤولي المنظمات الدولية؛ من مثل الأمين العام لـ”منظمة الأمم المتحدة” على ضرورة إلغاء “العقوبات الأميركية” على “إيران”؛ بغرض تسهيل عملية مكافحة الفيروس في “إيران”.
ناهيك عن انتقاد السيناتور، “بيرني ساندرز”، المرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية، و”إلهان عمر”، عضو الأقلية الإسلامية بـ”الكونغرس”، لاستمرار العقوبات على “إيران” وطالبوا بإلغائها فورًا.
وغرّدت “إلهان” قائلة: “يموت في إيران شخص كل 10 دقائق إثر الإصابة بفيروس كورونا، ويُصاب 50 آخرين كل ساعة. واستمرار العقوبات الاقتصادية على إيران، في اللحظة الراهنة، ليس سوى ظلم يفوق الشر نفسه”.
يأتي هذا الضغط والعقوبات فيما تحتاج “إيران” الموارد المالية والدوائية للحد من تفشي “كورونا”. ويكون الأمر مثيرًا للجدل، لاسيما بعدما أبدت الإدارة الأميركية مرارًا، عبر مختلف المنابر، استعدادها لتقديم العون لـ”إيران”.
الضغط بالعقوبات مع عروض بالمساعدة !
وقد اقترح الأميركيون على “إيران”، مؤخرًا، قبول المساعدات الإنسانية لمكافحة فيروس “كورونا”؛ لكن أعلنت “إيران”، (بموجب بعض الأدلة التي سنعرض لها تباعًا)، رفضها قبول هذه المساعدات.
بينما يتحدث المسؤولون الأميركيون باسم المساعدات الإنسانية عن دعم “إيران” ماليًا وطبيًا لمكافحة “كورونا”، إلا أنهم قوضوا ثقة “إيران” بالانسحاب من “الاتفاق النووي” وإغتيال الجنرال، “قاسم سليماني”، وفرض العقوبات والضغوط المستمرة على “طهران”، ودعم أعداء “إيران”.
وعليه لا عجب أن يمتنع مسؤولي “إيران” عن تلقي أي نوع من المساعدات الأميركية. وإنعدام الثقة الإيرانية في “الولايات المتحدة” ومساعدات “البيت الأبيض” التي تبدو إنسانية، يبدو جليًا في بيانات المرشد، آية الله “علي خامنئي”، ووزير الخارجية، “محمد جواد ظريف”.
وكان المرشد قد أكد في خطابه، بمناسبة اقتراب السنة الشمسية الجديدة وذكرى بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم: “أن الولايات المتحدة أعلنت مرارًا استعدادها تقديم الدعم الطبي لإيران، وقالوا: فقط أطلبوا منا. وهذا من التصريحات العجيبة. فأنتم أولاً تعانون من النقص. فاستفيدوا أنتم إذا كانت لديكم القدرة بالفعل. فأنتم متهمون بتخليق هذا الفيروس. ولا أدرى مدى صحة هذا الاتهام، لكن ربما كان الدواء الذي تجلبون سببًا في بقاء الفيروس. وربما تُرسلون إلينا شخصًا لاستكمال معلوماته عن معدل تأثير هذا الفيروس”.
عدم الثقة بواشنطن..
بدوره وصف، “ظريف”، في حوار إلى صحيفة (فوليا دي سان باول) البرازيلية، مقترح نظيره الأميركي، “مايك بومبيو”، للمساعدة بـ”النفاق”، وعزا أسباب الفشل في مكافحة هذا المرض الذي ضرب العالم؛ للإرهاب الدوائي الأميركي.
هذه المواقف تنم عن انعدام الثقة المطلقة في “الولايات المتحدة” وسياسات “واشنطن”، وزادت من قوة عدم الثقة في الدول الأخرى التي تُصارع فيروس “كورونا”. على سبيل المثال انتشر على “الإنترنت”، بالآونة الأخيرة، فيديو طبيب عراقي يكشف النقاب عن إدخال “القنصلية الأميركية” في “أربيل”، شاحنة مليئة القبعات الملوثة بفيروس “كورونا” إلى المدينة.
ويقول هذا الطبيب، بعد تحديد موقع تخزين الفيروس: “تمت معالجة الفيروس بيولوجيًا في القباعات ليبقى بداخلها مدة 25 يوم”. ويعتقد الخبراء أنه رغم تأكيد “البيت الأبيض”، منذ استئناف العقوبات، على عدم استهداف الأدوية والغذاء أو بعبارة أخرى الأدوات الحيوية والإنسانية، لكن عمليًا تُعاني “إيران” تأثير العقوبات في المجالات سالفة الذكر بإصرار “البيت الأبيض” على إبقاء حظر القنوات المالية والعقوبات المصرفية.
وأن “البيت الأبيض” يقف تحديدًا ضد الشعب الإيراني رغم شعارات البقاء إلى جانب هذا الشعب، والعمل بتبني سياسة “ضغوط الحد الأقصى” إلى تحويل أبناء الشعب الإيراني إلى عناصر ساخطة معادية للثورة، وهي المؤامرة المفضوحة التي إتخذت قالب قرارات العقوبة الستة، لكنها باءت بالفشل.
لابد أن نذكر نقطة متعلقة بتفشي فيروس “كورونا” والضغط الأميركي الهائل؛ أن فيروس “كورونا”، (كوفيد-19)، خطر للغاية وينتشر بقوة، وأن إصرار “أميركا” على زيادة العقوبات على “طهران” ساهم في ضعف الإجراءات الوقائية والطبية التي تتخذها “إيران”، وبالتالي فإن ضغط “أميركا” بقوة على “إيران” سيساعد في انتشار الفيروس في العالم.
في السياق ذاته صرح، “حسن روحاني”، رئيس الجمهورية؛ مخاطبًا الشعب الأميركي: “أنا أحذر، طهران لا تبتعد كثيرًا عن باريس أو لندن أو واشنطن في ظل هذا الوباء العالمي الخطير، وأي سياسة مضللة وعدائية تريد إضعاف النظام الطبي وتقييد موارد إيران المالية في إدارة الأزمة، ستؤثر بشكل مباشر على عملية مكافحة هذا الوباء في باقي الدول”. (كوفيد-19)، بالنسبة لكل الدول؛ هو (قضية حياة أو موت) بكل ما تعني الكلمة، والقضاء عليه؛ هي مهمة العالم بأسره”.
ونحن نتابع حاليًا، انتقال العدوى من الدول الآسيوية إلى “إفريقيا”، وكذلك دول “أوروبا” المختلفة و”أميركا” ذاتها، ويزداد عدد الضحايا كل دقيقة. وتؤكد أحدث الإحصائيات في “أميركا” وفاة ما يقرب من 250 شخص وإصابة 27 ألف آخرين.
وعليه، وفي ظل هذه الظروف؛ لابد من توحيد الصوت العالمي ضد سياسات “ترامب”، واستشعار دور المنظمات والمؤسسات الدولية الفعال في الضغط على “البيت الأبيض” لتقليل العقوبات، لأن تداعيات العقوبات لا تقتصر على السعب الإيراني، وإنما تُعد تهديدًا حقيقيًا للعالم أجمع.