بعد فرضه حالة الطواريء .. “ترامب” يقع بين فكي القضاء والكونغرس .. فمن ينتصر ؟

بعد فرضه حالة الطواريء .. “ترامب” يقع بين فكي القضاء والكونغرس .. فمن ينتصر ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في حركة سياسية مكشوفة.. قد تكون إعدادًا مسبق للانتخابات القادمة؛ وليبين مدى قدرته على الوفاء بوعوده الانتخابية السابقة، فرض الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، حالة الطواريء الوطنية، وأكد أن ميزانية “وزارة الدفاع” ستمول بناء الجدار على الحدود مع “المكسيك”.

وتعتبر خطوة “ترامب” هذه؛ من أقوى الطرق في علاقته مع المعارضة لحل قضية الجدار الفاصل مع “المكسيك”، والتي ناهضت المشروع منذ الإعلان عنه واستخدمت كل صلاحياتها الدستورية للوقوف ضده.

كما تمثل خطوة جريئة لتخطي صلاحيات “الكونغرس”؛ ونهجًا جديدًا للوفاء بتعهد قطعه، خلال حملته الانتخابية في 2016، لوقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين على البلاد؛ إذ يقول “ترامب” إنهم يأتون ويجلبون معهم “المخدرات والجريمة”.

كما وقع “ترامب”، يوم الجمعة، على مشروع قانون الموازنة الذي تقدم به الحزبان، والذي كان “الكونغرس” قد وافق عليه، يوم الخميس الماضي، مما سيحول دون إغلاق جزئي آخر بتمويل العديد من الوكالات الحكومية التي كانت ستغلق، أمس السبت، في حالة عدم إقرار المشروع.

هزيمة تشريعية..

إقرار الميزانية، دون تخصيص تمويل لبناء الجدار الحدودي، يمثل هزيمة تشريعية للرئيس، وهو أمر كان محور خلاف مستمر منذ أسابيع مع الديمقراطيين في “الكونغرس”، فيما لم يدل “ترامب” بتصريحات مباشرة بشأن مشروع الموازنة، يوم الجمعة.

ويسمح إعلان حالة الطواريء، لـ”ترامب”، بإستقطاع تمويل خصصه النواب لأغراض أخرى لبناء الجدار، لكن بشرط ألا تتدخل محاكم أو “الكونغرس” لمنعه من هذا الإعلان.

إلا أن ما حدث يُنبيء بدخول “ترامب” في معركة تشريعية وقانونية طويلة الآمد مع الديمقراطيين والتسبب في انقسام بين الجمهوريين.

ولم يتمكن “ترامب”، خلال عامين كان فيه الجمهوريون يسيطرون على مجلسي “النواب” و”الشيوخ” على حدًا سواء، من إقناع “الكونغرس” بمنحه التمويل للجدار. والآن هذه فرصته الأخيرة للنجاح، لكن الديمقراطيون يتحكمون بالمجلسين مرة أخرى؛ وهم رفضوا طبعًا تمويل هكذا مشروع. ولم تكن إستراتيجية الرئيس التفاوضية، وهي إثارة نوبات الغضب؛ والتغريدات المعادية على (تويتر)؛ والتسبب في أطول إغلاق حكومي جزئي في التاريخ، ناجحة أبدًا.

محاولة للإستيلاء على السلطة..

فمن جهتها؛ أعلنت رئيسة مجلس النواب، “نانسي بيلوسي”، أن خطوة “ترامب” محاولة للإستيلاء على السلطة وخرق للدستور، موضحة أن “الكونغرس” سيتوجه لـ”المحكمة الدستورية”.

وتقدم 15 عضوًا ديمقراطيًا، في “مجلس الشيوخ”، الذي يهيمن عليه “الحزب الجمهوري”، بتشريع، يوم الخميس، لمنع “ترامب” من تفعيل سلطات الطواريء لتحويل أموال لبناء الجدار من أرصدة خصصها “الكونغرس” بالفعل لمشروعات أخرى.

وقال “ترامب”، متوقعًا المعركة القانونية: “أتوقع أن تتم مقاضاتي. لا ينبغي أن يحدث ذلك… سننتصر في المحكمة العليا”.

يحتاج مساعدة الجيش..

وقال “ترامب”، خلال إعلانه حالة الطواريء عند حدود “الولايات المتحدة” مع “المكسيك”، إنه بحاجة لإستدعاء الجيش للمساعدة “بسبب خطورة الوضع الطاريء الحالي”.

مضيفًا أن: “الوضع الحالي، على الحدود الجنوبية، يمثل (تهديدًا) لأمن الحدود وأزمة إنسانية تهدد مصالح الأمن القومي الأساسية وتشكل حالة طواريء وطنية”.

إجراءات قضائية ضد القرار..

ويمكن لـ”الكونغرس”، بمجلسيه، إصدار قرار يلغي أي حالة طواريء بتصويت بالأغلبية، لكن هذا القرار سيُرسل بعد ذلك لـ”ترامب”، الذي من المُرجح أن يعترض عليه بحق النقض، (الفيتو). ويتطلب تخطي هذا (الفيتو) تصويتًا من المجلسين بموافقة الثلثين على القرار.

ديمقراطيون قالوا إن الرئيس إختلق، “أزمة”، على الحدود لتبرير الحصول على تمويل بطريقة غير دستورية.

من جانبهما؛ قالت ولايتا “كاليفورنيا” و”نيويورك” إنهما ستتخذان إجراءات قانونية ضد إعلان “ترامب” حالة الطواريء الوطنية.

وقالت الديمقراطية، “ليتيشا غيمس”، النائب العام لولاية “نيويورك”: “لن نقبل إنتهاك السلطة هذا، وسنقاوم بكل الأدوات القانونية التي تحت تصرفنا”.

ووصف “غافين نوسم”، حاكم “كاليفورنيا”، المنتمي لـ”الحزب الديمقراطي”، حالة الطواريء الوطنية؛ بأنها إجراء مصطنع.

وقال إن: “رسالتنا للبيت الأبيض بسيطة وواضحة: كاليفورنيا تنتظرك في المحكمة”.

ورفعت منظمة (بابليك سيتيزن) دعوى قضائية ضد الرئيس الأميركي، نيابة عن مُلّاك الأراضي في ولاية “تكساس”، التي ينوي “ترامب” بناء جدار حدودي فيها.

وقالت المنظمة، غير الربحية، في بيان، إنها رفعت الدعوى في محكمة اتحادية في “واشنطن”، بالنيابة عن 3 من مُلّاك الأراضي في “تكساس” و”فرونتيرا أودوبون سوسيتي”، وهي محمية طبيعية في وادي “ريو غراندي”.

وأضافت المنظمة، في بيانها: “قاضينا ترامب بسبب حالة الطواريء الزائفة التي أعلنها”.

وتابعت: “إذا نجح ترامب في ذلك؛ فلا يمكن أن نعرف ما حالة الطواريء المصطنعة القادمة، ومَن الذين سيتعرضون للاستهداف، وما سلطات الطواريء التي سيتم الإعلان عنها، نرفض هذا الإنحدار إلى الحكم الاستبدادي !”.

وواجهت خطط الرئيس الأمريكي عقبة أخرى، عقب خطابه في “البيت الأبيض”، حيث خرج عدد من المحتجين الرافضين سياسات “ترامب” أمام البرج الخاص به في “نيويورك”.

واعتقلت الشرطة عددًا من المحتجين، ومن المحتمل أن يتم توجيه اتهامات للمتظاهرين المعتقلين بإرتكاب سلوك مخالف للقانون وعرقلة حركة المرور.

ووافق “الكونغرس” على مزاعم “ترامب” في ضرورة تسوية أمن الحدود لمنع حدوث إغلاق حكومي ثان، وينص الاتفاق على تقديم 1.4 مليار دولار لبناء حواجز جديدة على طول الحدود بين “أميركا” و”المكسيك”، وهذا مقارنة بمبلغ 8 مليار دولار الذي طلبه الرئيس، ويكفي المبلغ المتاح 55 ميلاً فقط من الجدار، وليس كما أراد بناء 200 ميل.

وهذا الاتفاق سيؤثر سلبيًا على المهاجرين المحتجزين الذين سيزداد عددهم، مما سيسبب ضغطًا كبيرًا على “إدارة الهجرة والجمارك”، وهذه الحقائق لا يتفق معها الديمقراطيون؛ فبرأيهم أنه إعتداء على حقوق المهاجرين وأنهم محتجزون ظلمًا.

تأييد جمهوري على إستحياء !

الجمهوريون يؤيدون “ترامب” على قراره، حيث غردت سيناتور، “ليندسي غراهام”، على (تويتر): “أنا أقف بثبات وراء بناء الحواجز الجدارية، (على حدود المكسيك)، التي نحتاجها بشدة”.

لكن بعض الجمهوريون يخشون من تأييد إعلان الرئيس حالة الطواريء، لأنه في حال انتخاب رئيس من “الحزب الديمقراطي”، في المستقبل، فسوف يستخدم هذا ضدهم، حيث قال عضو الكونغرس الجمهوري، “كريس ستيوارت”، إن الرئيس “يرتكب خطأ”، محذرًا من أن حالة الطواريء الوطنية “سيكون لها عواقب خطيرة”.

كما قالت سيناتور جمهوري، “سيوزان كولينز”: “الرئيس دونالد ترامب؛ يريد إعلان حالة طواريء بهدف تمويل بناء حواجز إضافية”.

وقالت سيناتور جمهوري أخرى، “شيلي موري كابيتو”، إن من حق “ترامب” إتخاذ خطوة جذرية، لأن “الكونغرس” رفض تقديم ما يكفي من المال لبناء الجدار.

تم الإعلان عن حالة الطواريء 58 مرة..

يُذكر أنه تم الإعلان عن حالة طواريء، 58 مرة، في “الولايات المتحدة الأميركية”؛ منها بعد حادثة اصطدام طائرتين ببرجي “نيويورك” التوأم في، 11 أيلول/سبتمبر عام 2001، فاعتبرها الرئيس، “جورج دبليو بوش”، هجومًا إرهابيًا.

ولا توجد حالة طواريء حقيقية في “أميركا”، فقد بلغت عمليات القبض على المهاجرين غير القانونيين، على الحدود “الأميركية-المكسيكية”، ذروتها في عام 2000، بعدد أكثر من 1.5 مليون مهاجر في السنة. وانخفض هذا العدد بشكل حاد في عهد الرئيسين “جورج دبليو بوش” و”باراك أوباما”. وفي عام 2017، كانت عند أدنى مستوى لها، منذ عام 1971. وفي عام 2018، بالكاد ارتفع العدد إلى ما فوق 400 ألف مهاجر.

لا داعي لإعلان حالة الطواريء..

تعليقًا على قرار “ترامب”؛ قال الدكتور في العلوم السياسية من جامعة واشنطن، “مات داليك”، في مقابلة مع (واشنطن بوست)، أنه من الواضح عدم وجود سببًا حقيقي للإعلان عن حالة الطواريء، فأسباب إعلان حالة الطواريء في البلاد يمكن أن تكون “كوارث طبيعية” أو “هجمات إرهابية”، وهذه الأحداث تحدث نادرًا؛ وزمن حدوثها ليس مطولاً غالبًا، ولا تضم زيادة الاعتمادات لبناء شيء ما… خصيصًا في حالة رغبة “ترامب” في بناء جدار.

رئيس سلطوي ينتهك القسم..

وتعتقد وسائل الإعلام الأميركية، أن تحدي “ترامب”، الكونغرس، وإغلاق عمل الحكومة؛ هو إنتهاك لقسمه الذي أداه يوم تسلمه الرئاسة، “الحفاظ على دستور الولايات المتحدة وحمايته والدفاع عنه”، وهذا القسم يمنح “الكونغرس”، وليس “الرئيس”، سلطة لتحديد كيفية إنفاق المال العام. لا يمنح “ترامب” الحق في تمويل المشاريع التي لن يوافق عليها “الكونغرس”، لكن بعض القادة السلطويين يقومون بهذا النوع من الأشياء، وواحد منهم جالس الآن في “البيت الأبيض”.

وأعتاد “ترامب” على وصف المهاجرين على أنهم “مغتصبون” وأميركيون متوسطون كأعضاء في عصابات الشوارع، والآن هناك إزدياد في عدد العائلات التي تقدم طلب اللجوء بشكل قانوني، ويطلق عليها “ترامب” اسم؛ “القوافل”.

وبموجب القانون الأميركي والقانون الدولي، يتمتع هؤلاء الأشخاص بحق، لا جدال فيه، في طلب اللجوء وفي تقييم حالتهم. فمعظمهم  يأتون إلى المعابر الحدودية القانونية للحصول على القبول، يحاول عدد قليل منهم فقط التنقل في المناطق الريفية المحظورة، حيث يقول “ترامب” إنه يريد بناء جدار.

فيما يرى السياسيين أن ما تحتاجه الإدارة الأميركية فعلاً هو توسيع وتحسين مرافق المعالجة الصحية، والعناية، لكن إذا تم بناء الجدار فسوف تتأذى العديد من المشاريع الحكومية إثر تمويل هذا البناء.

تخبط مع المؤسسات الأميركية..

أستاذ العلاقات الدولية والعلوم السياسية بجامعة بيروت، “رائد المصري”، يقول إن الرئيس “ترامب” يعتقد أنه من خلال بناء الجدار العازل بينه وبين “المكسيك”؛ يحقق وعوده الانتخابية وبالتالي بدأ يعمل على إعادة تجميع قواه الشعبية من أجل إعادة انتخابه لولاية ثانية، ولكن في ظل ذلك توجد عقبات كثيرة تواجه “ترامب” مما يُعد تخبطًا وتأزمًا يواجهه من قِبل المؤسسات الأميركية؛ وعلى رأسها “الكونغرس”.

حركة سياسية مكشوفة..

من جانبه؛ قال “نصير العمري”، الكاتب والمحلل السياسي، إن بعد فشل “ترامب” في الحصول على أموال من “الكونغرس” للموافقة على صرف أموال لبناء جدار بين “أميركا” و”المكسيك”، إتجه “ترامب” لإعلان حالة الطواريء في حركة سياسية مكشوفة لدى البعض، الهدف منها هو إظهار أنه مازال يقاتل من أجل بناء الجدار الذي وعد به أثناء حملته الانتخابية، وعلى الفور أعلن “الديمقراطيون” أن هذا الإجراء غير دستوري لأن الدستور الأميركي ينص على “أن الإنفاق الحكومي يجب أن يكون بقرار من الكونغرس”، وبالتالي يتجه مجلسا “النواب” و”الشيوخ” إلى القضاء لإيقاف “ترامب” من توجيه أموال يجب أن تنفق على مجالات أخرى.

وأوضح “العمري” أن المحاكم ربما ترفض هذا القرار؛ لأنه بمثابة تعدٍ على الدستور والقانون، ولكن يأمل “ترامب”، أن “المحكمة العليا” ستوافق على هذه الإجراءات، خاصة بعد أن قام بتغيير تركيبة أعضاء المحكمة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة