بعد اغتيال “خاشقجي” .. ترامب يخسر الرهان على بن سلمان .. وأزمة محتملة بين واشنطن والرياض !

بعد اغتيال “خاشقجي” .. ترامب يخسر الرهان على بن سلمان .. وأزمة محتملة بين واشنطن والرياض !

خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :

نشرت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبرية مقالات تناولت فيها تداعيات اغتيال الصحافي السعودي، “جمال خاشقجي”، على مكانة “المملكة العربية السعودية” ومستقبل ولي العهد، الأمير “محمد بن سلمان”.

مُضيفة أن الغرب كان يعلق آمالاً عريضة على الأمير “بن سلمان”، لكن قضية اغتيال “خاشقجي” باتت تهدد مستقبله كحاكم للمملكة. فيما تحاول “الرياض” إقناع الجهات الدولية بأن “بن سلمان” لم يكن على علم بحادث الاغتيال، ولكن لا أحد يصدق ذلك.

تشكيك في الرواية السعودية..

بحسب الصحيفة الإسرائيلية؛ فقد استقبل العالم بقدر كبير من الشك والريبة البيان السعودي، الذي أقرت فيه “الرياض” بأن “خاشقجي”، المعارض للنظام، قد مات في شجار داخل قنصليتها في “إسطنبول”. وبإستثناء الدول العربية الحليفة لـ”السعودية” – مثل “مصر والبحرين والإمارات” – التي سارعت بإصدار بيانات الدعم والتأييد للملك “سلمان” ونجله، فإن حكومات دول العالم أبدت التشكيك في الرواية السعودية، التي تقول إن ولي العهد “بن سلمان” – ذلك الرجل القوي في المملكة، والذي كان الغرب يعقد عليه حتى فترة قريبة آمالاً عريضة – لم يعلم بحادث الاغتيال.

ولقد علقت حكومات دول العالم، بشكل متحفظ، على رواية “المملكة العربية السعودية”، ولم تصدقها. فيما أعلنت “منظمة حقوق الإنسان” أن الرواية السعودية تبدو كمحاولة للتستر على جريمة قتل مروعة.

وهناك أعضاء في “الكونغرس الأميركي” لم يقتنعوا بما قالته “الرياض”، ومنهم السناتور الجمهوري، “ليندسي غراهام”، الذي هو حليف الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”. فقد انتقد “غراهام”، السعودية، بشدة وزعم أن “بن سلمان” لا يصلح أن يكون ملكًا للبلاد. مؤكدًا أن أقل ما يمكن أن يقوله هو أنه يشكك في الرواية السعودية بشأن مقتل “خاشقجي”.

مُقربون من ولي العهد..

أشارت الصحيفة العبرية إلى أن هناك اثنين من بين المسؤولين الخمسة، التي أعلنت “السعودية” عن إقالتهم، مُقربين من ولي العهد، وهما: نائب رئيس الاستخبارات العامة، “أحمد العسيري”، والمستشار الإعلامي، “سعود القحطاني”.

وكان مقربون من “القحطاني”؛ قد قالوا عنه إنه كان يتحدث دائمًا باسم ولي العهد، وكان يُبلغ عنه الأوامر للمسؤولين السعوديين، بمن فيهم قادة الأجهزة الأمنية. وقالت مصادر أخرى، مُقربة من “خاشقجي” والحكومة، إن “القحطاني” حاول إغراء “خاشقجي” بالعودة إلى “المملكة العربية السعودية” بعد أن هرب منها إلى “واشنطن” قبل عام خوفًا على حياته. وفي آب/أغسطس 2017؛ كتب “القحطاني” على حسابه الشخصي بمنصة التواصل الاجتماعي (تويتر): “هل تظنون أنني إتخذ القرارات دون تعليمات ؟.. إن لدي رؤساء وأنا أنفذ بإخلاص أوامر سيدي الملك وسيدي ولي العهد”.

“بن سلمان” ليس المشكلة..

في البيان السعودي؛ المتعلق بملابسات مقتل “خاشقجي” الذي صدر بعد 18 يومًا من إختفائه، أعلنت “الرياض” أيضًا أنه قد تم تعيين “بن سلمان” رئيسًا لـ”الجنة إصلاح جهاز الاستخبارات السعودي”. وهنا تنوه الصحيفة إلى أن تعيين “بن سلمان” رئيسًا لتلك اللجنة يعني أن الملك السعودي، “سلمان بن عبدالعزيز”، لا يعتبر أن نجله هو المسؤول عن مقتل “خاشقجي”، وأنه ليس هو المشكلة بل هو الحل.

وبعيدًا عن البيان الرسمي السعودي؛ فقد أكدت مصادر سعودية لوسائل الإعلام الدولية أن “بن سلمان” لم يعلم بمقتل “خاشقجي”، لا قبل الحادث ولا بعده.

إجراءات إصلاحية..

جدير بالذكر أنه قد تم تعيين “بن سلمان”، وليًا للعهد في حزيران/يونيو 2017، بعد أن تقرر الإطاحة بإبن عمه، “محمد بن نايف”، من ذلك المنصب.

ومنذ ذلك الحين؛ أقام “بن سلمان” علاقات قوية مع “البيت الأبيض”، وأعطى الغرب إنطباعًا بأنه زعيم إصلاحي يقود بلاده المحافظة نحو الليبرالية، فأعاد فتح دور السينما في “السعودية”، وسمح بإقامة الحفلات الموسيقية، وسمح للنساء لأول مرة في تاريخ البلاد بقيادة السيارات ودخول الملاعب لمشاهدة المباريات.

كما أعلن “بن سلمان” عن خطة اقتصادية طموحة بعنوان “رؤية 2030″، بهدف تقليل اعتماد “السعودية” على “النفط”، وذلك من خلال جعل اقتصاد البلاد أكثر تنوعًا، عبر الاستثمار في مجالات السياحة والتكنولوجيا المتقدمة، إضافة إلى إتاحة المزيد من فرص العمل للمرأة السعودية.

قضية “خاشقجي” هي الأخطر على “بن سلمان”..

ولكن رغم تقدير العالم لجهود ولي العهد، “بن سلمان”، الرامية لتحقيق الحداثة والليبرالية، إلا أن الحكومات الغربية ومنظمات حقوق الإنسان قد أعربت عن قلقها إزاء عدة إجراءات أخرى إتخذها “بن سلمان” مثل اعتقال ناشطات في مجال حقوق المرأة، ومسؤولين حكوميين وصحافيين ومثقفين ورجال أعمال وأمراء من الأسرة المالكة.

فيما زعمت الحكومة السعودية أن تلك الاعتقالات تأتي ضمن حملة لمحاربة الفساد والتصدي لشخصيات تهدد الاستقرار. لكن تلك الاعتقالات في واقع الأمر – بحسب (يديعوت أحرونوت) – كانت تستهدف قمع معارضي “بن سلمان” والتخلص منهم.

كما أن حملة الضربات الجوية، التي قادتها “المملكة العربية السعودية” ضد المتمردين “الحوثيين”، المدعومين من “إيران” في “اليمن”، قد أدت إلى مقتل آلاف المدنيين، وأثارت انتقادات عالمية ضد ولي العهد السعودي. ومع ذلك، فإن الورطة التي تواجه “بن سلمان” حاليًا جراء مقتل “خاشقجي” تبدو هي الأخطر بين كل ما إقترف من إجراءات.

“ترامب” والموقف المتأرجح..

ترى صحيفة (يديعوت أحرونوت) أن الرئيس الأميركي، “ترامب”، يبدي موقفًا لا يتسم بالوضوح حيال قضية “خاشقجي”، فمرة يقول إنه يُصدق الرواية السعودية ومرة أخرى يُلمح بأنه غير مقتنع بها، وهو في جميع الحالات لا يريد أن يخسر صفقات بيع الأسلحة لـ”الرياض”.

وذكرت الصحيفة العبرية أن “ترامب” قد قال في مؤتمر انتخابي، في ولاية “نيفادا”، إنه راضٍ عن مُعالجة “السعودية” لتلك القضية، وأبدى دعمه لـ”بن سلمان” بقوله: “ربما أن ولي العهد السعودي لم يكن يعلم بجريمة القتل”.

مراهنة مُخيبة للآمال..

خلصت الصحيفة الإسرائيلية إلى أنه؛ من الوارد جدًا أن يكون من الصعب على الرئيس “ترامب” أن يحقق رغبته في الحفاظ على متانة العلاقات بين “واشنطن” و”الرياض”، حيث ذكرت شبكة (NBC News)؛ أن “ترامب” ربما خسر رهانه على ولي العهد السعودي، “بن سلمان”.

فمنذ تولى “ترامب” منصبه الرئاسي؛ قدم كامل الدعم والتأييد لـ”المملكة العربية السعودية” ولولي عهدها الطموح، إيمانًا منه بأنه سيستطيع مساعدة “الولايات المتحدة” في التصدي لـ”إيران” ووقف نفوذها بمنطقة الشرق الأوسط، ولكن يبدو أن تلك المراهنة مُخيبة للآمال إلى حد كبير.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة