29 مارس، 2024 12:13 م
Search
Close this search box.

“خان الأحمر” مأساة فلسطينية جديدة .. “نتانياهو” يناور الضغط الدولي بتأجيل قرار الهدم .. فمتى يتراجع ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

تحت وطأة الضغط العالمي والفلسطيني، جمّد رئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتانياهو”، لعدة أسابيع مشروع هدم قرية “خان الأحمر” البدوية في “الضفة الغربية” المحتلة، والتي بات مصيرها محط اهتمام كبير في العالم، على ما أعلنت أجهزته، صباح الأحد 21 تشرين أول/أكتوبر 2018.

وجاء في بيان صادر عن مكتب “نتانياهو”: “ننوي أن نعطي فرصة للمفاوضات والعروض التي تلقيناها من عدة أطراف، بما في ذلك في الأيام الأخيرة” بشأن “خان الأحمر”، القرية الواقعة شرق “القدس الشرقية” المحتلة على الطريق الرئيس بين مدينة “القدس” و”أريحا”، والتي يعيش فيها حوالي 200 بدوي فلسطيني في أكواخ من الخشب والألواح المعدنية؛ على غرار القرى البدوية الأخرى عمومًا.

وتزعم “إسرائيل” أن سكان القرية يقيمون فيها بصفة “غير قانونية”، وأمهلتهم حتى الأول من تشرين أول/أكتوبر الجاري، لهدم “كل المباني المقامة” فيها بأنفسهم.

وجاء قرار إخلاء القرية بعد نزاع قضائي استمر لسنوات؛ وبعد فشل محاولات إيجاد موقع بديل لسكانها.

وفي 5 أيلول/سبتمبر الماضي؛ أعطت “المحكمة الإسرائيلية العليا” الضوء الاخضر لهدم قرية “خان الأحمر” بعد رفض آخر التماس بوقف قرار الهدم.

جرائم حرب..

من جانبها حذّرت المُدعية الرئيسة لـ”محكمة الجنايات الدولية” في لاهاي، “فاتو بنسودا”، من أن “التدمير الشامل للممتلكات دون ضرورة عسكرية، وتهجير السكان عنوة في أراض محتلة، يشكّل «جرائم حرب»، بموجب ميثاق روما، (المعاهدة المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية)”.

وأضافت “بنسودا”؛ أنها “ستسمر بدراسة الوضع في خان الأحمر، إتخذ إجراءات إذا لزم الأمر”.

لكن قبيل لقاء “نتانياهو” مع وزير الخزانة الأميركي، “ستيفن منوتشين”، قال “نتانياهو”: “هذه هي سياستنا وسيحصل ذلك (الهدم)”، مضيفًا: “لا نية لدي بتأجيل الهدم لأجل غير مسمّى بل لفترة قصيرة ومحدودة”.

بسبب الضغوطات الدولية..

إلى ذلك أفادت صحيفة (هاآرتس) الإسرائيلية، السبت الماضي، بأن “إسرائيل أرجأت هدم قرية الخان الأحمر شرق القدس، حتى إشعار آخر”.

ونقلت الصحيفة العبرية عن مصدر سياسي وصفته، بـ”الرفيع”، قوله: إن “القرار إتخذ في أعقاب الضغوطات الدولية الممارسة على إسرائيل؛ وبهدف إستنفاذ المفاوضات والمقترحات التي قدمت من قبل عدة أطراف في مسعى لحل هذه القضية”.

ووفق (هاآرتس)؛ فإن “المستوى الأمني أكد جهوزيته لتنفيذ عملية هدم القرية وإخلاء السكان، وكانت تنتظر الضوء الأخضر من المستوى السياسي، إلا أن المستوى السياسي قد تأخر عن إعطاء الضوء الأخضر لهدم المنازل دون تفسير”. على حد وصف الصحيفة.

وكانت الصحيفة الإسرائيلية قد نقلت، الأسبوع الماضي، عن مصدر سياسي أن “إسرائيل تدرك جيدًا خطورة التصريحات الصادرة عن، الاتحاد الأوروبي، غير المعتادة حول قرية خان الأحمر، وكذلك تصريحات المدعي العام في المحكمة الدولية، في لاهاي، وبذلك قدّرت السلطات الإسرائيلية أنه سيتم تأخير موعد هدم القرية”.

لا نثق بالقرارات الإسرائيلية..

تعليقًا على القرار الإسرائيلي؛ قال رئيس هيئة مقاومة الجدار والإستيطان، “وليد عساف”، إن “الأخبار الصادرة عن الاحتلال بنيته تجميد هدم قرية الخان الأحمر لا نثق بها، وسنواصل اعتصامنا هنا للدفاع عن بادية القدس”.

وأضاف “عساف”، في تصريح صحافي: “اليوم سنبدأ إجراءات من أجل التجهيز للاعتصام الشتوي في الخان الأحمر وسيتم بناء خيام لذلك”، مشيرًا إلى أن عمليات قمع الاحتلال للمعتصمين في “الخان الأحمر” تتصاعد يومًا بعد يوم “وأننا سنواصل التصدي للاحتلال”.

وقال: إن “الاعتصامات التضامنية مع «الخان الأحمر» ستمتد، في المرحلة المقبلة، لمراكز المدن وستتصاعد وتزداد وتيرتها”.

محاولات تنويم وتخدير لردود الفعل الدولية..

كما حذّرت “الخارجية الفلسطينية” من تداعيات هدم “الخان الأحمر” وتهجير سكانها، وما ترافق معها من تركيز إعلامي دولي على هذه القضية، وكذلك البيان الذي صدر عن المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، وحذرت فيه إسرائيل من مغبة القيام بمثل هذه الخطوة.

وأكدت على أن صمود سكان “الخان الأحمر” و”هيئة مقاومة الجدار والإستيطان”، ودعم المواطنين الفلسطينيين والمتضامنين الدوليين، بمن فيهم الإسرائيليون، وتواجدهم الدائم بأعداد متزايدة يومًا بعد يوم في “الخان”، فرض نفسه وبقوة على المسؤولين الإسرائيليين، ودفعهم لإتباع تكتيك جديد يهدف إلى إمتصاص ردود الفعل وحالة النقمة الدولية، عبر التلويح بإمكانية تأجيل تنفيذ قرار “المحكمة العليا الإسرائيلية”، وصولًا إلى حالة من التراخي في طبيعة ردود الفعل، تأتي بعدها جرافات الاحتلال لتنفيذ قرار المحكمة، كما جرت العادة في مرات سابقة.

وشددت الخارجية على أن “المحكمة العليا الإسرائيلية” أثبتت، وعبر سنوات طويلة، أنها ذراع تنفيذية لحكومة الاحتلال وجزءً لا يتجزأ من منظومته، فضلاً عن توفيرها الغطاء القانوني لجرائمه، خاصة فيما يتعلق بالإستيطان، وسرقة أرضِ المواطنين الفلسطينيين، وعمليات الهدم والتهجير القسري وغيره.

وبالرغم من ذلك؛ فإن بعض القرارات التي صدرت عن تلك المحكمة بشأن بعض المستوطنات غير القانونية بقيت بقرار من “نتانياهو” وحكومته، حبرًا على ورق، ولم يبدِ رئيس الوزراء الإسرائيلي مثل هذا الإصرار على تنفيذها.

وأضافت أن أي عملية تأجيل أو تعليق لتنفيذ قرار المحكمة بشأن “الخان الأحمر” من طرف الحكومة الإسرائيلية، ما هي إلا محاولات تنويم وتخدير لأشكال ردود الفعل الدولية وردود الفعل الشعبية المتواصلة المناهضة للقرار.

وأشارت إلى أن هذا الأسلوب الإسرائيلي ليس بالجديد، وهو متبع في حالات كثيرة وجد فيها الاحتلال نفسه أمام ضغوطات دولية مماثلة، محذرة من رفع سقف التفاؤل حيال مثل هذا التكتيك الإسرائيلي الذي أشار إليه “نتانياهو”، وتهيب بالجميع الاستمرار والثبات وعدم التأثر بمثل هذه الدعاية التضليلية التي يُمارسها “نتانياهو” وحكومته، كما حذرت أيضًا المجتمع الدولي وحكوماته من الوقوع في مثل هذا الفخ الإسرائيلي الهادف لإمتصاص اعتراضاتهم وانتقاداتهم.

وتؤكد الوزارة الفلسطينية أنها ستواصل العمل كما يجب على اعتبار أن هذا التهديد لا يزال قائمًا وحاضرًا “ضد أبناء شعبنا في الخان الأحمر”، وأن الخطر محدق ومستمر ولم يتوقف، كما أكد “نتانياهو” بنفسه.

ردود فعل عالمية محذرة..

وكان مصير القرية قد أثار ردود فعل عالمية؛ بينها ثمان من دول “الاتحاد الأوروبي”، حيث دعت “بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والسويد وبلجيكا وبولندا وهولندا”، إسرائيل” في أيلول/سبتمبر الماضي، إلى “مراجعة قرارها”، معتبرة أن هدم “خان الأحمر” سيمكن “إسرائيل” من توسيع الإستيطان بشكل يقطع “الضفة الغربية” إلى قسمين، ما سيجعل من المستحيل إقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافيًا.

تسويات “فلسطينية-إسرائيلية”..

وجرت منذ ذلك عدة محاولات غير رسمية للتوصل إلى تسويات، بحسب ما أبلغ وكالة (فرانس برس) المحامي، “توفيق جبارين”، أحد ممثلي أهالي “خان الأحمر”.

المحامي “جبارين” قال: إن “مقترحاتنا كانت مبنية على ما أبلغنا به المحكمة حول استعدادنا للإنتقال بضعة مئات الأمتار شمالاً”، مضيفًا: “بناء على هذه المقترحات توصلنا إلى تفاهمات”.

وأضاف المحامي؛ أن الحكومة لم ترد بعد على المقترحات، رافضًا كشف هوية الشخص الذي يتولى الوساطة بين الجانبين.

وقال سكان “خان الأحمر” إنهم باقون في قريتهم وشككوا في مصداقية “نتانياهو”.

وما يؤكد صحة تصريحاته ما أفادت به إذاعة الجيش الإسرائيلي، صباح أمس الأحد، أن سبب إعلان رئيس الحكومة “نتانياهو”؛ إرجاء عملية إجلاء التجمع البدوي، “خان الأحمر”، الكائن بالقرب من “مدينة القدس”، يعود إلى تلقيه وعودًا قبل عشرة أيام، من جهات فلسطينية مسؤولة قد تكون من مستويات رفيعة في “السلطة الفلسطينية”، بإجلاء المكان طوعًا وإنتقال سكانه إلى أرض فلسطينية بملكية خاصة تبعد عن شارع رقم 1، الذي يصل “مدينة القدس” بـ”البحر الميت”.

هذا؛ ولم ترد أي تأكيدات لهذا التقرير من أي جهة فلسطينية.

غضب من قرار “نتانياهو”..

كما أثارت، خطوة “نتانياهو”، غضب أكبر شريكين له في الإئتلاف الحكومي، حيث أعلن وزير الدفاع، “أفيغدور ليبرمان”، معارضته قرار إرجاء هدم القرية.

فيما؛ شدد وزير التعليم الاسرائيلي، “نفتالي بينيت”، رئيس حزب “البيت اليهودي” الديني القومي، على ضرورة تطبيق القانون “على الرغم من معارضة المجتمع الدولي وتهديداته”.

تراجع وقتي..

تعليقًا على القرار الإسرائيلي؛ قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية والخبير بالشأن الفلسطيني، “د. أسامة شعث”، إن هناك تمسك من قِبل الشعب الفلسطيني وإصرار للدفاع عن هذه المدينة بجميع فئاته، بدءًا من القيادة الفلسطينية وصولاً لجميع أفراد القرية، فالإحتلال الإسرائيلي لديه الرغبة في هدم القرية، ولكن لديه تكتيك الآن، فربما يكون هناك تراجعًا في الهدم الفوري للقرية، ولكنه سيتراجع عن هذه الخطوة ليعود مرة أخرى للإنقضاض على القرية بعد أن يفكك الضغط الدولي على الحكومة الإسرائيلية ثم يفكك الضغط الشعبي في هذه القرية.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب