اكد مصدر عراقي مطلع في حديث مع “كتابات” اليوم ان رئيس الوزراء نوري المالكي قد فوجئ بقرار اجتثاث هيئة المسائلة والعدالة لربيبه رئيس المحكمة الاتحادية مدحت المحمود بعد ان اعتبرته من أعوان صدام لكن المصدر عبر عن أساه لان هذا الرجل ظل طيلة عشرة اعوام يصدر الاحكام والقرارات الظالمة والمخربة ضد العراقيين قبل ان يتم انزال قصاص الشعب به وأجتثاثه.
وشدد المصدر على ان اجتثاث المدحت الذي غادر فورا الى امريكا اليوم هربا من فضيحته قد وجه ضربة قاسية الى رئيس الوزراء نوري المالكي حيث فقد احد وكلائه وحامل اختام رغباته في اصدار قرارات تتوافق واهدافه السياسية وتوجهاته الظالمه في ترسيخ سلطته وتشويه سمعة خصومه واصدار احكام معادية ومضادة لشكواهم ولجوءهم الى المحكمة عسى ان تنصفهم .. ولكن بدون جدوى. ومن اجل ذلك فقد اغدق المالكي العطايا والهبات على ربيبه البعثي واحد ازلام صدام الذي اصبح العوبة بيد رئيس الوزراء يوجهه كيفما اراد واينما رغب وضد من استهدف. لكنه يبدو ان الظلم لايدوم مهما طال وهاهي هيئة المساءلة والعدالة تكشف غطاء المالكي الملئ بالثقوب الذي كان يختبئ المحمود تحته لتظهر للعيان سوءاته : بعثي وأحد اعوان صدام” رئيس النظام السابق بأنتظار يوم آخر يتم فيه الاعلان رسميا ايضا أنه أحد “اعوان المالكي”.
وأشار المصدر الى ان المالكي قد اوعز حالا الى مستشاريه القانونيين البحث عن وسيلة لرفع الاجتثاث عن المحمود افشاروا عليه بأن يقدم المجتث طلبا بأستثنائه من قرار هيئة المساءلة والعدالة ليقوم رئيس الوزراء بالتوقيع عليه لابقائه الى جانبه لانه مازال بحاجة الى خدماته وتزويراته القانونية وتفسيراته اللاعقلانية للدستور ومواده خاصة وان قانون الهيئة يمنح المجتث 60 يوما لاستئناف قرار اجتثاثه.
واشاد المصدر بالحملة الشعواء التي قا بها النائب المستقل والشجاع صباح الساعدي لفضح علاقة مدحت المحمود بالنظام السابق والذي ظل سيفا مسلطا على رقبة المحمود بكل ما يملكه من وثائق وادلة تدينه وتؤكد عمالته لصدام ثم للامريكان ورجلهم في العراق سابقا بول بريمر الذي اصدر قرار تعيينه بمنصبه عام 2003 رئيسا لمجلس القضاء الاعلى وللمحكمة الاتحادية .
وعادة ماتتهم القوى السياسية العراقية المحمود بتسييس القضاء وتنفيذ رغبات رئيس الوزراء المالكي سياسيا م خلال اصداره قرارات قضائية تتوافق مع توجهات المالكي في تفسير القوانين لصالحه او اتخاذ اجراءات ضد خصومه.
واليوم اتهم النائب المستقل صباح الساعدي مدحت المحمود بأنه “صنيعة صدام كونه رفع شعار البيعة الأبدية من خلال الانتخابات الصدامية لعام 1995 والتي قال المحمود فيها كلمته الشهيرة “اننا ندعو بوش ليتعلم الديمقراطية من صدام حسين” كما دعا صدام إلى إعلان البيعة الأبدية بعد حصوله على نسبة خيالية في الاستفتاء المزعوم عام 1999.
واعلن الساعدي خلال مؤتمر صحافي في بغداد اليوم عن تقديم عدد كبير من المواطنين بقضايا ضد رئيس المحكمة الاتحادية القاضي مدحت المحمود وطارق حرب محامي رئيس الوزراء حالياً لمشاركتهما في جرائم ضد الانسانية، مؤكداً أنه آن الآوان لتفتح جميع الملفات بدون استثناء على كل من قام بجريمة ضد الانسانية وضد الشعب العراقي مطالباً مساندة الجميع لتقديمهما أمام محكمة علنية.
وأوضح الساعدي قائلا “قدمنا الشكوى الرسمية والتي ستصل الى رئيس هيئة الادعاء العام غضنفر الجاسم ورئيس مجلس النواب” والشكاوي قدمت من قبل 64 مواطن مرفقة طياً يطلبون تحريك شكوى جزائية والتعويض المادي ضد القاضي مدحت المحمود رئيس المحكمة الاتحادية العليا والمحامي طارق حرب عن جريمة اشتراكهم في اقتراح وصياغة قرار مجلس قيادة الثورة المنحل المرقم 115 في 25 آب 1994 والذي نص على المعاقبة بقطع صيوان الأذن لكل من هرب أو تخلف عن أداء الخدمة العسكرية.
وبين الساعدي، لذلك نطلب إحالة جميع الطلبات وهي 64 طلباً الى الآن، وقد تصل الى 10 آلاف طلب الى المحكمة المختصة لاتخاذ الاجراءات القانونية بحق الموما إليهما عن تلك الجريمة البالغة الخطورة ضد الانسانية بشكل لايقبل أي تبرير أو شفاعة لمرتكبيها أو مشرعيها أو مقترحيها أو لأي شخص ساهم فيها ضد المواطنين، مشيراً الى أن هذه الجرائم لاتغتفر وأن المشتكين قدموا طلبات بالتعويض المادي على كل من المحمود وحرب بأن يدفع كل واحد منهما للمشتكي الواحد 100 مليون دينار لأنهما قدما المشورة القانونية لصدام حسين.
كما اتهم الساعدي المحمود بصناعة “الدكتاتور الصغير المالكي عن طريق إقصاء خصومه بمواد قانونية تحت الطلب منها ما ادين به الكثير من النواب والمسؤولين الذين عارضوا سياسة المالكي التسلطية”. ومدحت المحمود من مواليد بغداد عام 1933 وتخرج في كلية الحقوق بدرجة ( شرف ) للسنة الدراسية 1958 – 1959. مارس المحاماة بعد التخرج في كلية الحقوق.
وقال الساعدي إن المحمود ينتحل ثلاث صفات سيادية ويمارسها وعمره 81 عاما. وقال الساعدي خلال مؤتمر صحافي إن “مدحت المحمود ينتحل صفة رسمية على الرغم من عدم استحقاقه لها، كونه تجاوز السن القانوني للتقاعد وهو 68 عاما”، مؤكدا أن “المحمود يتولى ثلاثة مناصب وهي رئيس مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية ومعهد القضاء وهو في الـ81 من العمر”.
وأضاف الساعدي أن ” المحمود يشغل تلك المناصب منذ 13 عاما، وأصدر أحكاما قضائية وقرارات مهمة”، مشيرا إلى أن “رئيس السلطة القضائية أصبح مجرما بانتحال صفة رئيس مجلس القضاء الاعلى ورئيس محكمة التمييز الاتحادية ورئيس المعهد القضائي”. وأوضح أن “قانون تمديد الصفة القضائية لعام 2012 المرقم 39 يشير الى ان احكام البند تسير على رئيس محكمة التمييز الاتحادية ونوابه وأعضاء المحكمة حتى اكمال اي منهم الـ68 من العمر بناء على الحاجة ويقدم تقريرا طبيا يؤكد قدرته البدنية والذهنية”.
وكانت السلطة القضائية العراقية امس اعلنت صدور قانون مجلس القضاء الاعلى بعد نشره في جريدة الوقائع العراقية اطاح بالمحمود وعين بدله القاضي حسن الحميري. وقالت السلطة القضائية ان “قانون مجلس القضاء الاعلى رقم (112) لسنة 2012 الذي صوت عليه مجلس النواب في وقت سابق تم نشره في جريدة الوقائع العراقية بعد مصادقة رئاسة الجمهورية عليه” واشارت في بيان اليوم الى انه ”بموجب القانون الجديد تولى رئيس محكمة التمييز الاتحادية المرشح القاضي حسن ابراهيم الحميري رئاسة مجلس القضاء الاعلى.
وكان مجلس النواب العراقي في جلسته الاولى من الفصل التشريعي الثاني المنعقدة في 15/ 12/2012 قد صوت على قانون مجلس القضاء الاعلى. وفي وقت لاحق، أعلن المتحدث باسم مجلس القضاء عبد الستار البيرقدار أن القاضي مدحت المحمود سيبقى رئيسًا للمحكمة الاتحادية موضحا أنه بموجب القانون الجديد فقد تولى القاضي الحميري رئاسة المجلس فيما تم تثبيت المحمود رئيسًا للمحكمة الاتحادية . وحل القاضي الحميري بذلك محل المحمود الذي تولى منصبه بقرار من الحاكم الاميركي المدني السابق للعراق بول بريمر عقب سقوط النظام السابق عام 2003 . وغالبا ما تتهم قوى سياسية عراقية المحمود بتسييس القضاء ووضعه في خدمة أهداف رئيس الوزراء نوري المالكي ودعم قراراته ضدها.
وعين المحمود محققا قضائيا في وزارة العدل عام 1960، ثم عين حاكما (قاضيا) في العام 1968 بعد اجتيازه امتحان الكفاءة و القدرة القضائية بتفوق ، عمل حـاكما (قاضيا) في العديد من المحاكم، ليعين في 12 حزيران عام 2003مشرفا على وزارة العدل ( بمنصب وزير)، ثم عين نائبا لرئيس محكمة التمييز، و رئيسا لمحكمة التمييز الاتحادية، ورئيسا للمحكمة الاتحادية العليا في الـ30 من أذار 2005، ورئيساً لمجلس القضاء الأعلى. يذكر أن القانون العراقي النافذ، ينص على انه يحال على التقاعد كل من لديه خدمة فعلية تصل الى 30 عاما او بلغ سن التقاعد القانوني وهو 63 عاما.