خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في مشهد جديد تعيشه الحالة السياسية التونسية، تجمع المئات من معارضي الرئيس التونسي، “قيس سعيد”، أمام مقر “المسرح البلدي”، وسط شارع “الحبيب بورقيبة” الشهير، وسط العاصمة التونسية، السبت، مطالبين برفع التجميد عن “البرلمان التونسي”، رافعين لافتات تتهم “سعيد”؛ بالانقلاب على الدستور، وتطالب بإنهاء التدابير الاستثنائية التي أعلنها، في تموز/يوليو الماضي، وتتهمه أيضًا بالتخبط في قراراته، وبأنه لا يملك أي تصور للمستقبل، سوى أنه يُريد الاستفراد بالحكم.
وفي الجهة المقابلة وفي نفس الشارع، تجمع المئات من أنصار الرئيس التونسي، الذين رددوا الشعارات الداعمة للرئيس، من قبيل: “يا قيس فعل القانون، لا غنوشي لا عبير؛ نحن حددنا المصير”، إضافة إلى شعارات تهاجم رئيس البرلمان التونسي، “راشد الغنوشي”، ولافتات تخاطبه بعبارة: “إرحل”.
تجييش الشارع قد يدفع للتصادم..
حول هذا المشهد؛ عبر “الاتحاد التونسي للشغل”، والذي يُمثل قوة سياسية ونقابية وازنة في “تونس”، عن مخاوفه من ذلك، عبر موقفه من الاحتجاجات، التي شهدتها “تونس”، السبت 25 تموز/يوليو الماضي، رافضًا أي محاولة لتفرقة التونسيين، وقال الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، “سامي الطاهري”، إن: “الاحتجاج حق، إلا إذا كان من أجل قسمة التونسيين وخلق شعبين في تونس؛ فان الاتحاد يرفضه”.
ويبدو “الاتحاد التونسي للشغل”، ممسكًا بالعصا من المنتصف، تجاه ما تشهده “تونس”، ووفقًا لما قاله، “سامي الطاهري”؛ تعليقًا على التظاهرات الأخيرة، فإن الاتحاد غير معني بالتحركات الاحتجاجية، التي تنتظم بشارع “الحبيب بورقيبة”، بالعاصمة، كما لم ولن يُشارك في أية تحركات أخرى مضادة لها، مضيفًا أن الاتحاد يدعو إلى الحوار والتشاور وعدم الإنزلاق وراء العنف، معتبرًا أن: “تجييش الشارع بطرق مختلفة في الوضع الحالي قد يدفع إلى التصادم”.
لا علاقة لحركة “النهضة” بالمظاهرات..
في الوقت ذاته؛ نفى عضو مجلس شورى حركة (النهضة) التونسية، “جلال الدين الورغي”، أي صلة لحركته بالمظاهرات الأخيرة، التي اندلعت احتجاجًا على الإجراءات الاستثنائية؛ من قِبل الرئيس، “قيس سعيد”.
لافتًا إلى أنه ليس لدى الحركة ما تخفيه، وإذا قررت الحركة النزول للشارع فستعلن عن ذلك وتنزل.
لكن “الورغي”؛ أكد أن حركة (النهضة) تؤمن بأن الحل لا يأتي إلا من خلال الحوار، مشيرًا إلى أن الحركة لم تطلب من أنصارها النزول ولا دعت لذلك، وإن كان النزول للشارع حق من الحقوق السياسية للمواطنين.
الحل في الحوار وليس النزول للشارع..
وردًا على سؤال بشأن عدم إصدار حركة (النهضة) بيانًا حول هذه المظاهرات؛ قال “الورغي”: الأمر لا يحتاج لإصدار بيان، فما حدث أمر مهم، لكننا لا نرى أنه الحل الأمثل، وإنما الحل الأمثل في الحوار وليس النزول للشارع رغم كونه حقًا من الحقوق السياسية المكفولة للجميع.
ولفت إلى أن هذه المظاهرات مشهد عبر فيه المتظاهرون عن الدفاع عن المسار الديمقراطي والمكاسب التي تحققت على مدى عشر سنوات، مشيرًا إلى أنها رسالة بأن الجميع بات يتفق على أن هناك مخاوف حقيقية من الإجراءات الاستثنائية الأخيرة؛ ومن بقاء البلاد في حالة الفراغ السياسي لمدة تزيد على خمسين يومًا؛ بدون حكومة وفي حالة شلل لمؤسسات الدولة، كما قال ذلك “الاتحاد التونسي للشغل”، فضلاً عن خروقات عديدة لحقوق الإنسان؛ مثل المنع من السفر والحبس دون محاكمات وغير ذلك.
تأخير الإجراءات أكسب المعارضة مشروعية أكبر..
تعليقًا على ذلك، قال الكاتب الصحافي التونسي، “عبدالرءوف بالي”: إن “مظاهرات شارع الحبيب بورقيبة؛ جاءت بسبب طول المدة التي أعقبت إجراءات، “قيس سعيد”، الاستثنائية دون تقديم خريطة طريقة أو تشكيل حكومة”، مشيرًا إلى أن المعارضة آخذة في التعاظم، مع تشكيك المحيطين، بـ”سعيد”، في قدرته على الخروج من هذه المرحلة، مثل “الاتحاد التونسي للشغل”؛ الذي كان من أبرز مساندي “سعيد”، بدأ يرفض تعليق الدستور ويطالب بانتخابات برلمانية.
وأضاف “بالي”؛ أن: “هذا التأخر أكسب المعارضة والمظاهرات مشروعية على نحو أكبر، لافتًا إلى أن الأزمة الاقتصادية قد تُشكل ضغطًا موازيًا مع ضغط الاحتجاجات التي قد تتفاقم في قادم الأيام”.
وأشار “بالي” إلى أن وقوف حركة (النهضة) وراء هذه المظاهرات؛ أمر يُروج له لتعميق الأزمة، لكنه كلام ليس عليه دليل، فحركة (النهضة) لا تستطيع إخراج منتمين لـ”اتحاد الشغل” ولا لـ”حزب العمال”؛ وأمينه العام، “محمد همامي”، ولا لفصائل يسارية بعيدة كل البُعد عن (النهضة) وتوجهاتها.
صفعة أخيرة لـ”النهضة”..
وعلق “عبدالحميد بن مصباح”، المحلل السياسي التونسي، على تظاهرات الداعمة لقرارات الرئيس التونسي، “قيس سعيد”، في “تونس”، قائلاً إن ما حدث في الشارع التونسي؛ هو أول ما قد نسيمه تحرك شعبي بعد أحداث، 25 تموز/يوليو الماضية، متمثلة في دعوة حركة (النهضة)، وإن كانت بصورة محزنة وغير مباشرة؛ لأنصارها وحلفائها بالنزول للشارع والدفاع على ما سمته بالشرعية.
مضيفًا أن المسيرات كانت متواضعة العدد وتركزت في العاصمة التونسية فقط، وكان بها مشاركة لأنصار من كافة الجهات، موضحًا أن أنصار الرئيس التونسي، “قيس سعيد”، نزلت للشوارع بدون تخطيط مسبق، وكان هناك تحركان متوازيان وأثبتت التجربة أن حركة (النهضة) وقدرتها على التجييش وقدرتها على جمع الشارع؛ قد غلقت، وربما أحداث أمس الأول كانت الصفحة الأخيرة بالنسبة لتجييش (النهضة) منذ تأسيسها.
وتابع أن تأخر تشكيل الحكومة التونسية، ربما يعطي زريعة لأنصار (النهضة) بالتحرك بشكل أكبر؛ وأن يكتسب التحرك زخمًا أكبر فهو الرأي الغالب للمحللين السياسيين في “تونس”، مؤكدًا أن الإنطباع الغالب والمهيمن على قرارات الرئيس التونسي، “قيس سعيد”، هو البطء الشديد في التعامل مع الملفات.