خاص : ترجمة – محمد بناية :
إحصائيات الطب الشرعي، في طهران، تؤكد على وقوع مشاجرة كل دقيقة في المدينة.. وهذه الإحصائيات تقتصر فقط على المشاجرات التي تُحال إلى الطب الشرعي.
والسؤال: “هل المجتمع الإيراني.. مجتمع غاضب على وشك الانفجار ؟”.. تقول “میترا شجاعی”، مراسلة صحيفة (دوتيشه فيليه) الألمانية: “تعرض فتاة للضرب الوحشي من جانب الشرطة النسائية بسبب ملابسها، وإلقاء القوات الشرطية لفتاة تحتج على الحجاب الإجباري من فوق المنصة، والإعتداء الدامي على دروايش ﮔنابادي، واقتحام عناصر مسلحة منزل ضابط شرطة وإطلاق النيران على أفراد أسرته، هي كلها نماذج على وجود عاصفة من العنف تجتاح المجتمع الإيراني، أما أن هناك تصور آخر: فهذا شعب يستغل أي عطلة للخروج للنزهة، حتى في أيام العزاء، وفي زحمة المرور التي لا تُطاق هناك من يرقص بالشوارع على أنغام الموسيقى التي تصدر من السيارات؛ ويلتقطون الفيديوهات وسط صفوف السيارات الممتدة ونشرها على الفضاء الإلكتروني، ويرقص الدبكة في المتنزهات على أي نغمة… إلخ”.
يقول سائح أوروبي، (زار إيران مدة ستة أشهر؛ قضى معظمها في طهران)، حول طبيعة المواطنيين في هذه المدينة: “كأن هناك فصيلتان من البشر تعيشان في طهران؛ الأولى: تقود بعصبية وغضب كامل، وهي غير مستعدة تحت أى ظرف للتساهل، بل ويتشاجرون مع الآخرين في طوابير البنك أو وسائل المواصلات العامة على أسبقية الدور أو تسعيرة التاكسي.. الثانية: سعيدة وتتنزه بالشوارع ليلاً، ويقفون أمام عربات بيع الطعام ويأكلون في الشارع ويستمعون إلى أصوات الموسيقى الصاخبة داخل سياراتهم. كما لو لم يكن نفس الأفراد الذين كانوا قبل ساعات بصدد تقطيع ملابس بعضهم البعض بسبب بعض الريالات فوق التسعيرة”.
مجتمع مكتمل الغضب على وشك الانفجار..
عبارة مثل: “مجتمع مكتمل الغضب” و”العنف الشديد في المجتمع”؛ هي عبارات يستخدمها المحللين والخبراء، مؤخراً، في وصف المجتمع الإيراني. وهذه المجموعة من الخبراء تتخوف بشدة من إتجاه هذا المجتمع القابل للانفجار للهاوية.
وهم يعتقدون أن المجتمع الإيراني سقط في مستنقع الغضب.
وعزت “نسرین ستوده”، المحامية والحقوقية الإيرانية، أسباب هذا الغضب الذي يجتاح المجتمع الإيراني إلى شيئين هما إنغلاق المجال السياسي والفساد القضائي، وقالت في حوارها إلى صحيفة (دوتيشه فيليه) الألمانية: “حين يضيق المجال عن التظاهر السياسي، كم هذه التظاهرات وتظهر في شكل غضب”.
لكنها ترجح أن يكون “الجهاز القضائي” أهم أسباب عودة الهدوء إلى المجتمع، باعتباره المرجعية الأخيرة التي يلجأ إليها أي شخص لإستعادة حقه المسلوب، وبمقدور المحكمة إقامة العدل والإنصاف والمساوة. وتضيف: “لكن السلطة القضائية في إيران؛ تعاني أزمة كبيرة لا تقتصر فقط على الملفات السياسية. وإنما الفصل الظالم في القضايا والأحكام غير المناسبة تسببت في استمرار معاناة المجتمع من غياب العدالة والمساوة. وهذه العُقد المخبوءة تكشف عن نفسها في شكل غضب وعنف”.
ويعارضها الناشط السياسي الإصلاحي، “حمید رضا جلایي پور”، مؤكداً ثقته بالإدارة السياسية داخل الجهاز القضائي. قائلاً: “أنا نفسي ذهبت إلى المحكمة وتحاورت إلى 40 شخصاً من أصحاب الملفات القضائية. وجميعهم أبدى رضاه من عملية الفصل في الشكاوى، لكن إنصب انتقادهم الوحيد على الوقت الطويل الذي يستغرقه الفصل بالشكاوى”.
وخلص الناشط الإصلاحي إلى نتيجة مفادها أن الجماهير تثق في السلطة القضائية وتفضل اللجوء إلى المحاكم بدلاً من الأساليب القديمة، (الجلسات العرفية)، رغم انفاق المال والوقت على المحامين.
عموماً تنتشر على صفحات التواصل الاجتماعي صوراً مختلفة وأحياناً متناقضة عن المجتمع الإيراني، البعض يرقص بين صفوف السيارات الواقفة في الشوارع بسبب زحمة المرور، وسيدة أخرى تبلغ من العمر أربعين عاماً تصرخ أمام الكاميرات في غضب وإستياء لحرمانها من حقها الطبيعي في الانتخاب، وكلا الصورتين متعلق بالمجتمع الإيراني؛ مجتمع على وشك الانفجار أو في مرحلة انتقالية.