خاص : كتب – سعد عبدالعزيز :
في ظل تصاعد التوتر المحتدم بين “الولايات المتحدة” و”إيران” توجه، يوم الأربعاء الماضي، رئيس الوزراء العراقي، “عادل عبدالمهدي”، لزيارة “الكويت”، لأول مرة منذ توليه منصبه، في شهر تشرين أول/أكتوبر الماضي.
فيما أكدت مصادر عراقية أن “زيارة، عبدالمهدي، للكويت تهدف إلى استكمال زيارته لدول الجوار والتنسيق المشترك؛ خصوصًا بعد إنعقاد اللجنة العليا المشتركة بين البلدين في الكويت، في 12 أيار/مايو الجاري، برئاسة وزيري خارجية البلدين”.
محاولة لتجاوز إرث الماضي الآليم..
حاول رئيس الوزراء العراقي تبديد شكوك الكويتيين، فأكد على أن حكومته تعمل على تصفير المشاكل، بين “العراق” و”الكويت”، في ظل توجهات بلاده وانفتاحه واستقراره، وما يشهده من توقيع اتفاقيات ومشاريع مع مختلف دول الجوار والدول الصديقة.
مُضيفًا أن: “الطرفين بحثا تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون المشترك بين الشعبين والبلدين الجارين الشقيقين، وتطورات الأوضاع في المنطقة ومختلف القضايا التي تهم البلدين. وإننا قطعنا شوطًا كبيرًا وتجاوزنا الكثير من المسائل العالقة، ونضع يدًا بيد لبناء مستقبل أفضل وعلاقات تكامل، ولدينا الكثير من المشتركات والفرص، وبالأخص في مجالات البناء والإعمار والخدمات”.
وأشار رئيس الحكومة العراقية إلى أن: “الوفود واللجان المشتركة قطعت شوطًا مهمًا في بحث ملفات التعاون في جميع المجالات ونتطلع إلى المزيد”.
وشدد “عبدالمهدي” على: “أننا نسعى لتجاوز إرث الماضي وإزالة جميع العقبات”، مضيفًا أن: “حكومة العراق تهدف لترسيخ الاستقرار والخدمات والإصلاح، وأن نبدأ بداية مثمرة في علاقاتنا الثنائية”.
العلاقات شهدت تطورًا نوعيًا..
أكد “عبدالمهدي” على أن العلاقات بين “العراق” و”الكويت” شهدت تطورًا نوعيًا، “وانتقلنا من مرحلة المخاوف والأطماع الى مرحلة الثقة والتعاون في جميع المجالات”، جاء ذلك خلال لقائه مع رئيس مجلس الأمة الكويتي، السيد “مرزوق الغانم”، وعدد من البرلمانيين الكويتيين في مبنى “مجلس الأمة”، وحضور النواب من أعضاء الوفد العراقي.
وأضاف أن: “العلاقات الطيبة التي نقيمها مع جميع دول الجوار؛ تنعكس على وضعنا الداخلي بشكل ايجابي وتؤدي إلى تصالح بين أبناء شعبنا المتنوع الأطياف، والعكس صحيح أيضًا لأن محيطنا متنوع هو الآخر”، مشددًا على أن: “ما يجمعنا مع الكويت هو المشتركات الكبيرة والأهمية التأريخية والحضارية والجغرافيا؛ وما نمتلكه معًا من موارد طبيعية وبشرية، وإن هذه العلاقات والثروات لا تدمرها إلا المغامرات والسياسات الخاطئة والعدوانية التي دمرت البلدين وضيعت ثرواتهما، وتجاوزنا معظمها ولم يتبق إلا القليل”.
رفض سياسة المحاور..
أكد “عبدالمهدي” على أن: “العراق لن يدخل في سياسة المحاور والإصطفافات والإدانات والاتهامات؛ ونرجو أن تخرج المؤتمرات العربية والإسلامية المقبلة بخطاب تهدئة يخدم استقرار المنطقة التي عانت من ويلات الحروب والدمار”.
الشعبان ضحايا نظام “صدام”..
من جهته؛ قال أمير الكويت: “إننا والعراق ضحايا نظام ألحَقَ الأذى بالشعبين والبلدين، ويجب أن نواصل معًا جهود البناء والإعمار وتجاوز مخلفات الماضي”. وأعرب “الصباح” عن تقديره لسياسة رئيس مجلس الوزراء العراقي في إقامة علاقات مع الجميع، ولما يشهده “العراق” من تطور واستقرار بفضل هذه السياسة، مؤكدًا: “استعداد الكويت للمساهمة في جهود الإعمار بمختلف المحافظات العراقية”.
الكويت يتطلع إلى زيادة التعاون..
من جهته؛ قال رئيس مجلس الأمة الكويتي، “مرزوق الغانم”، إن “مجلس الأمة” الكويتي بكامل أطيافه وتوجهاته مع “عراق قوي” مستقر ومزدهر؛ ونريد علاقات متميزة ونتطلع إلى زيادة التعاون بين البلدين اللذين تجاوزا الماضي وتفعيل الاتفاقيات في المجالات الاقتصادية والتجارية، مُعربًا عن إرتياحه لما يشهده “العراق” من تطور واستقرار وانفتاح في علاقاته مع دول الجوار، ومُؤكدًا على دعم الحكومة العراقية في سياستها وتوجهاتها وسعيها لخدمة “العراق” واستعادة دوره الحقيقي والبنّاء في المنطقة.
زیارة مثمرة !
في السياق ذاته؛ أكد نائب وزیر الخارجیة الكویتي، “خالد الجارالله”، على أن زیارة “عبدالمھدي” للكويت مثمرة وإیجابیة؛ وتشكل فرصة لتبادل الآراء وبحث العلاقات بین البلدین الشقیقین.
وأشار إلى أن: “الجانبین اتفقا على تطویر وتعزیز التعاون في كافة المجالات؛ خصوصًا أن ھذه الزیارة تأتي بعد إنعقاد اللجنة الوزاریة العلیا السابعة المشتركة”. مبینًا أنه: “تم التأكید على ما تم الاتفاق علیه في تلك اللجنة”.
وأعرب “الجارالله”؛ عن تفاؤله في تطویر العلاقات بین العراق والكویت؛ “ونعتقد أننا نسیر في الإتجاه الصحیح فیما یحقق مصالح البلدین والشعبین الشقیقین ویعزز علاقاتھما الثنائیة في ظل الأوضاع الصعبة التي تمر بھا المنطقة”.
هل يمكن طي صفحة الماضي ؟
السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل يُمكن لزيارات المسؤولين العراقيين، لـ”الكويت”، وتعزيز التعاون المشترك بين البلدين، أن تؤدي إلى طي صفحات الماضي الآليم، وأن تُنسي الكويتيين ذكرى الغزو العراقي لبلدهم على يد حاكم العراق السابق، “صدام حسين” ؟..
ربما سيظل هذا السؤال يتردد لفترة طويلة دون إجابة. لكن الأمر يتوف على قدرة القادة العراقيين على إتخاذ خطوات بناءة لطمأنة الشعب الكويتي وتبديد شكوكه ومخاوفه.
يُذكر أنه، قبل قرابة 28 عامًا، وتحديدًا في الثاني من آب/أغسطس عام 1990، أستيقظ الكويتيون على وقع آليات عسكرية عراقية وقد إخترقت حدودهم، وهو الحدث الذي ما زالت المنطقة برمتها تعيش تبعاته حتى اليوم. وفي فجر يوم 2 آب/أغسطس 1990؛ كان أكثر من 20 ألف جندي عراقي قد إخترقوا الحدود إلى “الكويت” من أربعة محاور، وسرعان ما أستولوا على العاصمة، مدعومين بسلاح الطيران العراقي.
وتكبدت “الكويت” خسائر بشرية ومادية فادحة، حيث أدى الغزو إلى مقتل وأسر المئات من الكويتيين، وألحق خسائر وأضرارًا مادية هائلة تمثلت في إشعال المئات من آبار “النفط”، مما خلف كوارث بيئية جسيمة وعطل إنتاج “النفط” لفترة طويلة.