خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في خطوة جديدة لإسكات الأصوات الداخلية والخارجية؛ التي باتت تندد بقرارات الرئيس التونسي، “قيس سعيد”، السابقة، قرر يوم الخميس، إنه سيتم إطلاق “حوار وطني” صادق ونزيه بمشاركة الشباب، موضحًا أنه سيكون مختلفًا تمامًا عن التجارب السابقة، كما سيتطرق إلى عدة مواضيع من بينها النظامان السياسي والانتخابي في البلاد.
وأوضح “قيس سعيد”، خلال اجتماع لمجلس الوزراء، بقصر “قرطاج”، أن هذا الحوار سيتم في إطار سقف زمني متفق عليه وضمن آليات وصيغ وتصورات جديدة.
وأشار الرئيس التونسي، إلى أن هذا “الحوار الوطني” المرتقب لن يشمل من: “استولى على أموال الشعب أو من باع ذمته إلى الخارج”.
وشدد “قيس سعيد” على رفض كل محاولات الاستقواء بالخارج؛ من أجل التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد أو الإساءة إليها.
وذكّر الرئيس التونسي؛ أنه بقدر حرص البلاد على مواصلة تعزيز علاقات التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة، تتمسك بسيادتها الوطنية وباحترام اختيارات الشعب التونسي.
الصلح الجزائي واستعادة أموال الشعب..
كما تطرق الرئيس التونسي إلى مشروع الصلح الجزائي وخصوصياته ودوره في استعادة أموال الشعب المنهوبة وتوظيفها في تحقيق مشاريع واستثمارات في كامل مناطق البلاد.
وبحسب بيان صادر عن الرئاسة التونسية، فإن مجلس الوزراء تداول بشأن الوضع الاقتصادي في “تونس”، حيث تم التأكيد على ضرورة تنفيذ برنامج مستعجل لإنعاش الاقتصاد وإدخال إصلاحات اقتصادية هيكلية في إطار شراكة حقيقية مع الشركاء الاجتماعيين.
استعادة الدور الاجتماعي وتشجيع التقشف..
وشدد الرئيس التونسي على أهمية استعادة الدولة لدورها الاجتماعي؛ وترسيخ ثقافة العمل والتشجيع على التقشّف وترشيد النفقات العمومية والواردات والتشجيع على استهلاك المنتوجات التونسية.
وتم التداول بخصوص تشديد عمليات مراقبة مسالك التوزيع ومحاربة الاحتكار والمضاربة والضغط على الأسعار وتوجيه الدعم إلى مستحقيه ومكافحة التهريب ومقاومة الفساد ومحاربة كل مظاهر الإجرام في حق الاقتصاد الوطني والمجموعة الوطنية.
وكان “الاتحاد العام التونسي للشغل” قد أعلن عن لقاءات مرتقبة مع الرئيس، “قيس سعيد”، لمناقشة الوضع العام بعد تشكيل الحكومة التونسية برئاسة، “نجلاء بودن”.
ويُعد “الحوار الوطني”؛ بين الرئيس التونسي والقوى الوطنية، خاصة “الاتحاد التونسي للشغل”، مسألة حيوية لتجاوز المرحلة الحالية وتحديد خريطة الطريق والعبور من هذه المرحلة، خاصة بعد تشكيل الحكومة، مؤكدين أن “الاتحاد التونسي للشغل” سلطة تحكيمية لا تمس بهيكلية الدولة.
يُساهم في إخراج “تونس” من أزمتها..
وأكد المحلل السياسي التونسي، “منذر ثابت”؛ أن الحوار بين الرئيس، “قيس سعيد”، و”الاتحاد العام للشغل”؛ مسألة حيوية لـ”حوار وطني” حول مستقبل النظام السياسي والخيارات الإستراتيجية لتنظيم الحياة السياسية والقوانين للمشهد السياسي، إضافة إلى الملف الاقتصادي وعملية الإنقاذ، مؤكدًا أن المخرج الحقيقي الذي من شأنه أن يدعم من جهة في تصورات الرئاسة وأيضًا يُسهم في إخراج البلاد من هذه الأزمة والإشكالية الهيكلية التي تردى فيها الوضع.
وأشار إلى أن اتجاه الرئيس لإشراك “الاتحاد التونسي للشغل”؛ هو شرط أساس لحلحلة الأوضاع ووضع مسار الحياة السياسية والعملية الانتقالية في سياق تشاركي.
وأوضح أن “الاتحاد العام التونسي للشغل”؛ هو سلطة تحكيمية في الأزمات السياسية كجزء من التقاليد التونسية، ومن شأنه أن يُيسر عملية التواصل مع العمق الاجتماعي، دون المساس بهيكلية الدولة أو الذهاب لتنظيم بديل عن التنظيم الإداري والانتخاب الطبيعي.
وحذر “اتحاد الشغل”، في وقت سابق؛ من استدامة الوضع الاستثنائي، داعيًا إلى تحديد آجال قريبة لإنهائها عبر توضيح الأهداف والآليات والتدابير المتعلّقة بـ”الحوار الوطني”؛ الذي أعلن عنه الرئيس، “سعيد”، معتبرًا أن إنقاذ البلاد مسؤولية جماعية.
“التشاركي” شعار المرحلة..
فيما أكد “حازم القصوري”، المحامي والمحلل السياسي التونسي، أن “تونس” قطعت شوطًا كبيرًا في المرحلة الاستثنائية بعد تشكيل الحكومة، لافتًا إلى أن الخطوة المنتظرة هي فتح “حوار وطني”؛ باعتبار أن شعار هذه المرحلة هو التشاركية.
وأوضح أن فتح طريق الحوار مع “الاتحاد العام التونسي للشغل” هو صميم الإنحياز للمصلحة الوطنية، بسبب موقفه الواضح الداعم والمنحاز للمصلحة العليا لـ”تونس”، مشيرًا إلى أنه رفض التدخل الخارجي والأجنبي في الداخلي التونسي؛ بعد ذهاب بعض الأحزاب والأشخاص إلى أعتاب السفارات الأجنبية.
وأوضح أن الاتحاد شريك ساهم، منذ تاريخ سياسي حافل بالإنحياز التام للمصلحة العليا لـ”تونس”، وألتزم في الظروف الاستثنائية بدعم مصالح “تونس” وعدم السير وراء بعض الحركات التي تستعين بالخارج للضغط على “تونس”، مؤكدًا ضرورة عقد “حوار وطني” مع الاتحاد؛ باعتباره صمام أمان مهم لا يمكن الإبتعاد عنه، خاصة أنه يُلامس مطالب التونسيين وطبقة شاغلة تواجه تحديات كبيرة، من أجل التمكن من العبور لتثبيت الوحدة الوطنية.
حوار من نوع آخر..
قال الكاتب والمحلل السياسي التونسي، “فاضل الطياشي”، إن الرئيس التونسي، “قيس سعيد”؛ سبق وأن تحدث أكثر من مرة بأن هناك نية لإجراء “حوار وطني”؛ في الفترة المقبلة.
وأضاف “الطياشي” أن هذا الحوار لن يكون مع الجميع؛ وليس على شاكلة “الحوار الوطني”، الذي حدث في “تونس” 2013، وشاركت فيه جميع الأحزاب والمنظمات الوطنية، ولكن “سعيد” يبدو متمسكًا بحوارٍ من نوعٍ آخر يصفه بأنه سيكون حوارًا مع الشباب في مختلف الجهات.
وأوضح “الطياشي” أن الحوار سيتم على مستوى كل جهة، فهناك: 269 معتمدية أو جهة في “تونس”؛ وفي كل جهة سيتم إجراء حوار مع شباب تلك الجهة، وسيتم جمع كل وجهات النظر ومناقشتها في “حوارٍ وطني”.
وأشار “الطياشي” إلى أن الأطراف التي سيتم استبعادها؛ هي الأطراف السياسية أو أطراف منظومة ما قبل 25 تموز/يوليو الماضي، وهذه الأطراف يعتبرها الرئيس، “سعيد”، سبب ما حصل في “تونس” طيلة العشر سنوات الماضية؛ من تقلبات اقتصادية واجتماعية وصعوبات مالية للدولة التونسية، ويجد أنه لا فائدة أو جدوى من إشراك هؤلاء في مثل هكذا “حوار وطني”.
ضربة قاضية لـ”الإخوان”..
الكاتب الصحافي التونسي، “أيمن بن عمر”؛ قال إن “سعيّد” وجه رسالتين مهمتين للداخل والخارج، الأولى: “تُمثل ضربة قاضية للإخوان وشركائهم؛ بأنه لا مكان لهم، والثانية للخارج بأن ما يحدث في تونس شأن داخلي”.
وأضاف أن تأكيدات الرئيس، “قيس سعيد”؛ أن “الحوار الوطني”: “ليس كسابقيه”؛ تُنبيء عن أنه لن يكون مع الأحزاب السياسية بل سيكون حوارًا وطنيًا مع الشعب، موضحًا أن “سعيد” سيبحث مع المواطنين مطالبهم ومقترحاتهم بخصوص الأزمات الاقتصادية والاجتماعية: “ولن يُكرر أخطاء 2013”.
وأوضح أن الرئيس نفذ مطالب التونسيين بتأكيده على أن “الإخوان” ومن ساندهم من الأحزاب، خلال التحركات الاحتجاجية الأخيرة؛ لن يشاركوا في هذا الحوار، وهذا يؤكد أنه لم يخضع لإملاءات “البرلمان الأوروبي” و”الكونغرس” الأميركي.
الشباب والأكاديميين والمنظمات الوطنية..
وحول توقعاته عن المشاركين، قال “بن عمر”؛ إن “قيس سعيد” مُصر على أن يكون “الحوار الوطني” مع الشعب التونسي؛ خاصة الشباب، وسيشمل أكاديميين وبعض المنظمات الوطنية، كـ”اتحاد الشغل” واتحادات مهنية، دون مشاركة حزبية، حيث يعتبر “سعيد” أن الطبقة السياسية بقيادة “الإخوان” أثبتت فشلها؛ وهي سبب الخراب الحاصل، وبذلك هي المُشكل ولن تكون جزءًا من منظومة الحل.
وتابع: “رئيس الجمهورية مضى قدمًا في مشروعه السياسي، والحوار الوطني مع الشعب هو الإنطلاقة الفعلية له، حيث سيتم نقاش سُبل تغيير النظام السياسي الذي أكد، قيس سعيد، أن صيغته على مقاس ومصالح الأحزاب السياسية”.
وعن موعد “الحوار الوطني”، أشار إلى أنه سيبدأ أولاً بفتح باب الحوار مع المواطنين عبر تجميع مقترحات الشباب بخصوص إصلاح النظام السياسي والوضع الاقتصادي؛ وسيتم تحديد سقف زمني، وأعتقد أنه لن يكون قبل الربع الأول من العام المقبل؛ ويبدأ فعليًا التنفيذ وجمع المقترحات خلال الذكرى الـ 11 لـ”الثورة التونسية”، 17 كانون أول/ديسمبر المقبل؛ نظرًا لرمزية هذا الموعد عند رئيس الجمهورية.
أبرز ملفات “الحوار الوطني”..
واعتبر “بن عمر” أن أبرز الملفات التي سيتم طرحها؛ هي تغيير بعض بنود الدستور التونسي الحالي؛ مثل ما أعلن عنه سابقًا، “قيس سعيّد”.
ولفت إلى أن الرئيس التونسي سيطرح، خلال هذا الحوار؛ تنظيم استفتاء شعبي لتغيير النظام السياسي نحو نظام رئاسي وتغيير النظام الانتخابي، بحيث يكون التصويت على الأفراد لا على قوائم حزبية، وهذا التعديل قد يكتب تاريخًا سياسيًا جديدًا لـ”تونس” وسيكون بمثابة زلزال للأحزاب السياسية.