14 نوفمبر، 2024 5:06 م
Search
Close this search box.

الحكومة تكبل الأجيال القادمة .. إقتراض العراق من “البنك الدولي” خرق لموازنة 2019 !

الحكومة تكبل الأجيال القادمة .. إقتراض العراق من “البنك الدولي” خرق لموازنة 2019 !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في خطوة رفضها الكثيرون؛ إلا أن القائمين على اتخاذ القرار السياسي في “العراق” رأوها سبيلًا وحيدًا لتوفير الطاقة، وقع “العراق” مع “البنك الدولي”، اتفاقية قرض بقيمة 200 مليون دولار لتطوير “قطاع الكهرباء” في المحافظات الجنوبية من البلاد.

وذكر المكتب الإعلامي لنائب رئيس الوزراء العراقي للشؤون الاقتصادية وزير المالية، “فؤاد حسين”، في بيان، يوم الأحد الماضي: “تطبيقًا للبرنامج الحكومي في تعزيز العلاقة بين العراق والمجتمع والاستفادة من خبرات المنظمات الدولية، وقع نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية وزير المالية، فؤاد حسين، مع ممثلة البنك الدولي في العراق، يارا سالم، اليوم الاحد، اتفاقية مشروع يهدف إلى تطوير وتعزيز المنظومات الكهربائية في المحافظات الجنوبية”.

وأضاف: “سيساهم هذا المشروع في زيادة إمدادات الكهرباء وانتظامها، إضافة إلى إعادة بناء وتأهيل شبكة خطوط نقل الطاقة وتوزيعها وتركيب خطوط نقل جديدة ومحطات فرعية وأنظمة معلومات تعزز زيادة قدرة الشبكة في إيصال الكهرباء للمواطنين”، لافتًا إلى أن: “هذا المشروع سيخدم 5.2 مليون مواطن في محافظات البصرة، والمثنى، وذي قار، وميسان”.

توجد مشاكل في نقل وتوزيع الطاقة..

وقال وزير المالية، “فواد حسين”، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع ممثلة البنك الدولي، “يارا سالم”، إن: “الاتفاقية تأتي ضمن العمل المشترك مع البنك الدولي، لدعم المشاريع وتقديم الخدمات للمواطنين، وستكون هذه الاتفاقية أساسًا لدعم مشاريع الطاقة الكهربائية في المحافظات الجنوبية”.

وأضاف أن: “العراق لا يعاني نقصًا في الإنتاج، وإنما هناك مشاكل في نقل وتوزيع الطاقة، وستكون تلك الاتفاقية جزءًا من حل المشكلة في محافظة البصرة، والمحافظات المجاورة لها”.

من جانبها، قالت ممثلة البنك الدولي، “يارا سالم”، أن: “المشروع سيخدم المحافظات الجنوبية التي تعاني من مشكلة التوزيع ونقل الطاقة الكهربائية”، مبينة أن: “المحافظات المشمولة هي البصرة وذي قار والمثنى وميسان”.

وأوضحت أن: “قيمة القرض الذي تم الاتفاق عليه هو 200 مليون دولار؛ وبفترة إنجاز للمشروع يبلغ 5 سنوات”، مبينة أن: “سداد القرض سيكون لمدة ما بين 10 إلى 15 سنة”.

لا تستند لأسس قانونية..

تعقيبًا على ما حدث، أعلنت النائبة، “عالية نصيف”، عن عزمها فتح ملف إقتراض وزير المالية، “فؤاد حسين”، ‏مبلغ 200 مليون دولار من “البنك الدولي”، مبينة أن موازنة العام الجاري نصت على ‏عدم الإقتراض الخارجي.‏

وقالت “نصيف”، في تصريح صحافي: “إن القرارات المتخذة ليست مركزية ولا تستند ‏إلى أسس قانونية، حيث أن موازنة العام الجاري تم توجيهها للإبتعاد عن الإقتراض ‏الخارجي لضمان عدم تكبيل الأجيال القادمة بمزيد من الديون”.‏

وأضافت: “إن العراق حاول دفع الكثير من ديونه الخارجية من أجل الإبتعاد عن ‏الشروط التي تفرضها البنوك العالمية، خاصة البنك الدولي، بما يتعلق بالتعيينات ‏والاستثمارات”، مشيرًة إلى: “أن موازنة 2019 إبتعدت عن الإقتراض وحصرت ‏إيراداتها بمدخولات النفط والمنافذ الحدودية، وبالتالي فإن قرار وزير المالية لإقتراض ‏‏200 مليون دولار من البنك الدولي يحتاج إلى موافقة البرلمان”.‏

العراق بحاجة إلى دعم قطاع الطاقة..

يُذكر أن “العراق” يعاني من إنقطاعات متكررة في الطاقة الكهربائية، وتزداد في فصل الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة، مما يدفع بالمواطنين إلى الاستعانة بالمولدات الأهلية والمنزلية لسد النقص في الطاقة.

ويعتمد “العراق” على “الغاز الإيراني” لتغذية عدة محطات طاقة، ويستورد نحو 1.5 مليار قدم مكعبة قياسية يوميًا عبر خط أنابيب في الجنوب والشرق.

وتسعى “واشنطن” إلى كبح النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، بما في ذلك “العراق”، حيث تتمتع “طهران” بعلاقات طيبة معه على الأصعد كافة.

وبالرغم من أن “العراق” يمتلك واحدًا من أكبر احتياطيات “الغاز الطبيعي” في العالم، فإنه يتقدم ببطء نحو استخراجها ويعتمد على إمدادات الغاز والكهرباء من “إيران”.

الموازنة الجديدة لا تنص على مسألة الإقتراض..

الخبير الاقتصادي، “يحيى السلطاني”، يقول تعليقًا على الخطوة العراقية: “إن موازنة عام 2019؛ لم تنص على مسألة الإقتراض الخارجي، كي لا تثقل كاهل الدولة بالديون الخارجية، وتكبل الأجيال القادمة بالقروض التي تتبعها فوائد تثقل موازنة الدولة”.

مضيفًا: “إن قيام وزير المالية بالإقتراض من البنك الدولي، مبلغ 200 مليون دولار، هو موضوع يحتاج إلى موافقة البرلمان العراقي، ويجب الإشارة إلى أن العراق قام في وقت سابق بدفع الكثير من المبالغ من أجل تسديد الديون السابقة والإبتعاد عن عملية الإقتراض، فليس من المنطقي أن يعود العراق إلى هذه المسألة بعد أن حاول جاهدًا في السابق التخلص منها”.

وأكد “السلطاني”: “نحن نحث الحكومة دائمًا في الإبتعاد عن قضية الإقتراض الخارجي، وبغض النظر عن المشاريع الممولة بهذه القروض، كون تلك القروض المعطاة إلى العراق تحمل، إضافة إلى الفوائد، شروط تقيد التوجه الاقتصادي في البلد من استثمارات وتعيين الموظفين وإستحداث الدرجات الوظيفية”.

وأضاف “السلطاني”: “فيما يخص المبرر الذي قدمه وزير المالية من أجل الحصول على القرض، والمتمثل بمشاريع كهربائية في المناطق الجنوبية، فنحن ندعم هذه المشاريع، لكن بعيدًا عن الإقتراض، كما نصت على ذلك الموازنة العامة، والتي ركزت على إيرادات النفط والمنافذ الحدودية، وليس الإقتراض”.

تجربة حديثة للعراق مع الدين الخارجي..

وحول سلبيات الدين الخارجي في التجربة العراقية؛ والتي بسببها يحذر العراقيون من الإقتراض من “صندوق النقد الدولي”، يقول “د. حيدر حسين آل طعمة”، بمركز “الفرات” للتنمية والدراسات الاستراتيجية؛ أنه بحكم التجربة الحديثة مع الدين الخارجي، خصوصًا بعد العام 2014، حين إنهارت أسعار “النفط” وعجزت الإيرادات النفطية والموارد الأخرى في تمويل الموازنة العامة، نلاحظ تجلي بعض السلبيات التي وردت أعلاه بشكل واضح في النموذج العراقي، منها :

1 – إخفاق الحكومات السابقة، (بسبب الفساد وضعف الكفاءة في إدارة الموارد)، في استثمار القروض الخارجية لتحسين البنية التحتية والخدمات أو إقامة مشروعات استثمارية ناجحة. بدلًا من ذلك، تم هدر جزء كبير من تلك الأموال.

2 – تشكل أقساط وفوائد الدين العام، (10%)، من حجم النفقات الجارية لعام 2019، وبذلك فهي تزاحم أنشطة وتخصيصات غاية في الأهمية.

3 – يلاحظ تحقق إدمان مفرط على القروض الخارجية؛ وهي ظاهرة مقلقة تؤشر ضعف وإخفاق الحكومة في تعظيم الموارد المالية المحلية وتحقيق الضبط المالي والإستدامة المالية.

4 – لم تنجز الحسابات الختامية سنويًا لتكون مؤشر على شفافية ونزاهة الإدارة المالية ومؤشر حول مدى استفادة البلد من القروض العامة بمختلف أشكالها.

5 – تحول العجز المخطط إلى فائض فعلي في الكثير من الموازنات السابقة، (كما هو الحال في موازنة 2018)، مما يؤشر ضعف جدوى الإقتراض أحيانًا، ويثير الريبة والاستغراب حول دفع فوائد على ديون غير ضرورية.

6 – ضعف الحكومة في تنفيذ الإنفاق الاستثماري يبين ضعف الجدوى المالية والاقتصادية من الإقتراض الخارجي، خاصة وأن الفائض المتحقق راجع من التخصيصات الاستثمارية لعدم الإنتفاع والتنفيذ الكامل للنفقات الاستثمارية.

7 – إنحسار إيرادات “النفط”؛ والتوقعات بعدم تعافي الأسعار في الأمد القريب، يُلزم الحكومة بعدم الاستمرار بالإقتراض الخارجي لضعف القدرة المستقبلية على السداد.

8 – تبرز مؤشرات الإستدامة المالية الإنحراف المستمر في تعايش النفقات مع الإيرادات المتحققة على حساب تراكم الدين العام، (بشقيه الداخلي والخارجي).

9 – يثير تراكم حجم المديونية في “العراق”، القلق، حول مستقبل الأجيال القادمة، خصوصًا مع استمرار الحكومة في تضخيم الدين العام وإخفاقها في تحقيق التنمية والإعمار والبناء.

10 – ضرورة أن تخضع الموازنات العامة لشرط الإستدامة المالية؛ والقاضية بضرورة التعايش مع الموارد المتوفرة وعدم الإتكال على الإقتراض، وإنما العمل فقط على ضبط وترشيد النفقات العامة من جهة، وتعظيم الإيرادات غير النفطية ومكافحة الفساد من جهة أخرى.

وفي خلاصة القول؛ أوضح “آل طعيمة” أن سياسة الإقتراض العام يجب أن تكون خاضعة لشروط وضوابط، ويمكن الاستفادة منها أحيانًا في تجسير فجوة الموارد المالية، دون الإتكال على الإقتراض بشكل مفرط يوحي بالإدمان والإستدامة. أيضًا لابد من الإشارة إلى أن إثارة المخاوف حول تمادي الحكومة العراقية في الإقتراض؛ إيجابي في حد ذاته ولا يثير فزع المواطن دون مبرر، (كما يروج البعض)، نظرًا إلى أن إطلاق العنان لحكومات “الريع النفطي”، يفصح وبالتجربة، عن تماديها في تضخيم الإنفاق العام خارج حدود وإمكانات البلد المالية، على أمل تسديد فاتورة الديون حين ترتفع أسعار “النفط” في المستقبل.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة