خاص : ترجمة – آية حسين علي :
في الحقيقة لا يعطي أحدث كتب الكندية، “نعومي كلاين”، صورة جيدة للرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”.. فالرجل صاحب السلطة الأكبر في العالم في نظر الكاتبة ما هو إلا “رئيس مستغل”، وترى أنه “رجل جاهل عديم الرحمة، وهو خليط من كل الاتجاهات الأكثر سوءاً خلال نصف قرن مضوا”.
وتناولت “كلاين” خلال كتابها الأخير: (كلمة لا لا تكفي) فترة حكم “ترامب”، وما تعرضت له الولايات المتحدة من تجاوزات بسبب تيار النيوليبرالية، إذ أصبحت الديموقراطية بها مهددة، كما أن الرئيس لا يولي أهمية لقضية التغير المناخي.
وتعد “كلاين” كاتبة صحافية ومؤلفة أفلام وثائقية، ومن أبرز كتبها: (لا علامات تجارية)، الذي صدر عام 1999 وترجم إلى 28 لغة.
وشاركت الصحافية الكندية في تغطية أحداث العراق، ومن هنا جاءت فكرة كتابها (عقيدة الصدمة: صعود رأسمالية الكوارث)، الذي صدر عام 2007، وتحدثت فيه عن تأثير النيوليبرالية الاقتصادية في الدول النامية، كما تناولت سياسة “المعالجة بالصدمة”، وهو أحد أهم ما كُتب حول السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي اتبعتها دول مثل “إندونيسيا والبرازيل وروسيا وشرق آسيا” بالإضافة إلى “العراق”، وما تحاول قوله من خلال الكتاب هو أن مذهب رأسمالية الكوارث يقوم على استغلال كارثة من أجل تمرير سياسات اقتصادية واجتماعية يرفضها السكان في الحالة الطبيعية.
هزيمة أمام كفاءة “ترامب” في فن الاستعراض..
وصفت “كلاين” العام الأخير من عمر الولايات المتحدة، خلال حوارها مع صحيفة (البايس) الإسبانية، العام الأول من حكم الرئيس الأميركي بعام “الهزيمة” أمام كفاءة “ترامب” في فن الاستعراض، فوجوده الدائم على شبكات التواصل الاجتماعي يجعل من الصعب على الشعب الحصول على فرصة للتفكير.
وأضافت أن من بين الأمور التي تزعج الناس هي فكرة أن فوز “ترامب” في الانتخابات الرئاسية جاء بشكل مفاجئ وغير متوقع، إذ كان عليهم أن يواجهوا هذا الأمر دون أن يكون لديهم خبرة، مثلما حدث بعد اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر، أو الأزمة الاقتصادية في 2008، وعندما يحدث هذا الارتباك يصبح من الممكن تطبيق سياسات تحمل الكثير من الخطورة في إطار عودة استتباب الأمن.
وأكدت “كلاين”، في كتابها الأخير، على أن فوز “ترامب” لم يكن صدمة وإنما “كليشيه”، معربة عن خوفها من استخدام الرئيس لأحداث ما لتدعيم مواقفه تجاه قضية بعينها، مثلما يفعل مع ملف الإرهاب الذي يستخدمه كزريعة لاتخاذ قرارات ضد الهجرة.
وأشارت إلى أن أية استراتيجية سياسية تبنى على أساس احتمالية أن يتدمر “ترامب” ذاتياً تعتبر استراتيجية سيئة وتحوي الكثير من المخاطر، لأن الاعتماد على سياسات لا يمكننا التحكم بها ليس سلوكاً جيداً، لكن ما يمكننا التحكم فيه بالفعل هو الجزء المتعلق بالمجتمع، وتكمن المشكلة في أنه رغم استياء الشعب من الإدارة الحالية إلا أنه لا يرى بديلاً لذلك.
الخطاب القومي في إسبانيا يستخدم لتبرير القمع..
حول قضية انفصال إقليم “كتالونيا” عن إسبانيا، قالت “كلاين” للصحيفة، إن الوضع في إسبانيا مختلف إذ تستخدم حكومة “ماريانو راخوي” الخطاب القومي لتبرير العنف والقمع الذي تنفذه ضد الطرف الآخر الطامح في الانفصال، موضحة: “لا يمكن القول بأن الطرف الآخر هذا لا يقوم بأعمال استفزازية، لكن ما كان بادياً بشكل أكثر وضوحاً للعالم هو القمع الشرطي ضد الانفصاليين خلال الاستفتاء”.
مواقع التواصل تحولت إلى تجارة..
لـ”كلاين” رأي مختلف حول مواقع التواصل الاجتماعي، إذ ترى أن شركات مثل “فيس بوك” و”أمازون” تبقى بعيدة تماماً عن أية قواعد؛ ولا تقوم بتطبيق المعايير التي تطلب من شركات أخرى اتباعها، وأضافت أنه يجب علينا خلال السنوات المقبلة إدراك أن هذه الشركات تستغل علاقاتنا الشخصية، ورغم أن التواصل فيما بيننا رغبة إنسانية إلا أنها تُستغل حتى أنها تحولت إلى تجارة.