11 أبريل، 2024 4:44 م
Search
Close this search box.

مع (كتابات) .. “خولة جاسم الناهي” : المرأة العراقية قوية والقوانين المقترحة تعيد السلطة الذكورية !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : حاورتها – سماح عادل :

“خولة جاسم الناهي” كاتبة عراقية شابة.. ولدت بمدينة البصرة، العراق، مترجمة وكاتبة صحافية، وعضو “منتدى أديبات البصرة”.. صدر لها مجموعة قصصية باسم: (لائحة بأسماء الملائكة) 2013، تحكي فيها عن الصراعات والحروب وأثرها على النساء، بوجه خاص، وعلى العراقيين بشكل عام.. حاورتها (كتابات)، للتعرف أكثر على فكرها ومجالات إبداعها…

(كتابات): متى بدأ اهتمامك بالكتابة.. وكيف تطور ؟

  • بدأ مشواري الفعلي مع الكتابة عام 2010.. عندما بدأت بدورة لدراسة مبادئ العمل الصحافي ضمن رحلتي الطويلة في البحث عن عمل.. فقد وجد زملائي بالدورة أن كتاباتي تصلح لتنشر كنصوص أدبية.. وعندما أخبرتهم بأني امتلك خزين كبير من قصص الحياة القديمة التي عاشها أجدادي، وأني كنت دائمة الاستماع لهم عن قصصهم في الأزمنة التي عاشوها، والتي امتدت من ثلاثينيات القرن العشرين.. المهم بالأمر أن أحد زملائي أشار عليَ بتدوين بعضها.. وعندما رجعت للبيت فكرت بتدوين قصة أعرفها عن قرب لأحد الفتيات.. وكانت أول قصة كتبتها وهي: (بيت لمريم).

(كتابات): لما اتجهت لكتابة القصة القصيرة ؟

  • في الحقيقة لدي خبرة بكتابة السرد من خلال دراستي للأدب الإنكليزي ساعدتني كثيراً.. هذا بالإضافة لقراءاتي الخاصة للأدب الروسي واللاتيني والفرنسي.. فقد أضافت لي الكثير.. ومن المصادفات الغريبة أن بحث تخرجي بالجامعة كان عن مجموعة قصص للكاتب الروسي “تشيخوف”.. نصحني بها أستاذي الناقد والمترجم المعروف “صبار السعدون”.. قال: هذه مجموعة قصص لـ”تشيخوف” مترجمة بشكل رائع للإنكليزية اكتبي بحثك عنها.. عندما أتذكر ذلك أجد أني محظوظة بأن يدرسني مثل هؤلاء الأساتذة.. ولا أبخس حق مدرسيني في كل المراحل الدراسية.. كانوا أناس أكفاء يحرضون الطالب على التفكير المستقل.. الأمر الذي تفتقد له مدارسنا حالياً.. مع وجود بعض الاستثناءات طبعاً.

(كتابات): في مجموعتك القصصية (لائحة بأسماء الملائكة) انتصرت للمرأة وحقوقها.. هل يمكن اعتبار ذلك اتجاه نسوي في أدبك ؟

  • في الحديث عن مجموعتي لم اتقصد الحديث عن المرأة العراقية فعلاً، ولكني ربما أكون قد أضفت عليها بعض إحساسي الأنثوي.. فعلاً قصدت الكلام عن الهم العراقي الكبير الذي يشمل الجميع.. الرجال والنساء.

(كتابات): تناولت في مجموعتك القصصية (لائحة بأسماء الملائكة) الحروب والصراعات في وطنك  وتأثيرها على البشر.. حدثينا عن ذلك ؟

  • نحن جيل عاصر 4 حروب وحصار اقتصادي، وهذا أثر بي كثيراً، وحتى لو لم أرغب بالحديث عن تلك الحروب أجدها تتسرب بكتاباتي دون قصد.. قريتي التي عشت بها طفولتي كانت خط نار ثالث بالحرب العراقية الإيرانية.. وأول قذيفة وصاروخ وقع بتلك الحرب كان على مواطني قريتي التي راح ضحيتها 50 بلحظة واحدة.. أفكر بتدوين تلك الحادثة ضمن أحداث أخرى في عمل روائي.. لكن فعلاً قلة وقتي تمنعني من تنفيذ الفكرة.. فقد دونت بعض الأفكار فقط في خطة أولية.. حقيقة لا استطيع الإفلات من تدوين الهم العراقي.

لدي اعتقاد بأن الأدب مدون ممتاز للتاريخ العاطفي للشعوب.. صحيح الأديب هو ليس مؤرخ، ولكنه الأصدق في نقل التاريخ برأيي، وإن كان رأيه بالغالب مؤدلج.. أحب التاريخ كثيراً وأرغب بعيشه لهذا كانت لدي هواية غريبة وهي قراءة الصحف والمجلات القديمة.. فقد عشت بفضل هذه الهواية كل تلك الأزمنة التي لم أولد فيها بعد.. عشت أزمات حروب 48، وعشت الخلاف بين “أم كلثوم” و”محمد عبد الوهاب”، والحرب اللبنانية.. عرفت هم الإنسان العربي الذي كان يحلم وقتها أن يقتني تليفزيون “cic” الملون.. كل تلك الهموم الصغيرة أصبحت جزء من ذاكرتي وكأني عشتها بتفاصيلها.. ولهذا الأمر ازداد إحساسي بالإنسان العربي بصورة عامة وليس العراقي فحسب.

(كتابات): في رأيك هل يجب أن يكون الأدب ملتزماً بالمجتمع وبقضاياه وهمومه ؟

  • ليس بالضرورة أن يكون الأديب ملتزماً بالمجتمع فعلاً.. والأدب المكتوب ما لم يكن مرئياً لن يكون مؤثراً فعلاً.. فأدب “نجيب محفوظ” و”إحسان عبد القدوس” ما كان سيكون له هذا التأثير لو لم يتحول لأفلام سينمائية.. باختصار السينما والأعمال الدرامية تمنح الأدب قوة التأثير بالمجتمع، عداها يكون الأدب من نصيب النخبة فقط.. وبالمجتمعات العربية، وللأسف الشديد، ليس لها أي تأثير ملموس.

(كتابات): هل واجهتك صعوبات كونك امرأة تكتب أدباً ؟

  • بالنسبة للصعوبات كوني امرأة فهي كثيرة جداً جداً.. ولكن أهمها بالنسبة لي ككاتبة هو الإلتزام بالتابوهات الاجتماعية.. أود كثيراً كسرها وتحطيمها لأخر حجر.. وأشعر بالاختناق لعدم قدرتي على ذلك.. لأسباب تتعلق بالآخرين وليس خوفاً على حياتي للإيضاح.

(كتابات): ما رأيك في حال الأدب العراقي في الوقت الحالي.. وهل يمر بنهضة ؟

  • الأدب العراقي حالياً يمر بنهضة كبيرة وخاصة بالفترة الأخيرة، لدينا كثير من الأسماء التي برزت وخاصة فيما يتعلق بالسرد.

(كتابات): هل هناك تواجد كبير للكاتبات في الأدب العراقي ؟

  • بالنسبة للكاتبات أثبتن وجودهن أيضاً وبكتابات مميزة.

(كتابات): ما رأيك في قانون تزويج القاصرات الذي تجري مناقشته في مجلس النواب حالياً ؟

  • قانون تزويج القاصرات هو خطأ كبير.. كنت أود أن يصدر قرار يلزم القاصرة بالتعليم للمرحلة المتوسطة، وهو عمر 15 عندنا بالعراق.. ولسبب بسيط أننا نعد المرأة لتكون أرملة في العراق.. لو رأيت عدد الأرامل عندنا وأعمارهن لارتعبت كثيراً.. أود القول أن المرأة العراقية هي امرأة قوية جداً، ونحتاج لقوانين لحمايتها.. أما هكذا قوانين فهي تريد من المرأة أن تكون تحت جناح الرجل وحمايته.. مثلاً ضمن هذا القانون المقترح.. حضانة الطفل في حالة الطلاق تكون سنتين فقط، وهي عمر الإرضاع، ليتسنى للمرأة الارتباط برجل آخر دون مشاكل.. هكذا قانون يفكر بتزويج المرأة بأي شكل ولا يفكر بوضع الطفل النفسي والعائلي، بينما طبيعة المجتمع العراقي مختلفة عن ذلك كثيراً، فالمرأة غالباً تكرس حياتها لأطفالها في حالة الطلاق أو الترمل.. هذه القوانين هي محاولة لإعادة السلطة الذكورية للمجتمع العراقي.. فالمرأة بهذه الحالة تكون أب وأم وسلطة فعلاً.. صراحة نساء مثلي لولا وجود أمهات مثل أمي ما كن موجودات.. هي امرأة قوية لدرجة أنها ربت وعلمت 8 أطفال تعليم جامعي في ظل حروب وانتقال من مدينة لأخرى، وفي ظل حصار اقتصادي رهيب..

أنا ضد هذا القانون فعلاً، لأنه أداة لقتل جميع النساء القويات.. وخلق مجتمع “سي السيد وأمينة”.. أود القول ومنذ زمن جداتي لم يكن عندنا بالعراق “أمينة”.. لطالما كانت المرأة العراقية قوية وسباقة ورائدة ومبدعة ومثال إنساني يحتذى به.. العودة بها للوراء ليس من مصلحة أحد.

هناك أمر لابد من الإشارة إليه؛ وهو أن المرأة العراقية تجد المساعدة والدعم والتأسي بالدين غالباً.. فهي تجد في الله وأهل البيت سنداً حقيقياً لها في التغلب على أزماتها.. وتجد في “زينب بنت علي” أخت “الإمام الحسين” مثال يحتذى في الصبر والتغلب على الأزمات.. خاصة دور هذه المرأة التاريخي في قوتها وتحديها للنظام الأموي.. والمفارقة بهذا القانون، الذي يحجم قوة المرأة، أنه قانون شيعي.. لا أود التحدث بالمذاهب، ولكن هناك شيء يتعلق بـ”المذهب الجعفري” وهو أنه ينتصر بالمرأة فيما يتعلق بقضايا الميراث، فالبنت ترث كل أموال أبيها إن لم يكن له ولد.. وهناك قوانين أخرى أيضاً تعطي للمرأة حقوق كثيرة.. للأسف المجتمع العراقي يأخذ بالأسوأ فقط ومعظم القيود هي قيود اجتماعية وليست دينية..

وفيما يتعلق بالدين بالعراق بصورة عامة، أجد توجه كبير نحو الإلحاد وخاصة بالنسبة للشباب، الذين عاشوا الفترة الطائفية الجدية منذ 2003.. الحمد لله تربينا في فترة سابقة، حيث الوطنية وحب الآخر هي الأهم وكل ما عداها تفاصيل غير مهمة.. باختصار اعتقد أننا نعيش حالياً بالوقت الذي يسبق تغير كبير.. وأظن أن الحل لأزمة العراق الحالية هو ترك الدين وحذف فقرة أن “الإسلام هو مصدر التشريع” في القانون العراقي من الدستور.. والتحول لمجتمع مدني بحت يشابه النظام التركي أو الماليزي.. والطقوس الدينية هي حرية وممارسات شخصية ولا تصلح لأن تكون نظام دولة..

أود إيضاح أمر مهم؛ وهو أن إلتزامي ليس لديني ووطني، رغم اعتزازي بهما، ولكن إلتزامي الأول والأخير هو الإنسان.. وأنا أتمنى لو كان باستطاعتي تقديم كل دعم له.. وأجد الأدب رسالة إنسانية وجمالية بحتة، منذ أول الأساطير كان البدء الإنسان وليس الكلمة فعلاً.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب