23 ديسمبر، 2024 11:17 ص

لينين الرملي.. صاحب بصمات بارزة في المسرح

لينين الرملي.. صاحب بصمات بارزة في المسرح

 

خاص: إعداد- سماح عادل

“لينين الرملي” كاتب مسرحي مصري.

ولد “لينين فتحي عبد الله الرملي” في القاهرة عام 1945، وكان والداه يعملان بالصحافة وبالعمل السياسي، ما كان له تأثير بالغ على فكره ومستقبله وتشكيل وجدانه.

نشر أول قصة قصيرة بمجلة «صباح الخير» عام 1956، وحصل على بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية قسم النقد وأدب المسرح عام 1970، وتزوج من زميلته كاتبة ومخرجة مسرح الطفل “فاطمة المعدول”. بدأ “لينين الرملي” الكتابة للتليفزيون في وقت مبكر، فكتب عددا من المسلسلات التي حققت نجاحا واسعا، مثل «فرصة العمر»، «حكاية ميزو»، «شرارة» «هند والدكتور نعمان» وغيرها، وفى عام 1972، كتب أول أعماله السينمائية مع المخرج المصري “صلاح أبوسيف”، وهو فيلم «النعامة والطاووس» الذي ظل مرفوضا من الرقابة لمدة 25 عاما، لتتوالى أعماله السينمائية الهامة ومنها «الإرهابي، بخيت وعديلة»، وكون ثنائيا ناجحا مع الفنان محمد صبحي لسنوات طويلة، حيث قدما سويا عدة مسرحيات أبرزها «وجهة نظر، تخاريف، الهمجي، بالعربي الفصيح».

حصل ” لينين الرملي” في عام 2005 على جائزة الأمير الهولندي كلاوس ضمن عشرة فائزين على مستوى العالم، وحصل بعد ذلك على جائزة الدولة التقديرية في مصر، فضلًا عن عدد كبير من التكريمات طوال مسيرته الفنية.

خصصت الدولة جائزة باسم “لينين الرملي” لأفضل نص مسرحي ابتداء من المهرجان القومي للمسرح المصري الأخير عام 2019، مما اعتبر تكريما كبيرا لصاحب “تخاريف، وجهة نظر، بالعربي الفصيح، سعدون المجنون، الهمجي، البداية، بخيت وعديلة، هند والدكتور نعمان”… وغيرها من الأعمال الكبيرة التي ساهمت في صياغة الوعي الجمعي لأجيال متعاقبة.

من أشهر أعماله المسرحية “انتهى الدرس يا غبي”، “المهزوز”، “أنت حر”، “تخاريف”، “سك على بناتك”، “وداعًا يا بكوات”، “أهلا يا بكوات”، “الهمجي”، “وجهة نظر”، “اضحك لما تموت”، “بالعربي الفصيح”، “الحادثة”، “زكي في الوزارة”، و”عفريت لكل مواطن”.

ومن بين أبرز أعماله للسينما والتليفزيون: “البداية”، “الرجل الذي عطس”، “علي بيه مظهر”، الأجزاء الثلاثة لـ”بخيت وعديلة”، “السيد كاف”، “النعامة والطاووس” وهو الفيلم الذي عطلته الرقابة لحوالي ربع قرن كان كتب قصته المخرج الراحل صلاح أبو سيف وكتب له السيناريو والحوار الرملي، “هند والدكتور نعمان”، “الإرهابي” وهو الفيلم الذي بسببه رفع أحد المحامين دعوى قضائية يتهمه فيها إلى جانب الفنان عادل إمام بالإساءة للإسلام، “مبروك جالك ولد”، “أنظر حولك وابتسم”.

 لينين..

في حوار مع “لينين الرملي” ب”المصري اليوم”، يقول عن اسمه: “ولدت لأب وأم ينتميان إلى الحركة الشيوعية ويؤمنان بأفكارها، وأمي كانت كادرا مهما من كوادر الحركة الشيوعية المصرية، وكان والدي صحفيا ومناضلا شيوعيا، ومن هنا جاء حبهما للزعيم الروسى لينين، وسميت بهذا الاسم الذي أعتز به كثيرا. أعتز بالاسم لأنه اسمي الذي ولدت به ولا أعرف غيره ولا أجد مبررا لتغييره، وبصراحة كنت أرى أن مجرد التفكير في تغييره نوع من الجبن والخوف والتخاذل. حدث معي عدة مواقف، لكن لم ترتق لحملي على تغيير اسمي، بالمناسبة وقبل أن أحكى لك المواقف، سأذكر موقفا طريفا حدث بعد ولادتي بسبب اسمي، حيث سافرت أمي إلى الخارج ولم يكن هناك وقتها أي وسائل للاتصال سوى التلغراف، فأرسلت أمي تلغرافا لأبى يحمل ثلاث كلمات «كيف حال لينين»، وكانت النتيجة القبض على والدي واستجوابه بشأن الرسالة التي اعتبرها البوليس رسالة مشفرة والمقصود منها أمر ما متعلق بالحركة الشيوعية التي كانت مطاردة آنذاك في مصر، وأقسم والدي في التحقيق أن لينين هو اسم طفله الرضيع، إلا أن البوليس لم يقتنع إلا بعد أن أخرج لهم والدي شهادة ميلادي، وهذا كان أول موقف غريب يحدث بسبب اسمي”.

وعن موقف حدث مع “صلاح جاهين” حين قال له إنك موهوب ووافق على نشر قصصه بشرط تغيير اسمه يوضح:”صلاح جاهين، مستنير صحيح، لكن كان ناصريا حتى النخاع، وحب عبد الناصر كان يجُبّ أي منطق، وبعد موقف صلاح جاهين بسنوات شاء القدر أن أذهب للفنان فؤاد المهندس بنص مسرحية لي، فانبهر بها الرجل، وأخذ يمثل أمامي عددا من مشاهدها وفى ظل الاندماج سألني: “لا مؤاخذة ممكن تفكرني باسمك تاني ما خدتش بالى”، فقلت له: لينين الرملي، فرد بعد لحظات من الصمت والاندهاش قائلا: هل هذا يعنى أنك ترغب في كتابة هذا الاسم على أفيش مسرح الزمالك؟، فأجبته: نعم بكل تأكيد. فقام فؤاد المهندس من مكانه متظاهرا أنة ينادى على شخص ما ففهمت الأمر وخرجت على الفور من الباب الثاني. ويشاء القدر فيما بعد أن أصبح مؤلفا شهيرا فيطلب منى فؤاد المهندس إحدى مسرحياتي فأقدم له مسرحية «سك على بناتك»، التي نالت شهرة واسعة ونزل عليها اسمي الذي كان يرفضه فؤاد المهندس من قبل”.

الاشتراكية وهم..

وعن الأفكار الشيوعية يقول ” لينين الرملي”: “عندما كبرت وقرأت عن أيديولوجيا الحركة ونشاطها، اكتشفت أن الوضع مختلف تماما، وأن فكرة الشيوعية وأيديولوجية الحكم للبلوريتاريا كانت فكرة ورقية لم تنفذ في الواقع، وأن القائمين على هذه الأفكار هم أنفسهم كانوا مختلفين وبينهم صراعات عدة. أذكر واقعة مهمة حين أخبرتني أمي أنها ربما تعتقل في غضون أيام وجعلتني أقرأ المنشور الذي كتبته الحركة والذي بصدده كان هناك حملة اعتقالات واسعة في صفوفهم، وطلبت مني أن أكون متماسكا وقويا حين قدوم هذه اللحظة، وبعد انتظار لعدة أيام لم يأت أحد لاعتقال أمي، وعرفنا فيما بعد السبب، حيث قررت الحركة فصل أمي. الاشتراكية وهم كبير بدليل أنها ماتت ولم تستمر، أنا مؤمن أن للغلابة حقوقا في الحياة الكريمة والملبس والسكن والتعليم وغيرها، لكن مختلف في الأدوات ومنهج الوصول لهذه النتيجة”.

المسرح القومي..

في حوار مع “الشروق” يقول “لينين الرملي” عن غيابه عن المسرح القومي: “لم أغب يوما عن المسرح القومي، بل هو وإدارته الذين غابوا عنى، فأنا موجود وأعمالي موجودة ومن يحتاجني يطلبني، فعلى مدى مشواري الطويل لم يحدث يوما أن طلبت العمل مع أحد، ليس تكبرا، وإنما حياء شديدا، وأنا لا ألوم أحدا، خاصة أن هناك مشروعات لمؤلفين غيري لم يتم تنفيذها بالمسرح القومي، وقام أصحابها بتسليم نصوصهم المسرحية قبلي ولهم الأولوية بلا شك.

وعن رحلته في عالم الفن والتي بلغت الـ 50 عاما يقول: “وصف هذه الرحلة بكلمات بسيطة أمر صعب، فهي رحلة شاقة، مليئة بالتحدي والصعوبات، وما جعلني استمر، هو اصراري على النجاح، وعدم الاستجابة لأي ضغوط تعرضت لها، فأنا شخص لا يعانى من البارانويا، ويسعى للنجاح، لكن ما يزعجني حقا ويؤلمني بشدة، هو شعوري أن الجمهور العادي لا يعرفني، وان اسمي لا يعرفه سوى شريحة المثقفين، أما أعمالي فرغم كثرتها والنجاحات الكبيرة التي حققتها نُسبت لغيري، فالناس لا تهتم بمن كتب، ولكن بمن مثل. إذا سألت المشاهد العادي عن صاحب مسرحيات «انتهى الدرس يا غبي»، و«الهمجي»، و«تخاريف»، و«وجهة نظر» وغيرها، سيقول بسرعة «محمد صبحي» وهو غير مدرك أو مهتم أن هناك رجلا اسمه «لينين الرملي»، تعب واجتهد وكتب هذه النصوص جميعها، وقام صبحي وزملاؤه الفنانين بتمثيل أدوارهم التي كتبتها لهم الهدف من كلامي لم يكن خاصا بعلاقتي بمحمد صبحي التي انقطعت، بقدر ما كنت أستعيد مشواري الطويل، وما عانيته كثيرا منذ كتبت مسرحية «إنهم يقتلون الحمير» إخراج جلال الشرقاوي، وبالمناسبة هذا لم يكن الاسم الذي اخترته للمسرحية، بل الاسم الذي اختاره صبحي وفاجأني به ووضعني في موقف حرج للغاية لتشابه الاسم مع عمل عالمي واتُهمت بالباطل أنني مقتبس المسرحية، ثم فوجئت به في نهاية العرض يخرج عن النص بكلام ليس له أي صلة بالموضوع، وراهنوا أنني لن استمر بالمسرح مرة أخرى بعد هذه التجربة، ولكن عدت بعد 6 أشهر بمسرحية جديدة لعب بطولتها صبحي، وتوالت الأعمال والنجاحات التي ذاق طعمها شخص واحد، تعامل معها على أنه صاحب الحق الوحيد فيها”.

ويضيف: “قدمت بعد انفصالي أنا وصبحي مجموعة من المسرحيات قمت بتأليفها وإخراجها، وأعدت إخراج «بالعربي الفصيح» مرة أخرى، وحققت نجاحا أكبر مما حققه صبحي، وقمت بإجراء العديد من التعديلات، وأخرجت المسرحية بحب، وسافرت للإسكندرية عملت هناك لمدة 5 أعوام مع هواة، وساهمت فى اكتشاف العديد من المواهب الجديدة تحول أصحابها لنجوم كبار، ولكن الوضع تغير، وتدهور حال المسرح، ولم يعد لدى مسرح ولكن لم أتوقف عن الكتابة، وقدمت مسرحية منذ 5 أعوام فعشقي للمسرح لن ينتهي أبدا”.

وفاته..

توفى “لينين الرملي” في 7 فبراير 2020 عن 74 عاما.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة