7 أبريل، 2024 4:38 م
Search
Close this search box.

مع كتابات.. زهراء حسن: كنت التقط الظلم وأتحسسه فيتحول عندي إلى قصص ثائرة

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: حاورتها- سماح عادل

 

“زهراء حسن” كاتبة عراقية ، صدر لها:

– بطاقة دعوة ليوم زفافي، مجموعة قصصية ٢٠٠٣.

– زواج أجمل امرأة في العالم، مجموعة قصصية  ٢٠٠٥.

– تعالوا أعرفكم على صديقي، كتاب مقالات وحوارات وتحقيقات ٢٠٠٦.

– هي قبلة تدنيك مني، مجموعة شعرية ٢٠١٩.

– من بغداد إلى غوثنبرغ، رواية قصيرة للأطفال ٢٠١٩.

إلى الحوار:

(كتابات) متى بدأ شغفك بالكتابة وكيف تطور؟

– بدأت أكتب حين كنت في الصف الرابع الثانوي، وكان عمري حينها ستة عشر عاما. كنت أحتفظ بدفتر ذا غلاف أسود أكتب به قصائدي الغزلية أو خواطري وكنت أحب هذا الدفتر أكثر من كل كتبي المدرسية ودفاتري. من هنا بدأ شغفي بالكتابة فقد كان يمنحني الفرح والأمان، كنت أكتب كل قصائدي وأقرأ ما أكتب لصديقاتي الطالبات فهن كن بمثابة جمهوري الأول.

الأمر الثاني الذي دفعني إلى هذا العالم هو الاستبداد والقمع المحيط من جهة الأهل والمدرسة والمجتمع، فكلمة حب كانت ممنوعة في المدرسة والبيت، وحين يبدأ الإنسان صباه الأول يتفتح على الربيع والحب ولم أجد منفذا في ذلك الحين سوى دفتري الأسود أبثه مشاعري .أما القصة التي زادت من تعلقي بالكتابة هو نشر مجلة “ألوان” اللبنانية لخاطرتين في بريد القراء مما زاد ثقتي في نفسي. ثم دخلت الجامعة فتوقفت ثلاث سنوات عن الكتابة والقراءة لكن الشغف عاد في السنة الجامعية الرابعة فبدأت أكتب قصصا ونصوصا شعرية كنت أنشرها في صفحة أصوات في جريدة “الجمهورية”.

وذات عام اشتركت في مسابقة قصصية لمجلة “الأقلام” وفازت قصتي “قيامة الأحلام” بالجائزة الخامسة وقد أسعدني ذلك. إلى يومنا هذا أنا أشعر بفرح مجاني حباه الله لي حين وهبني موهبة الكتابة. أما كيف تطور شغفي، تطور عندما كنت قارئة ولازلت فأنا استمتع بالقراءة كما استمتع بالكتابة، كما تطور في فترات الإنتاج أما فترات الانقطاع فلم أتطور بها أبدا لأنني انشغلت بأمور أخرى، وظروف حياتية جعلتني أقف متسائلة ماذا فعلت لي الكتابة حين واجهت الحياة وحيدة، لم تسندني ولكني اكتشفت خطأي الكبير بتركها لأن الكتابة سندا معنويا حقيقا لما تمثله من راحة وسعادة.

(كتابات) ما سر التنوع في إبداعك ما بين كتابة القصة القصيرة والشعر والمقالات ورواية للأطفال؟

– في الحقيقة أنا بدأت بكتابة الشعر وكتبت رواية لم أكملها حين كنت في الثانوية. أنا موزعة بين كتابة الشعر والقصة والسبب أنني أكتب مخلصة للفكرة التي تأتي فإن جاءت على شكل قصة فستكتب قصة، وأن جاءت على شكل شعر، فيكتب شعرا.

اعتقد أن الكتابة جميعها تصب في مجرى واحد منوع الاتجاهات لكن المنبع واحد. لما أنا منوعة؟ اعتقد أن هناك أشكالا كتابية تستوجب ذلك التنوع حيث الرواية تتطلب الأحداث والأفكار والحوار والزمن وقد لا يستوعب الشعر هذا، وإذا ناقشنا قصص الصغار فذلك عالم آخر تماما يتطلب معرفة بعمر الصغير وماذا يكتب له أيضا من ناحية الشعر والقصة، فما يكتب للصغار يختلف عما يكتب للناشئة والكبار. كل شيء يبدأ بالكتابة وينتهي إلى الكتابة أيضا لكن بأشكال مختلفة.

(كتابات) ما أسباب عدم نشر كتبك في العراق قبل ٢٠٠٣؟

– أسباب عدم نشر كتبي قبل 2٠٠٣ كانت البيروقراطية تنتشر في العراق ومازالت، وجميع بلدان الوطن العربي. لقد دخل كتابي للطبع وأخذت نسخة للتصحيح وأخذت النسخة المصححة وبقيت مهملة في الركن. هذا الإهمال واللااحترام في التعامل أفقدني صوابي فتركت الأمر تماما. الاحترام والتزام المواعيد وإعطاء كل ذي حق حقه هو ما يميز الدول المتطورة عن دول الشرق أو الوطن العربي. لو افترضنا أن هذا الموظف المسئول عن النشر أو الموظفة يعملون في أوربا وتم إهمال الكتاب بهذه الطريقة سيحاسب قانونيا وقد يفقد وظيفته، لذا لا يمكن أن يحدث هذا في دول عبرت مسافات كبيرة نحو الديمقراطية.

كنت أتمنى أن أطبع أول كتبي في وطني الأم، لكن هذا لم يتم بسبب البيروقراطية التي نعاني منها جميعا. لذا حين سنحت لي الفرصة طبعت كتابي الأول في سوريا، والثاني والثالث والرابع في السويد، والخامس صدر العام الماضي عن دار الدراويش.

(كتابات) في المجموعة القصصية “زواج أجمل امرأة في العالم” رصدت الظلم الاجتماعي الواقع على المرأة.. حدثينا عن ذلك؟

– المرأة مظلومة في الوطن العربي أجمع، لقد وقع  الظلم علي لأنني امرأة، كما وقع على جميع النساء العربيات لأنهن ينتمين لجنس النساء. هذا ما أثار حنقي فعلا ، فالمرأة في المجتمع العربي مفعول به لا فاعل، فهي لا تستطيع أن تختار الرجل الذي تحب أو تريد الارتباط به لأن هذا من اختصاص الرجل فقط، وليس من اختصاصها فهي من الجمادات لاحق ولا مشاعر لها. وهي ملزمة بالطبخ والتنظيف وكي الملابس لجميع أفراد العائلة، وكأن هذه مسؤوليتها وحدها وليست مسؤولية الرجل أيضا.

أضيفي إلى ذلك ما يحدث الآن من أن المرأة تعمل وتعيل  بيتا حيث تعمل في خارج البيت وداخله، وتصوري أن الرجل يطالبها براتبها لأنه الوصي وصاحب السلطة. وفي كل يوم تتعرض المرأة للتهميش والتقليل من شأنها. في كتابي “زواج أجمل امرأة في العالم” ناقشت موضوع الحب والزواج والصداقة ومشاكل العمل. كيف تتعرض المرأة لانتهاك أنوثتها وإنسانيتها فيما يتعلق بموضوع  الحب والارتباط وما إلى ذلك. فأنا شهدت زواج إحدى الصغيرات التي صارت الخادمة بالمعنى الحرفي للكلمة، وآسفة لاستخدامي كلمة خادمة لأنه لا توجد مفردة تعبر عنها غير هذه الكلمة،  للعائلة الكبيرة كلها حين أخذت من بيت أهلها وعاشت في قرية نائية، وكانت تمنع من زيارة أهلها وكأنهم اشتروها بالمهر الذي دفعوه لها لترتبط بابنهم.

يستفزني الظلم الذي يقع على المرأة، وأحيانا تساهم المرأة نفسها في ظلم امرأة أخرى أيضا. في نفس السياق كان عندي صديقة ألعب معها اختفت ذات يوم واكتشفت أن هذه الصديقة الصغيرة ارتبطت برجل كبير السن خطبتها له زوجته الأولى التي مرضت، وأرادت أن تزوج زوجها فخطبت له تلك الصغيرة التي كانت تلعب معي. أرفض الظلم الذي يقع على الرجل مرة وأرفض الظلم الذي يقع على المرأة عدة مرات. لأنها كائن مظلوم من المجتمع ومن الأهل ومن الرجل ومن المرأة نفسها أحيانا.

كنت التقط الظلم وأتحسسه فيتحول عندي إلى قصص ثائرة ضد مجتمع يتعامل معهن بدونية ويعتبرهن مواطنات من الدرجة العاشرة. وإذن أريد أن أحلل  الخطاب العام في المجتمع فيما يخص المرأة،  فالكل يشيد بعقل الرجل وذكاؤه وتفوقه في الفهم على المرأة، ولقد تعرضت للكثير من هذه المفاهيم الخاطئة التي تمس كرامة المرأة. ذات مرة كتبت تحقيقا صحفيا عن الغرور، جلس أحد الزملاء يناقشني بطريقة أراد أن يوصل لي من خلالها أنه الأفهم لأنه الرجل، لم أعط مجالا لهذا وكان الكثير منهم ينزعج لأنني كنت أناقش ما يمليه علي فكري وكنت أرفض وبشدة استصغار عقلي.

ولم أكن استعرض عضلاتي الفكرية، كنت أريد أن أوصل فكرة وكان الزميل يريد استعراض عضلاته الفكرية وتفوقه الذكوري،  ولك أن تتصوري ماذا يعترض المرأة في يومها العملي من استفزازت كثيرة مثل هذا. طبعا هذا التعامل مع المرأة بسبب نوعها وجنسها يعد من التعامل العنصري الذي يحاسب عليه القانون في الدول التي تعتمد المساواة بين الرجل والمرأة.

الموضوع كبير ويحتاج إلى الجهد الدؤوب كي تأخذ المرأة حقها في الحياة الحرة الكريمة، صحيح هناك شواهد مفرحة على نجاحات المرأة لكني قلبي يظل متألما من الظلم الذي يقع على المرأة، لأن مدننا وقرانا يرتع فيها الظلم والجهل والاستغلال ويفرق بين الرجل والمرأة في التعامل بشكل واضح. يوم تأخذ المرأة حقوقها فعلا سيتغير الشرق كثيرا وسيكتب له الفرح والتغيير. لذا كلما أرى ظلما يقع على الصغير والكبير والمرأة يتجسد عندي على شكل كتابة وقصص.

(كتابات) في رواية “من بغداد إلى غوثنبرغ”  حاولت تصحيح الصورة الشائعة عن الإنسان العربي كيف ذلك؟

– أن تعيش في الشمال الأوربي الاسكندنافي شيء، وأن تذهب سائحا هو شيء آخر تماما. أنا عشت في أوربا عشرين عاما وخبرت البلاد والعباد، وعشت في العراق نصف عمري، عرفت فيها المجتمع العراقي عن قرب. لدينا فكرة عن أوربا مضخمة ولدى الأوربيين فكرة عنا غير جيدة، والفكرتين غير صحيحتين، وهما ناتجتين عن الإعلام والسياسة، لا أحد ينكر ما وصلت إليه أوربا من نظام ديمقراطي وعدالة اجتماعية دفعوا فيه الكثير من الدم، حتى وصلوا إلى مرحلة القانون فوق الجميع، لكن تبقى الأفكار والإعلام والسمعة التي تسبق الشخص إلى العالم المتحضر هي السباقة.

فنحن ونتيجة سياساتنا الخاطئة وعدم احترام شعوبنا وبقاء التعليم متخلفا وغياب الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، بقينا رهينة هذه الصورة الحقيقية  التي وصلت إلى العالم وانعكست على الكثير منا، لكن هناك صورا كثيرة في الغرب جميلة جدا انبثقت منا، فالمرأة تدرس وتعمل وتعيل عائلة، والرجل أيضا، وهذه الصور الجميلة لنجاحاتنا في الغرب غيرت من الصورة النمطية عنا. بنفس الوقت لدينا مشكلة في النظر إلى الأوربي بطريقة أنه الخواجة، وفي هذا خطأ كبير فكلنا متساوون في القيمة البشرية.

في بداية عهدي في السويد لفت نظري هذا فكتبت رواية قصيرة للصغار  تتحدث عن مغامرة بين صغار عراقيين وأوربيين يلتقون ويتعاونون، وهذه هي الطبيعة البشرية التي تؤمن بقيمة البشر في التساوي بالحقوق والواجبات، بغض النظر عن الانتماءات. قلت هذا في البدء لكني تغيرت وتوصلت إلى هذه النتيجة أنا هذه وسيقبلني الآخر كما أنا، وهناك وضع  طبيعي  يمر به البشر لا يوجد فرد يحبه كل الناس. وإن وجد فهو استثناء. كل إنسان له محبين و مريدين وكارهين وأنا من منهم. بقي شيء يوم تتغير حياتنا في الشرق الأوسط نحو الأفضل حيث يعم الأمان والتعليم الحديث وتتساوى المرأة بالرجل ويحترم الصغير، وتكون لدينا انتخابات نزيهة، ستكون سمعتنا بهذا قد سبقتنا وهذا يحتاج إلى جهد وعمل وسنوات طوال، كي نصل إلى التطور السلمي الذي يقود إلى بر الأمان.

كتبت الرواية القصيرة الناتجة من فكرة الاندماج في المجتمعات ذات الثقافات المختلفة، وكانت فكرتي رغم اختلاف الثقافات إلى أن الإنسان يتواصل إنسانيا في الحياة العامة، نجحت في هذا مع قلة من الأفراد، أما في كتابي الأدبي فالزمن هو من يحكم بقيمته الأدبية وفكرته في التغيير. الأفكار تحتاج إلى زمن لتجسد في الواقع.

(كتابات) ماذا يمثل الشعر بالنسبة لك؟

– الشعر يمثل لي حياة كاملة، فأنا أحبه جدا، واعتقد أن الشعر يحبني أيضا. الشعر يمثل تماما واحتي النفسية الخاصة جدا، وأنا أؤمن تماما بأن الشعر له كرامة، فهو يأتي مرة واحدة  ولا يعود حين لا تكتبه مباشرة. لذا وضعت جنب سريري دفتر وقلم لأن الشعر عندي إما يأتي في اللحظة التي تسبق النوم أو في الصباح عند الاستيقاظ. وحين لا أكتب ما يأتي يغادر الشعر إلى دائرة النسيان ولا أتذكره أبدا.

منذ كنت صغيرة كنت أسأل ماذا سأكون حين أكبر، وكان جوابي مباشرة شاعرة، كان جوابي فطريا ويبدو أني كنت مدركة وبصورة غير واضحة أن بذرة الشعر تتحرك في داخلي منذ الطفولة. الراحة النفسية التي لا يمكن أن أصفها بعد كتابة الشعر تساوي عندي الكثير، فهي فرحة مجانية قد حباني الله بها. دائما هناك شيء أريد أن أحدث الآخر به ويعذبني إذا بقي هناك في العمق الروحي والنفسي لي، وهذا الشيء هو الشعر.

(كتابات) في المجموعة الشعرية “هي قبلة تدنيك مني” كتبت عن الحب.. حدثينا عنه؟

– هذا الكتاب حصيلة عدة سنوات من كتابة الشعر، وهو شعر سمته الأساسية المشاعر البشرية الحب والحنان وغيرها من المشاعر التي يصاب المرء بها. المرأة إنسان يتوق إلى العاطفة والحب وهي تستشعر الأمر ويساوي لديها الكثير. أنا من هذا النوع من النساء الذي يحب فكرة الحب ويعشق وجودها في الحياة، ولكنها قد تحدث للكثير وقد لا تحدث أيضا، وحين لا تحدث تظهر شعرا عندي، وقد ظهر هذا في كتابي “هي قبلة تدنيك مني”. بقي أن أذكر أني اعتبر الحب كينونة الحياة، وهو المفهوم الأكبر الذي أعشقه والذي أتمنى أن أراه بين بني البشر في علاقاتهم، فأنا ضد الحروب تماما، ومن يصنع الحرب هذا لا يفهم منطق المحبة التي هي أجمل وأسمى من كل شيء.

هذا هو مفهومي عن الحب بمعناه الشامل الذي تطرق إليه الكتاب أيضا. يبقى الحب بمفهومه الفردي وخصوصا علاقة الحب بين المرأة والرجل التي ظهرت في هذا الكتاب على شكل سعادة. أحب هذا الكتاب جدا وفرحة به وبانجازه وهو أحد سعاداتي في هذه الحياة.

(كتابات) ماتقييمك لحال الثقافة العراقية وهل يمكن الحديث عن نهضة ثقافية؟

– بما أنني لا أقيم في العراق لذا لا أستطيع أن أقيم الوضع الثقافي العراقي في الداخل، لكن صفحة “الفيس بوك” أعطتني فكرة عن الكثير من الأمور التي تغيرت وتطورت، فالكاتب العراقي صارت له صفحة يكتب بها ويستطيع المرء أن يرى الإبداع. هذا المجال ما كان متاحا للكتاب العراقيين أبدا، وما كانوا يستطيعون أن ينشروا نتاجهم دون أن تطوله يد الرقيب أو مسئول الصفحة الثقافية. الآن نلتقي ببعضنا، ونقرأ لبعضنا وفي هذا انفتاح كبير لم يشهده الأدب العراقي سابقا.

النهضة الثقافية تحدث لأن هناك أسبابا كبيرة،  منها الظلم وغياب العدالة الاجتماعية، فحينما تقرئين تاريخ الشعوب تجدين أن أفرادا قلائل هم من وقفوا، وهم من غيروا هذه المجتمعات، فالنهضة الثقافية تحدث بهؤلاء الأفراد وبسببهم تعيش المجموعات بسعادة بعد ذلك. وحدوث نهضة كهذه ينعكس على السياسة، وإذا رافقتها نهضة اقتصادية مع ثورة شاملة في تغيير نظم التعليم في الشرق الأوسط.

وتحتاج هذه النهضة وصول المجتمعات إلى مفهوم المواطنة والمساواة بين المرأة والرجل، أي أن المجتمع يؤمن بهذه المساواة ولا ينتقص منها. النهضة الثقافية الشاملة التي توثر بصورة غير مباشرة  في نهضة  السياسة  التي تنظم البلد وتديره وتستفيد من ثرواته في البناء والتعليم وبث الرفاهية والأمان في مجتمعاتنا، فالنهضة الثقافية تؤثر بالسياسة والعكس صحيح أيضا. إذا حدثت هكذا نهضة سنكون قوة ثقافية واقتصادية وسياسية، ونحن لنا من الإمكانات ما يؤهلنا لذلك.

النهضة الثقافية مرتبطة بأشخاص حقيقيين لديهم من الشجاعة ما يجعلهم في مواجهة مجتمعات متخلفة قادرون فعلا على التغيير، وبنفس الوقت يقع على المثقف الحقيقي أن يشخص مواطن الضعف وأن يحاول التغيير نحو الأفضل. الشعوب تمر بمنعطفات وتغييرات كبيرة سببها مثقفون عللوا وشخصوا ووقفوا بوجه الظلم، وقادوا وزرعوا بذرة العدالة، فما كتاب “جان جاك روسو” “العقد الاجتماعي” واحد من أسباب الثورة الفرنسية التي ينعم أبناءها الآن بها.

لكن ما يجري الآن من فوضى وحروب وظلم اجتماعي كبير يحتاج إلى جهد كبير وإيمان حقيقي في قيادة البلدان إلى نهضة حقيقية، فمجرد قبول الدولة والمجتمع إلى وجود صغار يعملون أو يتسولون فهو يعكس صورة لسياسة البلد والمجتمع، مجرد وجود صغير يعمل أو يتسول  ولا يذهب إلى مدرسته يعني أن هناك خلل كبير في بنية النظام الإنساني. هذا إذا الدولة لم ترعى الصغير وهذا واجبها، يجب أن يرعى من المجتمع ضمن قانون التكافل الاجتماعي وهذا مع الأسف غير موجود. النهضة الثقافية لابد أن تحدث لكن الطريق إليها طويل و شاق.

(كتابات) ماذا تحقق لك ترجمة نصوصك؟

– تحقق لي الترجمة التواصل مع الآخر الذي لا يقرأ لغتي ولكنه يقرأها بلغته. ولقد ترجمت بعض قصائدي إلى اللغة السويدية ورأيت الأمر مهما جدا. فذات يوم قرأت شعري أمام جمهور سويدي ومن دول أخرى وكانت النتيجة جميلة جدا، أنا أتواصل بالشعر الذي أكتبه مع قارئ يقرأ لغتي ولكني أقرأ بلغته. الترجمة تعني أن الآخر سيراني سيقرأ أفكاري سيتعرف علي. الترجمة هي التي عرفتنا على كبار الكتاب والمفكرين في العالم. أهمية الترجمة هي التي تنقل إلينا الكتب المهمة والتطورات التي تحدث في العالم.

(كتابات) كيف هو نشاطك  الثقافي في البلد الذي تعيشين فيه حاليا؟

– أنا عضوة في اتحاد الأدباء السويديين.هذا الاتحاد له نشاطات كثيرة لكني أعمل من الثامنة والنصف حتى الرابعة والنصف عصرا. وهذا يؤخر مشاركتي في الكثير من النشاطات، لكني شاركت في معرض الكتاب الأخير وكانت لي قراءات شعرية وشاركت بها. هذه هي نشاطاتي التي أشارك بها والوقت الباقي لتفاصيل الحياة الأخرى وللكتابة.

وفي النهاية أقول عندي حلم يخص الكتاب في العالم وفي شرقنا. الكاتب يحمل لقب كاتب لكن مهنة  الكتابة لا تقيه برد الشتاء ولا حر الصيف. عمل الكتابة عمل فكري وجهد بشري كبير ويحتاج إلى تفرغ وأمان اقتصادي حقيقي حتى ينجز الكاتب إبداعه. أغلب الكتاب عدا المشهورين يعملون من اجل إعالة عوائلهم، ويبقى القليل من الوقت في التفرغ لانجازهم. اذا اعتمدت الكتابة كمهنة يعيش منها الكاتب، مثل الطبيب والمدرس والمهندس، إذا أقر هكذا قانون أن يعيش الكاتب من عمله براتب شهري مجزي، وهذا حق من حقوقه وليست منة، فعلى النظم السياسة أن تعي أهمية الكاتب الذي يحيا مهددا في إبداعه وحياته. الكتابة هي العمل الوحيد في هذا العالم التي لا تعد مهنة بل تنتمي إلى عالم الهوايات فقط.

نصوص لزهراء حسن..

سأبني بيتنا الجميل

في الغابة

سأضع الخبز على النار

سأشمها محترقة

وأشمك

لاحقا

سأسقي الزرع

وأعطيك شربة ماء

سأزرع نخلة

وسنصعدها معا

نجني الرطب الجميل

هل حان وقت

الرطب

أم حان وقت

الحب

لاحقا

سأدع يديك بيدي

واعقد أصابعي

أشبكها لتصير وردة

لاحقا

سنمضي معا نحو

البحر

نمشي عليه دون

خوف

من السباحين المهرة

وقوارب نجاتهم

…………

أطفئت الضوء

ودخلت في الليل

فانفتحت عيون

تتلصص علي

عيون كادت من شوقها

تغسل المطر الآسن

أطفئت الضوء

واشتعلت مصابيح العتمة

غنت

أني أحبك

بعدد نجوم السماء

كلما أقول للنجوم

أني أحبك

تصلي لنا

………..

وحدي ومستعجلة

أريد الحب على مهل

جرعة بعد أخرى

يدا تمسك بيد

وتمشي على الرصيف

قرب الغابة

وحدي ومستعجلة

أريد من العالم

أن ببطء قليلا

وهو يسير نحو الحرب

وحدي ومستعجلة

أريد من الحرب

أن تنتهي

عند تلك الشمس

في باب الشرق

عند تلك الحياة

وحدي ومستعجلة

أريد لهذا الصغير

أن ينام مع حلمه

ويصحى في الصباح

ذاهب إلى مدرسته القريبة

وحدي ومستعجلة

أريدك كأجمل كون

يملأني بالألوان

لون بعد لون بعد لون

ثم حياة

وحدي ومستعجلة

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب