7 أبريل، 2024 3:33 ص
Search
Close this search box.

عزيز أباظة.. من رواد الشعر العربي وأبدع في المسرحيات الشعرية

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: إعداد- سماح عادل

عزيز أباظة شاعر مصري كبير، كان تلميذا ل”أحمد شوقي”

حياته..

ولد “عزيز أباظة” بالربعماية مركز منيا القمح مديرية/ محافظة الشرقية عام 1898 ، تلقى تعليمه الابتدائي بالمدرسة الناصرية الابتدائية، وفي المرحلة الثانوية بالمدرسة التوفيقية بشبرا والمدرسة السعيدية، التحق بمدرسة الحقوق وحصل على الليسانس عام 1923 في الخامسة والعشرين من عمره، تمرن على المحاماة في مكتب “وهيب دوس بك” المحامي لمدة عامين ، ثم عمل مساعدا للنيابة فوكيلا للنيابة في مديرية الغربية.

ينحدر من الأسرة الأباظية المصرية المعروفة والشائع عنها أنها ذات أصول شركسية، وهنالك رأي آخر حيث ينسبها البعض لقبيلة العايد، من غطفان اليمن من قبيلة جذام القحطانية اليمانية الكريمة، كبرى قبائل دلتا مصر. وقد اكتسبت عائلة أباظة هذا اللقب من جنسية أمهم زوجة الشيخ العايد التي كانت من إقليم أباظيا (أبخازيا).

كان عضوا بمجلس النواب، عمل بوزارة الداخلية، ووكيلا لمديرية البحيرة عام 1935. وعين مديرا للقليوبية عام 1938 ثم مديرا للفيوم ومديرا للبحيرة، ومحافظا لبورسعيد وحاكما عسكريا عام 1942، ومنها مديرا لأسيوط لمدة ثلاث سنوات ونال رتبة “الباشوية” أثناء خدمته في أسيوط، واختير عضوا لمجلس الشيوخ عام 1947.

واستقر في القاهرة واختير عضوا في مجلس إدارات شركات مختلفة، وفاز بالجائزة التقديرية في الأدب “الشعر” عام 1965.

يقال عنه أنه كان مهيب الطلعة فارع الطول أنيق الملبس وعلى وجهه جمال وجلال، يذهب إلى مكتبه مبكرا في الصباح يباشر أعماله دون تفرقة بين الوافدين عليه، وبعد العصر يذهب إلى نادي البلدية يجلس بين رواده ولا بأس من الاستماع إلى أحوال البلد من الفئة التي تتردد على النادي. وفي التاسعة مساء يعود إلى بيته.

الشعر..

كتب الشعر وهو في سن العاشرة، وطوال عمله كان يكتب الشعر، أثر عليه موت زوجته  فكتب فيها قصائد “الأنات الحائرة”  وهي من الرثاء الحار البليغ .. وكان رحيل زوجته وإبنة عمه  في 29 يونيو عام 1942.

وقد وضع تقرير حصوله على جائزة الدولة التقديرية عام 1965 هذا الديوان في طليعة أعماله: إلى جانب ما أنتجه من الشعر الغنائي الرفيع وفي طليعته “أنات حائرة” الذي يضم نخبة من القصائد الرائعة التي أوحت بها مناسبة فاجعة، وكان لصدوره في نفوس القراء وعند الشعراء والنقاد صدى بعيد”. حتى عندما كان مديرا لبورسعيد والحرب العالمية في عنفوانها وقنابل المحور تتساقط على المدينة من كل جانب كان يخلو لنفسه مع الشعر.

وتذكر إبنته “عفاف عزيز أباظة” زوجة الكاتب الكبير “ثروت أباظة” أن الشعر كان أول ما سمعوا في البيت: “كنت أرى أبي جالسا بين أخواله وأعماه يقرأ عليهم بصوته الحنون مختاراته من الشعر القديم، وكان أبي يردد شعر شوقي ويطلب منا أن نردده وأن نحفظه، فقد كان شديد الإعجاب بشوقي، شديد التعصب له كان حبه لشوقي جمعه بصديقه “وهيب دوس المحامي”. كان يعلم ذويه السلوك الإنساني ومراعاة مشاعر الآخرين.

اتسم أسلوبه بالجزالة والقوة والفخامة، خلف “عزيز أباظة” خمس مجموعات شعرية، أولاها ديوانه «أنات حائرة» الذي نشره في حياته، ويضم قصائده وبكائياته في زوجته الأولى التي هيأت له حياة سعيدة وعلاقة حب من طراز نادر، أما المجموعات الأربع الأخرى فقد جمعها ونشرها صديقه الفنان أنور أحمد بعد رحيله بعام واحد وهي: «من الشرق والغرب، وتسابيح قلب، وفي موكب الحياة، وفي موكب الخالدين»، بالإضافة إلى مجموعة أخيرة أبدعها في أخريات أيامه وعنوانها: «إشراقات من السيرة العطرة».

وألف تسع مسـرحيات شـعرية هي:

  • قيس ولبنى – نشر عام 1943.
  • العباسة – نشر عام 1947.
  • الناصر- نشر عام 1949.
  • شجرة الدر – نشر عام 1950.
  • غروب الأندلس – نشر عام 1952.
  • شهريار – نشر عام 1955.
  • أوراق الخريف – نشر عام 1957.
  • قيصر – نشر عام 1963.
  • زهرة – نشر عام 1968.

مصطفى النحاس..

يوم وفاة “مصطفى النحاس” في 23 أغسطس عام 1965 كان “عزيز أباظة” المدير الأسبق لعدة أقاليم . القليوبية والمنيا وبورسعيد وأسيوط والشاعر الكبير المرشح لإمارة الشعر بعد أحمد شوقي، كان في الإسكندرية ولم يكن في وسعه أن يلحق بجنازة “النحاس باشا” في القاهرة إلا إذا ركب “قطار الصحافة” الذي يقوم في الرابعة وليس به سوى ركاب الدرجة الثالثة، ولحق بالقطار وركب الدرجة الثالثة، وتعرف عليه بعض الركاب وأحاطوا به للتحية وللاستفسار عن ظروف ركوبه معهم في الدرجة الثالثة، وعندما أعلمهم أنه يريد اللحاق بجنازة “مصطفى النحاس” أبدى بعضهم تعجبهم وإعجابهم لأنه لم يسر وراء “النحاس باشا” في حياته، وحرص على أن يمشي وراءه في جنازته يوم رحيله! وقال الرجل في هدوء: إنه “مصطفى النحاس”.

قالوا عنه..

قال عنه الأديب “طاهر الطناحي” في روضة “حديث الأدباء”: “ذلك هو عزيز أباظة، بلبل من بلابل الأشعار، وكناري من نوابغ الكناري وتحري اللسان، مبعد الغناء والألحان، تتبارى في شعره الأنغام والأناشيد، فلست تعرف أيها النشيد، وأيها القصيد؟.. وهل تغريده بكاء أن بكاؤه تغريد؟ هو ساجع صداح، يؤثر الليل كما يؤثره هذا الطائر الجميل، فلا تسمعه بين الناس داعيا لنفسه بغنائه وموسيقاه، بل يدع الناس يستمعون إليه ويتزاحمون عليه، ويرتدون الليل ساهرين، يمتعون أنفسهم وأرواحهم بما يبدع من شعر رائع وفن رفيع. قال الشعر منذ العاشرة من عمره، وفي كهولته تبوأ مكانه في الطبقة الأولى من شعراء العربية يقول الشعر ويتغنى به بعيدا عن الأنظار، وانبعثت ملكته الشاعرة بأناته الحائرة فدوت بين القلوب والأسماع، وعرفت ما طبع منها في جميع البقاع.

وقال عنه “العقاد” في تقديمه له في حفل الاستقبال الذي أقامه مجمع اللغة العربية عام 1959: “اهتم بالقدرة ولم يهتم بالتقدير، فلم يعرف الراصدون هذا الكوكب إلا وهو في برجه الأسمى قد جاوز جانبي الأفق وصعد في سمت السماء”.

قال عنه “د. محمد مهدي علام”: “محمد عزيز أباظة مدرسة الشعر العربي الأصيل. حافظ على عمود الشعر ليس بمقالاته ومحاضراته فحسب بكل بأعماله الفنية سواء في الشعر الغنائي أو الشعر المسرحي، وكانت له دراسة واسعة باللغة العربية.

وكتب “فتوح نشاطي” في كتابه “خمسون عاما في خدمة المسرح”: “أراد الجمهور أن يرى “عزيز أباظة” ليحييه وهو رجل متواضع حيي خجول فاعتذر عن عدم الظهور على المسرح، ولكن “شكري راغب” مدير مسرح الأوبرا أقنعه بأن يذهب بعد الفصل الثالث مباشرة إلى المسرح ليهنئ الممثلين، وهنا استجاب عزيز أباظة لتهنئة الممثلين، ولم يكد يصل إلى منتصف المسرح حتى ارتفعت الستار وصفق له الجمهور طويلا. وفي الكتاب نفسه قال “فتوح نشاطي”: “لأول مرة في تاريخ المسرح الشعري تضرب “قيس ولبنى” كل الأرقام القياسية في النجاح الأدبي والمادي. ولا بأس قبل الختام أن نمس مسرحياته الشعرية: قيس ولبنى والناصر، وغروب الأندلس، وأوراق الخريف، وقيصر، والعباسة، وشجرة الدر، وشهريار، وقافلة النور”.

همسات حائرة..

اختار محمد عبد الوهاب قصيدته «همسة حائرة» ليتغنى بها، الأمر الذي جعلها واحدة من كلاسيكيات الغناء الحديث. والطريف أن القصيدة في الأصل جاءت على لسان قيس بن ذريح في مسرحية عزيز أباظة «قيس ولبنى»، لكنها أصبحت في الغناء قصيدة تتكلم عن شط النيل وهمسات الماء ولقاء الحبيبين على الضفاف، يقول عزيز أباظة:

يا منية النفس ما نفسي بناجيةٍ

وقد عصفْتِ بها نأْيًا وهجرانا

أضنيْتِ أسوان ما ترقى مدامعه

وهجْتِ فوق حشايا السهد حيرانا

يبيت يودع سمع الليل عاطفة

ضاق النهار بها ستْرًا وكتمانا

هل تذكرين بشط النيل مجلسنا

نشكو هوانا فنفنى في شكاوانا

تنساب في همسات الماء أنّتُنا

وتستثير شجون النهر نجوانا

وحولنا الليل، يطوي في غلائله

وتحت أعطافه نشوى ونشوانا

لم يشهد الرافد الفضيُّ قبلهما

إلفيْن ذابا تباريحاً وأشجانا

نكاد من بهجة اللقيا ونشوتها

نرى الدُّنا أيْكةً، والدهر بستانا

ونحسبُ الكون عُشَّ اثنين يجمعنا

والماء صهباءَ، والأنسام ألحانا

لم نعتنق والهوى يغري جوانحَنا

وكم تعانق روحانا وقلبانا

نُغضي حياءً، ونُغضي عفّةً وتُقىً،

إن الحياء سياجُ الحبِّ مذ كانا

ثم انثنيْنا، ومازال الغليل لظًى

والوجدُ محتدمًا، والشوقُ ظمآنا

وفاته..

توفي “عزيز أباظة” في 10 يوليو 1973.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب