خاص: قراءة- سماح عادل

رواية “إنسانزم” للكاتب العراقي “سعد سعيد” رواية تتناول أفكار هامة حول وحشية الإنسان والتي فاقت وحشية الحيوانات، كما أنها رصدت يوميات الحرب في العراق وقت الحرب مع إيران في الثمانينات، من خلال بطل مجهول الاسم والهوية ولم تكشف الرواية عنه.

الشخصيات..

الدكتور علي: البطل وهو جراح في المخ والأعصاب، يتصادف ذهابه لحديقة الحيوانات فيجد قردا غريبا يبدي تعبيرات إنسانية، ومع مرور الوقت يستطيع تعليمه لغة الإشارة، ثم يسعى إلى عمل تجربة علمية تقوم على تحويل هذا القرد إلى إنسان بمساعدة دكتور ورجل أعمال أمريكيان  لتمويل المشروع، وبالفعل يقوم على ذلك ويتطور القرد نتيجة زرع شرائح الكترونية داخل عقله، ثم يتم محو ذاكرة القرد بعد أن يتم خطفه وتسفيره إلى أمريكا بسبب وشاية من أعداء رجل الأعمال.

تيمو: هو القرد الذي أجريت عليه التجارب وأصبح قادرا على محاورة “دكتور علي” وعرض أفكاره حول الإنسان وغرائبيته.

رويدا: زوجة “دكتور علي” وقد كانت رافضة لهذه التجربة التي تأخذ وقت زوجها كثيرا وفي النهاية قررت تركه والذهاب إلى أهلها.

رؤى: فتاة جلبها “دكتور علي” لتعليم “تيمو” القراءة والكتابة ثم علمته أشياء أخرى ووقع في غرامها “تيمو”، كما أحبت هي “دكتور علي” لكنها لم تحب أن تدخل معه في علاقة وهو متزوج.

البطل المجهول: جندي يعيش الحرب ويحكي عنها تقريبا بشكل يومي، يحكي أشياء كثيرة عن رفاق ماتوا ميتات وحشية، وعن مفارقات تحدث من الضباط والرتب الأعلى في الجيش والذين يتسمون بالغباء.

الراوي..

الراوي عليم، يحكي عن “الدكتور علي” بالأساس ويحكي التجربة، وهناك راو آخر هو البطل المجهول الذي يحكي عن الحرب من خلال تجربته ومعايشته لها.

السرد..

السرد يعتمد على حكاية خارجة عن المألوف ليبث من خلالها أفكار حول الإنسان ووحشيته وتخبطه وتناقضاته من خلال عيون حيوان أصبح يفكر ويستخدم عقله مثل الإنسان، لكنه لا يفهم عالم الإنسان. وفي موازاة هذا الحكي هناك حكي آخر عن الحرب ووحشيتها وقسوتها، الرواية تقع في حوالي 277 صفحة من القطع المتوسط، لكن يعاب على الرواية أنها لم تكشف عن سر هذا الجندي المجهول الذي يحكي حكايته القرد في صورة كتابة على اللاب توب”  دون أن يعرف من وراء هذه الكتابة، وقد أشار الراوي من بعيد إلى احتمال وجود تناسخ في الأرواح لكنه لم يؤكد سببا واضحا لهذه الكتابة.

وحشية الإنسان ومراوغاته في عيون الحيوان..

أهم ما تعرضه الرواية بعض الأفكار الخاصة التي تنسب للقرد بخصوص الإنسان وتناقضاته، فهو كائن وحشي يقتل دون سبب منطقي، ويستخدم المجازات والاستعارات في كلامه، ويقوم بتقديس الشكليات والمظاهر في مقابل الاهتمام بالأمور الحقيقية، هو كائن مراوغ يفعل أشياء سرية لا يعلن عنها، في حين أنه يضع قواعد اجتماعية وقوانين يخالفها، فمثلا المعروف أن الجنس خارج إطار الزواج مرفوض لكن في الأغلب يقوم البشر بممارسة الجنس خارج إطار الزواج بشكل سري.

كما تطرق القرد إلى مناقشة مسألة الإله والإيمان المطلق الذي يتسم به معظم البشر دون حتى أن يتصفوا بقدرات عقلية مناسبة، وتطرق لمسائل كثيرة يراها الحيوان متناقضة وغير منطقية يقوم بها الإنسان.

وهناك أهمية أخرى تتصف بها الرواية وهي أنها ترصد أجواء الحرب بين العراق وإيران من خلال عيون أحد الجنود التي عاشها بشكل يومي، وعاني كل وحشية وقسوة الحرب، وعاني الخوف المضاعف من الموت ليس فقط من القنابل والألغام وأسلحة العدو أو هجومه، ولكن أيضا الخوف من الموت بسم الحيات والموت من الظروف المعيشية الصعبة الذي يعيشها الجندي في تلك الحرب، كما يحكي حكايات كثيرة عن موت رفاقه بطرق وحشية ومحزنة.

الرواية مميزة تحكي بلغة لسلة ومليئة بأفكار هامة.

الكاتب..

سعد سعيد، كاتب عراقي، ولد في مدينة خانقين التابعة إلى محافظة ديالى شمال شرقي بغداد، وأكمل دراسته الابتدائية فيها. انتقل عام 1971 إلى بغداد العاصمة حيث أنهى دراسته المتوسطة والإعدادية فيها. درس في كلية الإدارة والاقتصاد في الجامعة المستنصرية التي تخرج فيها عام 1978 ليبدأ خدمته العسكرية الإلزامية التي تسرح منها في عام 1980 ولكن قيام الحرب العراقية الإيرانية أرغمه على العودة إلى الجيش لأداء خدمة الاحتياط التي استمرت حتى بدايات عام 1989، حين تسرح وبدأ بالانخراط في العمل الحر. كان حلم الكتابة يراودنه منذ طفولته التي قضاها قارئا مفضلا إياها على ألعاب الطفولة في الأزقة، وفي عام 2000 توفرت الظروف التي جعلته يعود إلى حلمه القديم فكتب روايته الأولى “الدومينو”. اندفع بعدها في ممارسات كتابية شملت تأليف حلقات إذاعية، وقصص أطفال وسيناريوهات أفلام تسجيلية.

رواياته:

“الدومينو”، 2007.

“قال الأفعوان”، 2009.

“يا حادي العيس”، 2010.

“فيرجوالية”، 2012.

“ثلاث عشرة ليلة وليلة”، 2013.

“هسيس اليمام”، 2015.

“انسانزم” 2017.

النتاجات الأخرى:

“كواليس القيامة” (مجموعة قصصية)، 2008.