عندما انطلقت المظاهرات الحاشدة في شوارع بغداد والمحافظات العراقية المطالبة بالاصلاح والقضاء على الفساد ظن المواطن العراقي ان هذه الموجة الثورية التي اجتاحت الشوارع والمدن ستضغط على حكومة العبادي لكي تظهر انيابها وعضلاتها لكي تقوم بعملية اصلاح منظمة تشمل كافة مؤسسات الدولة العراقية وبالتالي القضاء على الفساد فيها …..
لكن ليس كل ما يحلم به المرء يتحقق فأحيانا الاحلام تبقى احلام ولا يمكن ان تتحقق في ظل انعدام الارادة والقوة والتحدي فمنذ اندلاع هذه الموجة القصيرة من المظاهرات ظهر العبادي على شاشات التلفزة بأعتباره الرجل الاول الذي يقف على هرم السلطة في العراق وادلى بتصريحات لا حصر لها منها ما يقف في خانة الوعود ومنها من يقف في خانة الواجب التنفيذ وبين هنا وهناك لم تكن تخلو هذه الامور من الشعارات والصرخات الثورية المنادية بحقوق الشعب والمناهضة للفساد والفاسدين الذين يسكنون اروقة الدوائر والمؤسسات والمرافق الحكومية .
ظن المواطن العراقي ان العبادي هو منقذهم وربما المخلص الذي جاء لكي يضع لكل الاخطاء والمشاكل والازمات خطوط حمر لكن مع مرور الايام اتضح للرأي العام العراقي ان هذه الخطوات التي قام بها رئيس وزراء العراق ما هي الا حبر على ورق او مجرد صرخات زائفة تتعالى في سبيل تهدئة الشارع العراقي .
فالعبادي لم يقم بأي خطوة في سبيل النهوض بعملية الاصلاح ودحر الفساد بل اقحم نفسه في العديد من الازمات التي لن تنتهي حتى وان اعلن افلاس العراق من كل النواحي والجوانب وقام بأنشاء دولة اخرى اسمها العراق لأنها اصبحت كمزرعة دواجن ومواشي ما ان تم القضاء على فايروس ما تظهر هنالك عشرات الانواع الاخرى من الفايروسات التي تقوم بعملية تطهير نوعية من شأنها توسيع قائمة الضحايا .
فالعبادي مثله مثل سابقه المالكي فكلاهما انتهجا مبدأ الشعارات والصرخات الثورية الفارغة من الخطوات العملية والتي لا تمت بشيء الى الواقع المتعفن الذي يعيشوه العراقيون .
العراقيون الذين عانوا المأسي والالام في عهد صدام وعانوه في عهد ما بعد صدام .
نعم تختلف المعاناة والالم من عصر لاخر وتختلف اساليبها ودروبها لكن تبقى هي ذات المعاني التي تسكنها فالمعاناة والالم لا مرادف لهما ففي كل وقت وزمان تراهما واقفين بثوبيهما تارة بلون الدم تارة بلون الفقر تارة اخرى بلون الظلم .
لذا فأن اصلاحات العبادي ما هي الا حقنة فاليوم مهدئة جاءت في وقتها المناسب لكي تنشر بعض الهدوء والسكون في ادمغة وعقول العراقيين الذين اجتاحوا الشوارع ببكائهم بغضبهم بنيرانهم بمطالبهم لذا استطاع العبادي من خلال ما فعل زعزعة كيان وسيادة هذه المظاهرات الحاشدة بعدة خطب وتصريحات وقرارات يمكن وضعها في خانة الضحك على ذقون الناس .
فالعبادي انتهج ذات السيادة العنصرية التي انتهجها المالكي تجاه الشعب الكوردي من خلال محاربتها اقتصاديا حيث تم قطع حصة اقليم كوردستان من الموازنة العامة وما زال لحد يومنا هذا يمارس ذات الاسلوب البغيض تجاه هذا الشعب المناضل الذي كان من ضحايا نظام صدام في سنين عديدة وها هو اليوم ينتهج سياسة اخرى اكثر فظاعة والما ومعاناة ضد الشعب العراقي من خلال بعض الاصلاحات الوهمية والزائفة التي ستحفر المزيد من الفقر والظلم والبؤس في صدور العراقيين …..