22 نوفمبر، 2024 3:39 م
Search
Close this search box.

هل  العبادي ينتصر ام جوقة المالكي !!

هل  العبادي ينتصر ام جوقة المالكي !!

عدم اصالة الفكر التنويري والليبرالي في منظومة الثورات العربية جعلها تتبنى استراتيجية حرق المراحل لتعوض الحلقات المفقودة التي تُعشِق الفكر التنويري مع تنوع المجتمع العربي في قابلياته وطاقته المتجددة. أثبتت الايام ان تجربة الفكر المستورد الذي يحمل ملامح ومضامين فكريه غير عربيه لا يدعم حصول نفس النتائج في المنطقة العربية. هذا الانكشاف و المتكرر لمعظم الثورات العربية جعلها تلجأ لأسلوب الحرق  والانقلاب حتى على  ألمبادي الثورية او الفتك  برموزها.
الانكسار المتتابع للتجارب الاولى للتغير ف بداية القرن العشرين، دفع بقوة دخول الطبقات المتخلفة من القرية او المدينة ( الشقاوات ) في الخط الاول للكثير من  حركات التغيير التي  تقوم بها النخب الثورية , نتيجة لعجز العقل الثوري العربي على تكييف ثوراته بشكل سلمي او ابتكار استراتيجيات السلام في حالة الحوار بقفازات الحرير.
أن أللجوء الى الانقلاب والعنف المفرط كان السبب الاول في انهيار جميع الثورات في المنطقة العربيه لحد الان .قد تنجح الثورات لفترة ما ولكن سرعان ما يستقوي المتربصون بعقد التاريخ او التدخل الأجنبي حتى تنهار او تتحول الى ثيوقراطيا ذاتيه كجمهورية القذافي وصدام حسين, ولحد الان لم يحصل ان قامت ثوره اجتماعيه في اي بلد عربي  تمهد لانقلاب سياسي في المجتمع, لان تكرار الثورة ولنفس الجيل يكاد يكون مستحيلا” فلا تتراكم اي خبره استراتيجيه في فن ادارة المجتمعات بعقل ثوري, بالإضافة الى خلو الساحة العربية من أي تيار جارف قريب لهموم المجتمع غير التيار القومي واليساري وكلاهما فشل في قياداته قبل تبلور اطاره العام.
التحليل الواقعي لهذه الظاهرة في رأيي هو اندماج القيم الثورية المعلنه بعقلية التطرف والعنف البدوي القائم على الالغاء والاقصاء للأخر ,وعدم الخضوع للمقاييس الإنسانية في الممارسة, وأغلبنا يذكر كيف كان صدام يقول انه يقتل 10 الاف بدون ان يرف له جفن ان عارضوا مباديء ثورته, وكانه أقصاء مطلق للسلم الاجتماعي ونفي لاي حلقة التقاء بين الخصوم, الاّ في ادبيات الوعي التسويقي المزيف . ولذلك تظهر مخرجات هذا التمازج على شكل افعال شنيعة بفعل استعانتها بطبقات اجتماعيه لا ترتقي لمستوى الفعل الإنساني الواعي في تحريك الجماعات البشرية, فقراءه بسيطة لفكر البعث في العراق وسوريا وعبد الناصر سترى حالة تَعشق غريبه بين الشقاوات (الشبيحه )( الحرس القومي ) و الجهلة وحثالات المدن من جهه وبين النظم الثوريه وطبيعة تطبيقها لمنظومتها القيمية في ادارة الازمات.
ان افتقار التنظيمات الإسلامية والعلمانية الى الية صنع القرار وغياب الحريات في الهيكل العام للتنظيم مرده سببين وهما اس كل معاناتنا، السبب الاول التمسك الظاهري بالنص مهما كان, وهو مرض مزمن ولا أعتقد ان له حلولا” في القريب العاجل لأنه يقترن بمسائل روحيه عباديه مبهمة في بعض مفاصلها , والسبب الثاني هو البقاء في دائرة الوعي القبلي الذي استطاع ان يهزم الأرستقراطية العثمانية وجميع ألوان الحركات المستوردة التي جاءت بعد نابليون بونابرت في الوطن العربي. بالإضافة الى الطبيعة السرية للتنظيمات في نظامها الداخلي، مما جعلها مختنقة بالفساد السياسي والفكري ورداءة الأداء، والنفاق المزمن في العلاقه بين الأداء والمضمون الثوري.
فشل الاحزاب الدينية في العراق في تكوين دوله مستقرة يجسد دورة حياة البداوة في عقل المتصديين للمسؤولية، وعدم قدرتهم على مجاراة المتغيرات، فالانتعاش الحضاري البسيط في المدن العراقية لم يفلح في رتق الفجوات البشعة في الفكر الاداري منذ 1968 ,لان القيادات السياسية كانت ولازالت تعيش في عزله تامه عن المجتمع.
حيدر العبادي والمالكي كلاهما من بيئة مختلفة، فطبيعة المالكي الصدامية مع الخصوم لم تفلح في انعاش بلد غني كالعراق ميزانياته عبرت ارقام فلكيه، رغم انه بقي ولمدة 8 سنوات يدور في حلقات جنونيه بين مرتزقه محترفين دوليا” وصائدي فرص، حيث غلفته العقلية الأسطورية لحوارييه بهالات تاريخيه كمختار العصر ومهدي القرن 21  وغيرها, ولكنه في الحقيقة لم يفك طلاسم الواقع العراقي و لم يستطيع الاتصال بالضمير العام للناس وهو ابن الريف الذي يحمل كل فانتازيا النفاق وعدم الجدارة وكره مزمن للحرف والعمل المنظم. حيث انه وريث عائله علميه كبيره ولكنها كانت ترتزق على عطايا شيوخ العشائر، وأشعر انه في خطاباته كأنه شيخ عشيرة برباط عنق. اما حيدر العبادي المترف بنعومة الحياة ورقة المدن وحضارة الغرب المنتصرة على الأيديولوجيات اللاهوتية، والذي تخرج من جامعه بريطانية وعمل في مؤسسه بريطانية مهمه، فقد تخلى عن بعض جلابيب التاريخ  وحاول ان يضرب الاطراف الممسكه للواقع السياسي  ببعضها ,الان هو في اختبار ليس لجدارته الشخصيه كسياسي فقط. بل انه اختبار لفرضية ان ابن المدينة اكثر دهاء في الإدارة واكثر نبضا” بالحياة وربما اكثر جدارة في حمل المسؤولية.
العبادي الان وضعته الاحداث في قلب التاريخ ,فأصبحت جرة قلمه قد تعيد الحياة لشعب العراق او تجعله يذهب الى الهاوية، فما  حصل عليه من تأييد لم يحصل عليه رجل في العراق، الأشياء جميعها الان في عاتقه فأما ان يكون عراقيا” ويبطش كما السومريين والبابليين مع اعداهم واما ان يكون خوارا” جبانا” يجعلنا نتفرس مرة” اخرى في السماء نبحث عن مخلص لم يُكتب اسمه في الكتب, فابن الريف منافق تعود الكذب وله من يطعن باسمه, وابن المدينه حساس نبيل , ترى هل ينتصر الريف بخشونته ام المدينة بدهاءها وحنكتها في العراق؟؟!!
[email protected]

أحدث المقالات