23 ديسمبر، 2024 8:17 م

قتل المصلين و عطش السياسيين!!

قتل المصلين و عطش السياسيين!!

ليس هناك من وصفٍ يليق بمجزرة جامع مصعب بن عمير غير الخيانة العظمى للقيادات السياسية و الأمنية بوصفها تجاوزا لحدود الله و شرعنة لا اخلاقية للجريمة و استباحة حرمات المواطنين حتى داخل بيوت الله، في حادثة اضافية تهدف الى نسف الأخوة العراقية بعبوات طامعين سياسيين لم يتعلموا التسامح و لم يخرجوا من متاهة البحث عن الرمزية بين ركام الجثث و بحور الدماء.

لا يجوز تحميل هذه الجهة أو تلك مسؤولية ارتكاب جريمة قتل المصلين في ديالى فالعدل و الانصاف يقضي بملاحقة القائد العام للقوات المسلحة بشكل عاجل بوصفه صاحب القرار الأمني الوحيد في البلاد و بالتالي هو المسؤول عن الخلل خاصة مع استفحال نفوذ المليشيات و الخارجين عن القانون في السنتين الأخيرتين، بحيث أصبحت في بعض الأحوال بديلا عن الأجهزة الأمنية ، حيث تقود عمليات دهم و ملاحقة و قبض بهويات و أسلحة الدولة، حسبما يؤكد شركاء مقربون في العملية السياسية و من داخل التحالف الوطني.

و نحن هنا لا ندخل من باب التجني على أحد بقدر البحث عن حلول ولو متأخرة لعناوين الفشل الأمني في البلاد فالمسؤول يُعاقب ليعتبر غيره و البريء يستحق من الجميع الاعتذار له وفق ما يراه هو مناسبا، بالمقابل لا يوجد من منطق مقبول يبرر قتل المواطنين بمقصلة الخلافات السياسية، التي لن يستوعبها أضعاف عدد العراقيين ، بسبب طبيعة التركيبة الشخصية و الحزبية و العقائدية لاصحابها، ما يجعل من دور المؤسسة الأمنية نقطة الأرتكاز المتقدمة في صيانة حقوق المواطن و الدفاع عنها و الا ما جدوى هذه التشكيلات و تكرار القسم بشرف الولاء للعراق و شعبه!!

سيقول بعضهم ان المسؤولية تقع على عاتق صاحب القرار، وهو راي لا تنقصه الواقعية، و سيقول أخر هذه محنة الدول النامية، ولنا في هذا راي مختلف، فلم نسمع أو نقرأ في تاريخ العراق هذا الغلو في المواقف و تشظي رغبة القتل و الجريمة واستباحة الحرمات ، بينما معروف عن العراقيين تميزهم بالتسامح و الآلفة ونرجسية عالية في حب الحياة و طيبة لا تعرف الحدود، و ما يجري غريب عن المزاج العام العراقي، لذلك ربما نجد تفسيرا لابعاد ” عراقيي الداخل” عن المناصب الحساسة جدا في التخصص الأمني.

لا نشك بوطنية أو ولاء اي شخص لكننا نقف مصدومين من هول ما يجري، ذبح و سلب و نهب و تصريحات يندى لها جبين المواطنة العراقية، مقابل استماتة السياسيين على المناصب و اظهار حسن نواياهم الانسانية لكل ما يخص مآسي العالم، فقد عبر الكثير منهم عن استياء شديد لمقتل الصحفي الأمريكي جيمس فولي، بينما يصمون آذانهم و يغلقون عيونهم عن مسلسل القتل اليومي الذي يطحن العراقيين ليل نهار، وكأن بعضهم يحلم بسيادة على “مقبرة الجياع” ، لذلك لا نستبعد طي صفحة مجزرة جامع مصعب بن عمير عبر تطييب خواطر أمام عيون الثكلى و اليتامى و فاقدي فلذات القلوب من الأباء و الأمهات، الذين لم يعينهم الحال على عيش ابنائهم خارج حدود العراق كما يفعل السياسيون !! علما ان الأبوة واحدة و الحنان متشابه لكن نصيب الدنيا مختلف!!

نريد تفسيرا من مسؤول عاقل عن سر الصمت على الجريمة طيلة السنوات الماضية، وباي منطق دستوري او قانوني تستخدم امكانيات الدولة لقتل المواطنين في وضح النهار؟ وكيق سيثق

المواطن بأمن البدلة العسكرية عندما يرتديها البعض لنحر أشقائه علنا، وكيف ننتظر الأمل من خلف نظارات سوداء في منتصف الليل !! و لماذا الاصرار على ذبح الأخوة العراقية و تحويل البلاد الى مناطق منكوبة و أطلال مهجورة و كيانات خارج السيطرة!! اذا كان الفشل في تركيبة القرار هو المسؤول، فيجب محاكمة الجميع بالخيانة العظمى، لأنهم يعرفون الجاني وسكتوا على الجريمة حفاظا على أرواحهم و مناصبهم وحولوا الشعب الى وقود في حرب سياسية باسماءٍ طائفية لا يؤمنون بها، وهي فقرة اضافية في خيانة شرف المسؤولية!! اللهم ألطف بالعراقيين فليس لهم من معيل سواك!!