تسارعت الاحداث مع تسارع اللحظات وانقضى العد التنازلي للمهل والتوقيتات الدستورية لحسم معضلة رئاسة الوزراء والمتسنم لها حتى وصلنا الى اللحظة الحاسمة التي ارتقبها الجميع ، ومع كل ذلك الشد واحتباس النفس السياسي في العراق خرج علينا رئيس الوزراء المنتهية ولايته ومنتهي الصلاحية بخطاب موتور يعكس حالة الارتباك والاحباط والعزلة السياسية التي وصل اليها في ظل رفض اغلب الكتل السياسية لوجوده في المشهد العراقي ..
وبدل ان تكون رؤيته للحالة نابعة من استشعاره خطورة المرحلة التي يمر بها البلد راح يزيد الطين بلة في توزيع التهم يمنة ويسرة بدءا من رئاسة الجمهورية التي فتح نار تصريحاته تجاهها واتهامه رئيس الجمهورية فؤاد معصوم بخرق الدستور والتوعد بتقديم شكوى ضده لدى المحكمة الاتحادية المعروف أنها مطواعة لمرادات المالكي وانتهاءً بالخصوم السياسيين الذين نعتهم بدواعش السياسة وهي صفة دأب المالكي على اطلاقها ضد كل من يخالفه ..
هذه العقلية ذاتها التي ادخلت العراق الى نفق مظلم من التخبط والعشوائية وعدم الاتزان في معالجة أي أزمة ..
المالكي وعلى طول الخط عمل جاهدا على تجيير المؤسسات الامنية لصالحه وهذا تماما ما عوّل عليه في حالة افلاسه من الولاية الثالثة وهو ما شهدته بغداد قبل واثناء وبعد خطابه الاخير حيث انتشار التشكيلات الامنية والقوات الخاصة وإحاطة المواقع الحساسة في المنطقة الخضراء وهو ما أشار اليه بعض السياسيين بأنه إعلان لحالة الطوارئ في البلاد وهي ترجمة عملية لخطابه السابق حين قال إن أبواب جهنم ستفتح على العراق !!
الكرة الان في ملعب التحالف الوطني الذي عجز في تقديم مرشح بديل عن المالكي ولم يزل متأرجحا في ذلك فهو ما انفك عن رفضه تجديد ولاية المالكي وفي نفس الوقت لم يطرح بديلا عنه وهذا إن دل على شيء فإنه يدل شعلى عمق الخلاف الداخلي في هذا التحالف ومدى تشظي مكوناته فحتى الزواج الكاثوليكي الذي أعلنه هادي العامري رئيس منظمة بدر يبدو انه لم يكن مسجلا في المحكمة فسرعان ما بدأ يتحول الى طلاق بفعل موقف المرجعية الدينية تجاهه وصلاحيات البابا فيه ، والسلطة البابوية هنا هي ايران التي جاءت رياحها هي الأخرى بغير ما تشتهي سفن المالكي !!
السيناريوهات المطروحة الان هي إما نجاح التحالف بطرح شخصية بديلة عن المالكي أو أن يستمر الأخير بموقفه وهذا يجعلنا أمام مشهد يتمثل بصراع شيعي – شيعي بطريقة عسكرية دموية خاصة مع وجود ميليشيات موالية له .. أما السيناريو الثالث فهو أن تحسم الولايات المتحدة هذا الصراع وهو ما بدا واضحا في بيان الخارجية الاميريكة بأن الاستمرار بهذه المهزلة السياسية لا يمكن ان يستمر أكثر خاصة مع دعمها لموقف الرئيس العراقي فؤاد معصوم ووقوفها بالضد من المالكي ، إضافة الى موقف البيت الابيض من التطورات الامنية في العراق وانها لن تتدخل وتدعم حكومة عراقية غير وطنية وهذا ما يجعل الاطراف السياسية على المحك في خياراتها خاصة وأن وجودها اليوم أصبح مهددا بفعل التمدد الحاصل للمجاميع المسلحة بشمالي وغربي البلاد والذي يمثل الترهل السياسي والتشرذم الحاصل اليوم الفرصة الذهبية لتلك الجماعات لتنفيذ مشروعها .