الشعب العراقي كان مترقباً للجلسة الأولى لمجلس النواب المنتخب، سيما بعد إعلان الحكومة يوم الثلاثاء عطلة رسمية، كي يتسنى للمواطنين متابعة الجلسة. بيد أن الشعب فوجيء بالأحداث التي جرت تحت قبة البرلمان، حيث ألقى السياسيون الكورد والسنة ما في جعبهم من إشارات، الى عقد صفقات خارج قبة البرلمان، على غرار مؤتمر أربيل عام 2010! بالإضافة الى غياب نواب إئتلاف العراقية وبعض من النواب الذين بلغ عددهم (72) نائباً! كما أن كتلة التحالف الوطني، لم تكن الملاك البريء وسط الشياطين!
الأطراف الثلاث الرئيسية: الكورد والسنة والتحالف الوطني؛ جائت الى قاعة البرلمان، ولم تحسم بعد أمرها في إختيار مرشحيها للرئاسات الثلاث، وكانت متوافقة على أن تكون تلك الجلسة، من أجل تأدية اليمين الدستوري فقط.
ليس بالإمكان القاء اللائمة على طرف دون الأطراف الأخرى، فكما يبدو أن تداعيات الوضع الأمني في العراق، وما رافقه من صراعات سياسية، وأتهامات بالتخوين والتآمر لهذا الطرف أو ذاك، القت بظلالها على تلك الجلسة، وأنعكست سلبا عليها.
الطرف الكوردي ربما ينوي طرح ثلاث صفقات رئيسية: المناطق المتنازع عليها، والتي هي اليوم بالكامل بيد الكورد من أطراف محافظة ديالى، مروراً بكركوك، حتى شمال الموصل، وكذلك حصة الإقليم من الميزانية، وقضية تصدير نفط الإقليم.
الجانب السني ومن خلال مؤتمر عقدته قيادات تلك الكتل، طالبوا بقضيتين: التمييز بين إرهابيي داعش، ومسلحي العشائر، المطالبين بحقوقهم المسلوبة من قبل الحكومة المستبدة، على حد تعبيرهم. القضية الأخرى؛ هي تقديم كتلة التحالف الوطني مرشحهم لمنصب رئيس الوزراء، على ألا يكون المالكي ذلك المرشح.
كتلة التحالف الوطني، هي الأخرى كانت سلبية نوعاً ما في طرح آرائها، فبالرغم من حضور نوابها لإستكمال الجلسة بعد الإستراحة، إلا أن ما بدى واضحاً من خلال تصريحات النائب إبراهيم الجعفري؛ حالة عدم إحترام الوقت، وعدم الإكتراث بالوضع الأمني المتدهور للبلد، والحالة النفسية المتوترة للشعب العراقي؛ حيث تحدث عن إمكانية تأجيل الجلسة الى ثلاثة أسابيع أو ربما بعد إنتهاء شهر الصوم! ” أو لعله بعد عيد الأضحى أو مطلع العام القادم” كما أن حضور بعض نواب دولة القانون بالزي العسكري! ربما أعتبره البعض نوع من الإستفزاز، سيما بعد قيام بعض منهم بكيل الشتائم والسباب للنائبة الكوردية، التي طالبت برفع الحصار الاقتصادي الحكومي عن الإقليم!
جميع الكتل البرلمانية بلا إستثناء، قدمت مصالحها الخاصة، وحساباتها السياسية الضيقة؛ على آمال وآلام الشعب العراقي، وما يمر به من ظروف قاسية، وكذلك لم تراعي ولم تقدر حرص المرجعية الدينية، في دعوتها الى فض مسألة إختيار الرئاسات الثلاث، من خلال الجلسة الأولى لمجلس النواب، مراعاة لظروف البلد الحرجة.
لعل بعض المتابعين يتسائل: هل سيكون للمرجعية الدينية كلمة الفصل من خلال خطبة الجمعة القادمة، أم أن توافق جميع الفرقاء السياسيين على تنجيز بعض الصفقات، سيحول دون تمكن المرجعية من حسم الأمور؟!