لم يكن نظام الحكم في دولنا طائفيا أو مذهبيا , وإنما كرسويا بكل ما تعنيه الكلمة.
فمنذ سقوط الملكية وحتى اليوم البلد محكوم بالكرسي بما يرمز إليه ويعبر عنه , ويرفع شعار الظلم أساس الملك.
لو بحثتم في مسيرة الحكم في البلاد لتبينت حقيقة أن كل حزب بكرسيهم فرحون , ولو تساءلتم من جلب الأحزاب للبلاد ستعرفون الحقيقة , ولو فتشتم عن أسماء المسؤولين لإتضح دور الكرسي , فلا يوجد نظام حكم لم يتمسك بالكرسي إلى آخر نفس , وما يحصل الآن لا يخرج عن هذا السياق المدمر للذات والموضوع , بذرائع شتى , وإدعاءات وهمية خداعية باطلة.
أكاذيب ساطعة بلا أدلة ولا براهين , وإنما أقوال وحسب , وإعلاميسوّق الأفكار المعادية للبلاد والعباد ويدس السموم بالعسل.
واقع شديد علينا أن نواجهه بجرأة وصراحة ونضع الأصابع على الجرح , لتتحقق معالجته والتشافي من عاهاته وتداعياته.
الأكاذيب تهيمن , والخطابات معادية للوجود الوطني بأنواعه , وأنظمة الكراسي المتوالية عجزت عن وضع صيغة حكم راسخة ذات قيمة ومنفعة للمصلحة العامة , بل جميعها أمعنت بالعنتريات والبطولات الطوباوية , والشعارات المخادعة المخاطبة للعواطف والمعطلة للعقول , وكل كرسي يدين بمنهج السمع والطاعة , ومَن يخرج عن ذلك يكون مصيره مشؤوم ومروع.
والخطابات المكررة إفتراءات وتسويغات للإتيان بالآثام والخطايا , والتخلي عن مسؤولية الجرائم ومصادرة حقوق الإنسان , في مجتمع إنتحر فيه الأمان , وعم التنابز بالعدوان.
وطن غاب وشعبٌ مبتلى
وغريبٌ للكراسي إعتلى
لا نظامٌ لا صراطٌ واضحٌ
كل حزبٍ كعدوٍّ إنجلى
غاب دستور وقانونٌ هوى
كلهم خابوا وعابوا ما خلى
سابقٌ يُنعى بنعتٍ سافرٍ
لاحقٌ أضحى بحكمٍ أولا