2 فبراير، 2025 6:07 ص

ماذا لو توقف صرف الرواتب؟!

ماذا لو توقف صرف الرواتب؟!

لست على وفاق عاطفي مع مادة الرياضيات والحساب، ولا أدعي المعرفة الكافية المؤهلة لإبداء الرأي المتخصص في هذا المجال الحيوي والمهم، ولكني أملك استشعاراً لما يحيط بنا وأجده محفزاً للتفكير على الأقل فيما هو قادم.

ودون شك لا آتي بجديد حين اقول ان التعويل المطلق على التعيين الوظيفي المفضي لإفراغ خزينة الدولة وملء المؤسسات بألاف العاطلين عن العمل وتفشي البطالة المقنعة كما يحصل اليوم مشابه للركون المطلق الاكبر على النفط مصدراً وحيداً للتمويل في ظل عالمٍ يعيش اضطراباً لا مثيل له وزلازل دون انتهاء، فكلاهما سبيل غير نافع في إدارة الدول بالشكل المطلوب.

ونظرة متفحصة لحالنا الراهن يكشف اننا امام واقع لا يراد له التغيير فلا بد والحالة هذه التعاطي معه كما هو موجود لا مفروض، وذلك وسط معركة التحذير والطمأنة والتخويف والتهدئة الدائرة على قدم وساق منذ أشهر بخصوص رواتب الموظفين والحديث عن عدم تأمينها او العكس، ومستقبل الاقتصاد الوطني في ظل السياسات المالية التي تطبق منذ عقدين واكثر وما زالت دون تغيير جوهري إلا في بعض جوانبها غير الأساسية.

واسأل هنا: ماذا لو صدقت التنبؤات والتوقعات وانخفضت اسعار النفط بشكل حاد دون صعود او استقرار وحال حول الشهر والخزينة المستهلكة تزداد فراغاً وعجزت الدولة عن تأمين رواتب جيوش الموظفين واضطرت للاعتراف بذلك، فاجتمع عجزاً على عجز؟!!

كيف ستعالج الحكومة ذلك، وتحدي المعيشة والفقر هو أشدها وملف الاقتصاد الأكثر التصاقاً بحياة المواطنين وفكرهم؟!

هل تبادر إلى الاعتذار؟ ام تظل تصدر بيانات التهدئة؟ ام تحاول الترقيع عبر تكبيل العراق بتنازلات ترهن مستقبله إلى أمد غير منظور؟ وهل لها من الحيز الزماني ما يمنحها المرونة المطلوبة للتغيير والعلاج؟!

وبالمقابل: ماذا سيكون موقف الشعب؟ هل سيثور أو يكتفي بالبكاء على الاطلال ام يسكن مترقباً النهايات ولاجئاً للدعاء بأن تزال الغمة عن هذه الأمة؟!!

اقرأ للكثير من المتخصصين في الميدان الاقتصادي آراء تستدعي الاهتمام، وناقوس الخطر الذي يدقونه كل حين لا يمكن وصفه بالمطلق انه جزء من مؤامرة، فالكثير من اولئك يبدي موقفه وقراءته مخلصاً ولا يبتغي مكسباً، أو يدور ــ كما يروج البعض ــ في حلقة التسقيط الإعلامي التي ابتلينا بها، ولكن مع ذلك وللأسف الشديد لا نرى اهتماماً لكل تلك الآراء، وهو مؤشر سلبي يتطلب مراجعة وتصحيح.

هل هذه دعوة للتشاؤم؟ لا أنكر ان التفكير الجاد لا يدعو للتفاؤل في مجمل الحال الذي نعيشه، ولعل التشاؤم المفضي إلى الحذر أجدى من التفاؤل الموصل إلى الهاوية والانهيار، وما نراه اليوم يدل على ان الغالبية تغرق في بحر من التفاؤل المفرط وتقف بثقة مطلقة وغريبة على فراغ وارض متصدعة لا توفر الحماية ولا الاطمئنان!!

ماذا لو تشاءمنا قليلاً من اجل تفاؤل قادم وعام؟!