دول الأمة تتصرف ضد ذاتها وموضوعها , ومعظمها تعادي رأسها , وكأنها ثعبان ذات (22) رأس , متقاتلة تريد أن تحيل بدن الأمة إلى هشيم.
عشرون رأس وإثنان والبدن في خواء , ويعز عليه النماء , وأنيابها السامة تنغرز في جسمها , كأنها تقاتل نفسها وتحسب ذلك دفاعا عن رأسها المثمول بالعدوان.
الأهداف عندما تسقط تكون منخورة من داخلها , ومصابة بفساد لبها وجوهرها , ولن تسقط الأهداف الصلدة بسهولة , إنها ستقاوم وفي أكثر الأحيان تنتصر وتقضي على أعدائها.
مما يحار به العقل أن الذي حصل ويحصل لا يتوافق مع البديهيات والمسلمات , ويبدو غريبا وشاذا للناظر إليه من بعيد , فالمجتمعات الأخرى بقياداتها ونخبها ترانا وكأننا معوقين حضاريا , ومشتتين عقليا ومدمرين نفسيا , لا نبصر الواقع ونطارد سرابات وأوهام , ونتعبد في كهوف الغابرات , ونحسب أننا في الحياة.
تلك حقيقة ما يكتنفنا من باعثات الضياع والإبتلاع , والمحفزات للقوى الإقليمية والعالمية للدخول إلى ديارنا والتحصن في أراضينا , بذرائع شتى للحفاظ على مصالحها , وتبرير إفتراسنا وإمتصاص رحيق وجودنا.
أين رأس الأمة؟
هل بترته الأجيال؟
لا يُعرف كيف تتحرك أمة بلا رأس , فأصبجت دون تلبية حاجاتها البايولوجية , وكأنها منومة أو يتواصل حقنها بالمخدرات والمهلوسات , فتراها تعبر عن ذهانية مروعة , وتصورات بهتانية تضليلية بالساميات مبرقعة , والمغفلون يتسابقون للإنتهال من آبار الوعي المؤدينة , والمتدفقة بالرؤى والتصورات المتخاذلة.
فلا يمكن تفسير ما جرى لأمة بثرائها الحضاري والمادي , أن تكون مستضعفة ذليلة تابعة , تتوسل الطامعين بها لحمايتها من نفسها , فدولها أدوات تلعب بها القوى المهيمنة وتسخرها للتصارع مع بعضها , وتشجعها على إستيراد ما يدمر وجودها.
أمة ريعية وكل ما فيها مستورد من المجتمعات الأجنبية , حتى طعامها , فلا تزال معظم دولها غير قادرة على توفير رغيف الخبز دون إستيراد الحنطة من ديار الآخرين , وتعجز دولها عن التكامل الإقتصادي والأمني كما يحصل في دول ذات لغات متعددة , وهي أمة ذات لغة واحدة ويُراد تدمير هويتها بإجتثاث لغتها.
فهل أنها أمة؟
د-صادق السامرائي