أضاع المسلمون دينهم وخصوصا العرب , فتم إعادة تصنيع الدين في مختبرات التداعيات والويلات , وتصديره إليهم بالجملة والمفرد , وما يتحقق في بلاد المسلمين قاطبة , هو التعبير العملي عن الدين المستورد ,الذي يحقق مصالح الآخرين ويدمر وجود المسلمين ويحرقهم ببعضهم , فيحسبون أن الدين الجديد هو دينهم!
لقد إستفاق المسلمون بعد أربعة عشر قرن من الدين القويم الصالح العادل الرحيم , ليواجهوا دينهم الجديد المُصدر إِليهم عِبر جميع وسائل الإعلام والتواصل المعاصرة , وبواسطة مسميات وشعارات وعناوين ومنظمات وتنظيمات ومراكز بحوث ودراسات , تأهّل فيها بعض العرب ليكونوا ألدّ أعداء الدين والمبشرين بالمستورد الرجيم.
فهناك مئات العمائم المدربة المندسة والملقنة التي تقوم بنشر مبادئ الدين المستورد الذي يسمونه عنوة وجزافا (إسلاما)!
فجعلوا الدين مقرونا بالقتل والعدوان والكراهية والطائفية , والبغضاء والمرارة والفزع والمذلة والهوان والخزي والإمتهان , والإغتصاب والخطف والسلب والنهب والفساد , وتم توفير المؤهلات الكفيلة بصناعة الأحزاب والمجاميع القادرة على الترويع , والقيام بالأعمال الشنيعة المناهضة لأبسط قواعد الدين القويم الذي تربّت عليه الأجيال عبر العصور.
فاليوم نحن أمام هذا الدين الدموي العدواني الإرهابي الغادر, الذي ألبسوه عمامة الإسلام وأطلقوا لحيته , وأغدقوا على رعاته بقناطير من الذهب والفضة والأسلحة والأعتدة والمناصب والسلطات , فتنكروا لحقيقة دينهم , وأخذوا يمارسون دين شيطان أثيم , حتى تحول القتل والخراب وكل خطيئة وعدوان إلى ركن أساسي من أركان هذا الدين , الذي شاع وتمكن وقبض على عنق الدين القويم , فأصبح لا يعرف الرحمة والأخوة والعدل والإحسان وإيتاء ذوي القربى , وحق الجار والعفة والنزاهة والإيمان بالله وكتابه ورسوله , بل أن “أشهد أن لا إله إلا الله….” ما عادت ذات قيمة ومعنى , وتحولت فرائض الدين إلى أقنعة ووسائل للترائي والإحتيال.
فكيف نسيَ المسلمون دينهم الحقيقي وتقبلوا دينا مستوردا يُراد فرضه عليهم على أنه الدين الإسلامي؟!
إن الكثير من علماء وفقهاء الدين العرب خصوصا يتحملون المسؤولية , لعدم مصداقيتهم وتحولهم إلى موجودات دفاعية مستضعفة , تذود عن نفسها ودينها بخوف وتوجس وشك , وتحول العديد منهم إلى مروجين للدين المستورد بما يقدمونه من فتاوى ما أنزل الله بها من سلطان.
كما أنهم أسهموا في زيادة مساحة الجهل والأمية الدينية والقرآنية , حتى صارالناس يقرؤون القرآن وكأنهم يرددون كلماته بلغة لا يفقهون منها شيئا , كمن يقرأ المكتوب بالهندية أو الفارسية , فالعرب أكثرهم يرددون أصوات الكلمات والحروف القرآنية ويتأثرون بالترتيل والتجويد , لكنهم أبعد ما يكونون عن فهم المعنى.
ومن عجائب تفشي الجهل والأمية , أن المسلم يتلقى أربعة محاضرات في خطب الجمعة كل شهر , وهي من المفروض أن تساهم في تعميق المعرفة والثقافة الإسلامية , لكنها على ما يبدو تحولت إلى وسيلة للتجهيل وتعزيز المشاعر السلبية , والتركيز على موضوعات لا تمت بصلة إلى قيم ومعاني الدين السلوكية والفكرية.
لقد تحولت خطب الجمعة في أكثر بلاد المسلمين إلى خطب كراسي ونداءات مآسي , وتأهيل للعدوان والنقمة والخراب والدمار , تحت شعارات دينية وتبريرات كاذبة ومضللة خادعة , وهذا يعني أن العديد من فقهاء وعلماء الدين قد أصبحوا ضحايا لهذا الدين المستورد , المحسوب على الإسلام أو الذي يتم وصم الإسلام به!!
وفي هذا الظرف الصعب تقع على عاتق المسؤولين عن الدين , مهمة وعي مفردات وعناصر وأدوات الدين المستورد , وتأكيد مبادئ وقيم وأصول الدين الإسلامي الحنيف , الذي كنا نعرفه حتى نهاية القرن العشرين , وعدم التوهم بأن ما يتحقق هو من صلب الدين القويم!!
فعودوا إلى دينكم أيها المسلمون ولا تنقرضوا بما يسمونه دين…!